لم تكن التلميذة نوال فارس التي كانت تتابع دراستها بثانوية أبي يعقوب البادسي وتقطن بداخلية الإعدادية الجديدة أن مصيرها مع من ظنت أنها سيكون يوما ما شريك حياتها يقاسمها السراء والضراء ستكون جثة عارية الجسد طافية بشاطئ المنظر الجميل المعروفة بكلا بونيطا يوم 25 دجنبر 2005.
تعرف المتهم على الضحية:
كان المتهم زهير المزداد سنة 1980 بمدينة مكناس ويقطن رفقة والديه وإخوته بحي كلابونيطا بالحسيمة مصلحا لآلات التبريد تعرف على والدي الهالكة عندما قام بإصلاح ثلاجة تخصهما ، ثم تطورت العلاقة بالتعارف بين العائلتين . ولكون الهالكة كانت تتابع دراستها بثانوية البادسي بالحسيمة وتقطن بداخلية الفتيات وبحكم بعدها عن مسقط رأسها دوار إكلاسن ببني بوفراح ،تقدما والدي الهالكة إلى أب المتهم وطلبا منه أن يكون مراسلا لابنته إلا أن ابنه زهير تدخل وأخذ بطاقة تعريف والده واتجه إلى إدارة المؤسسة وحرر وثيقة في اسم والده وأمضى عليها عوضا عنه . وأقنع والدي الضحية بالسماح لابنتهما بقضاء عطلة آخر الأسبوع بمنزل عائلته.
اكتشاف جثة لامرأة مجهولة:
بتاريخ 25 / 12 / 2005 عثر أحد الأشخاص حوالي الساعة السابعة صباحا على جثة ملقاة على بطنها تطفو على سطح الماء بالشاطئ ، فأسرع باتجاه مسجد كلابونيطا حيث قام بإخبار العمال الدين كانوا يقومون ببناء المسجد وتم الاتصال بالشرطة.
ولدى وصول الضابطة إلى عين المكان تم التعرف على الجثة من طرف الأب وزميلات نوال.
اعتراف التلميذات رفيقات الهالكة ونفي المتهم.
في إطار البحث التمهيدي في القضية استمع قاضي التحقيق إلى رفيقات الهالكة ، بعد نفيهن للعداوة والقرابة وأدائهن اليمين القانونية أكدن جميعا أن نوال كانت على علاقة غرامية مع المسمى زهير ، وكانت تخرج معه وترافقه ،وأن الأخير أهدى لها هدية وبعض الأشياء الأخرى.
المتهم زهير الذي تعرف على جثة التلميذة نوال أفاد أنه يوم انتشال الجثة كان ببلدية إمزورن ، وأنه تلقى مكالمة هاتفية من أخيه يخبره بالعثور على جثة الهالكة وأنه كان يترقب أخبارها رفقة عائلتها مند أن توارت عن الأنظار بتاريخ 21 دجنبر 2005 وهي آخر مرة شاهدها فيها رفقة أخيها الصغير وبعض صديقاتها قرب محل عمله ،ومؤكدا أنه لاتربطه أية علاقة بالضحية .
المتهم ينفي علاقته بالضحية وإزهاق روحها.
بمقتضى مطالبة الوكيل العام للملك بإجراء تحقيق، استنطق قاضي التحقيق المتهم ابتدائيا وبحضور دفاعه نفى جميع ما نسب إليه مؤكدا بأنه لم يقتل الضحية ،ولا علاقة له بموتها .
ولدى استنطاقه تفصيليا أكد إنكاره بأنه لم يقم بإزهاق روح الضحية وأن الأخيرة كانت على علاقة بعائلته تزور منزلهم في بعض الأحيان وأن والده كان مراسلا للضحية مع القسم الداخلي وكان هو من يتصل بالمؤسسة السالفة الذكر ،وأن آخر مرة شاهد فيها الضحية نوال كان يوم الأربعاء 21 دجنبر 2005 صباحا عند زيارتها رفقة أخيها محمد له بمحل عمله ، وأوضح أن سبب نفيه أمام الضابطة القضائية لوجود أية علاقة مع الضحية هو خوفه من اتهامه بقتلها مشيرا أنه كان يحب الهالكة ويخرج معها لكن نفى أن يكون قد أهدى لها أي شيء كهدية.
أما التلميذة حنان فصرحت أن أنها يوم تلقيها نبأ وفاة زميلتها دخلت إلى غرفة الهالكة رفقة بعض التلميذات وأن ما أثار انتباهها عبارة : "أحبك يا زهير بادو إلى الأبد " مكتوبة بمداد أحمر على الجدار .
محاولة المجرم إخفاء معالم الجريمة.
أثناء تسرب خبر رمي البحر بجثة نوال بشاطئ كلابونيطا اتصل زهير بصديقات الهالكة حورية وزحل وسناء وأخريات وطلب منهن إتلاف أي دليل أو ورقة تفيد وجود علاقة بينه وبين المرحومة وتسليمه مذكرتها وعدم الإفصاح لعناصر الأمن عن العلاقة الغرامية التي كانت تربط بينهما . كما قام أخ المتهم بتهديدهن قائلا : " والله لي قالت نوال عندها علاقة مع خويا زهير حتى نمحيها من الكرة الأرضية "
وبالفعل وبتاريخ 26 /12 /2005 بينما هن بالمركز في انتظار البحث صادفن زهير وأمرهن بإحضار المذكرة الخاصة بالهالكة ،فقامت سناء بالمهمة فسلمت المجرم رفقة زميلاتها بمر آبه المذكرة الخاصة بالهالكة وأخفاها أمامهن تحت ثلاجة بداخل المر آب ملحا عليهن بكتمان السر ومضيفا أن الهالكة كانت تبيت عند عائلة مدير متقاعد .
حنان أكدت أنها كانت تنوي أخد صورة للعبارة المكتوبة على الجدار بواسطة هاتفها النقال الذي كان بغرفتها ،غير أنها برجوعها إلى غرفة الهالكة اكتشفت أن العبارة قد تم محوها بواسطة أداة حادة.
فرار الهالكة من الداخلية دون رجعة.
أكدت الحارسة العامة للداخلية ف ـ ح أمام قاضي التحقيق أنه في يوم الأربعاء يوم اختفاء الضحية بلغ إلى علمها عن طريق التلميذات صديقاتها القاطنات بالداخلية أن المسماة نوال كانت بإحدى الأجنحة المخصصة لإيواء النزيلات وأنها اختبأت حتى لا تتمكن من رؤيتها ، ثم غادرت الداخلية دون أن تترك دليلا عن مقصدها.وأضافت أن المتهم قدم عندها واستفسرها عمن يروج الإشاعات ضده بخصوص علاقته بالهالكة ، كما طلب منها أن تأذن لبعض الفتيات بمرافقته إلى مستودع الأموات للتعرف على الجثة التي تم العثور عليها .
و أفادت معلمة الداخلية أن الهالكة سبق لها وأن غادرت الداخلية بتوقيع منها يوم 03 دجنبر إلى يوم 05 دجنبر 2005 ،حيث شاهدتها حاملة حقيبتها ولما استفسرتها عن وجهتها أجابتها ستستقر عند عشيقها زهير ،وكانت المرة الأخيرة التي تراها.
مواجهة و شهادات تدين المجرم .
أتت كل التصريحات التي أدلت بها التلميذات زميلات الهالكة والمواجهة بين المجرم والشهود متطابقة ومؤكدة في إدانة المتهم في شأن العلاقة الغرامية بينه وبين الهالكة ، وتناولهما لوجبة الغداء معا يوم اختفائها ،ومرافقة المجرم للضحية إلى الجبال المجاورة لمكان قتلها، وعن وطلبه بعدم الإفصاح عن هده العلاقة لعناصر الشرطة، إضافة إلى تمكن زهير من استئذان إدارة الداخلية لمرافقة الضحية إلى منزل عائلته .
أخ زهير بدوره أكد أن الأخير لم يتناول وجبة الغداء بالمنزل يوم اختفاء نوال وأضاف أن أخاه أخبره أنه وقع في مشاداة كلامية مع ابن خالته حول الضحية كونه يشك في هدا الأخير خاصة عند علمه أنهما يتبادلان الاتصال عبر الهاتف .
جمعية ما تقيس ولادي تنتدب محاميان للدفاع عن الضحية.
نظرا للضر وف الاجتماعية لوالدي الضحية ،ومن أجل استجلاء الحقيقة والوصول إلى قاتل التلميدة نوال التي كانت تتميز بأخلاق عالية وسلوك حسن كما يشهد بدلك الجميع انتدبت جمعية ماتقيس ولادي المحاميان د/ عبد الله الناجي ود/ علي فهمي لمؤازرة عائلة الضحية .
وبتاريخ 17 مايو 2006 أحال قاضي التحقيق المتهم بمقتضى قرار الإحالة من أجل جناية القتل العمد مع سبق الإصرار طبقا للفصول 392 و 334 و 493 من القانون الجنائي فتح لها ملف رقم 125/06.
وبجلسة 25 أبريل 2007 بعد مناقشة القضية قررت المحكمة إجراء تحقيق تكميلي في القضية طبقا للفصل 439 من قانون المسطرة الجنائية.وبعد الاستماع للتلميذات زميلات الهالكة أكدن أنها اتصلت هاتفيا بالمتهم قصد التوجه إليه من أجل الغداء صبيحة يوم الأربعاء من مخدع هاتفي متواجد بشارع عبد الخالق الطريس حي المنزه وبعد إجراء خبرة حول رقمي الهاتف للهالكة والمتهم تأكد الاتصال.
الحكم ب20 سنة سجنا نافدا على المجرم وتعويض درهم رمزي.
بناء على ملتمس النيابة العامة والرامي إلى مواصلة إجراءات محاكمة المتهم زهير في الملف الجنائي رقم 125 /2006 أصدرت محكمة الاستئناف في جلستها العلنية بداية الأسبوع الأول من شهر فبراير 2008 حكمها القاضي بإدانة المتهم ب20سنة سجنا نافدا وبغرامة درهم رمزي لكل واحد من دوي حقوق الضحية.
عن النهار المغربية: البشير أمزيان الإدريسي.