تثاءب بشدة ثم طوح يديه فى فضائه المحيط. قبل أن يعيدهما ببطء. قام الأستاذ جميل موظف السجل المدنى أخيرا من كرسي يتحرك ناحية مفتاح النور ليغلقه.حاولت إمرأة عجوز أن تدركه برجاء لحوح.لم يلتفت لها و هو يغلق الباب."بكرة" قالها مع جهد كبير. لم يحاول حتى أن ينظر لها .
فى الطريق حاول أحد المتسولين إستيقافه و لم يفلح .ألح عليه وهو يهرول وراءه قبل أن يتوقف فجأة و يستدير نحو المتسول ثم يمد يدا جسورة نحو جيب جلباب المتسول الذى بوغت بالرجل يقبض على كل جيبه بما حوى"أعطنى أنت شيئا من هذا الكثير". "كلهم كلام فارغ يابيه و الله لايأكلونى أنا أو عيالى" قالها الرجل قبل أن يجذب جلبابه و ينطلق مسرعا بعيدا عنه.
فى موقف الباصات إستطاع أن يتقدم الجمع المهرول خلف الحافلة أستخدم ذراعيه لقويتين الممسكتين بجانبى الباب الأمامى للحافلة بقوة ليحتجز من وراءه حتى يستقر فوق الحافلة. أستطاع بهذه المناورة الوصول أولا للمقعد الوحيد غير المشغول على ظهر الحافلة المحتشدة الآن. و هو يهيأ لظهره متكأه لمح أحد اللصوص يستل حافظة أحدهم بالقرب من الباب قبل أن يقفز سريعا خارج الحافلة التى تحركت بالفعل مما جعل النشال يسقط على ظهره . شاهد السائق واقعة السقوط فتوقف بفرملة سريعة قبل ولوج الساقط تحت العجلات .أندفع الواقفون بسرعة فى اتجاه أمامى متلاحمين نتيجة التوقف المفاجئ تابع المشهد من النافذة مبتسما و هو يرى الضحية مع أخرين يأخذون بيد السارق يقيموه و يواسوه ببعض الكلمات دون أن يدروا أنه لص . إرتد بصره إلى داخل الأتوبيس ليلتقط مشهد شاب محولا الاحتكاك بفتاه .تابع المشهد بحرص و رغبة.ابتسم لمحاولات الفتاة اليائسة فى الانفصال عن الجسد الملتحم بها و الذى بدت رغبته المتوحشة تزداد و يفقد حرص اللص. إنفجر الصخب داخل الحافلة عندما هوت الفتاة بكلتا يديها فى صدر الشاب و أتبعتها ببصقة فى وجهه مع صرخة مستغيثة ,أدار وجهه و اخترق بناظره نافذة الباص ليتابع فرار اللص بالغنيمة.
عندما لآحظ قرب بلوغ الحافلة لمحطته إندفع ناحية الباب ليتخذ موقعه فى مقدمة الهابطين دون أن يبالى بصيحة أحدهم و قد دهس قدمه فى طريقه. لم يحاول حتى أن يفسر بسمعه ما يقول الرجل.
إنطلق مسرعا عابرا عدة شوارع قبل أن يقف لاهثا أمام مبنى ضخم ثم يسرع بعد لحطات ناهبا درجات السلم المؤدى للباب الررئيسى للمبنى ثم مرة أخرى ينهب مسرعا السلم المؤدى إلى الدور ألأول ثم نحو غرفة يجلس فيها رجل وحيد على مكتب فخم. يتهلل و جهه و هو يخرج عدة جنيهات يقدمها للرجل الجالس "الحمد لله ..اليوم أخر موعد لسداد الاشتراكات .. إعلان التلفزيون ذكرنى بالأمس"
:" خير .. تستطيع الآن أن تشارك فى انتخابات الحزب يا أستاذ جميل"
على رصيف مبنى الحزب وقف لحظة و هو يستدير برأسه ناحية اللافتة الضخمة على مقر الحزب الحاكم و كأنه يقرأها لأول مرة.
فتحت أم جميل الباب وهى تستقبل اثنين من أصدقاء إبنها بشير
:أهلا بكم ..تقضلا بشير بالداخل
يدخل شابان مطأطأى الرأس فى أدب واضح و يتجهان مباشرة إلى غرفة صاحبهم.
فى غرفة مجاورة كان جميل ممددا فى فراشه يبث دخان سيجاره فى أجواء غرفته الضيقة فتزداد اختناقا لكنه كان قد اعتاد هذا الطقس الدخانى فى كل حجرة يتردد عليها.كان عاشقا حقيقيا لكل أنواع الدخان و كل وسائل التدخين .كان يهزأ ممن ينصحه بالاقلاع عن هذا السم القاتل و يتهم الطعام أنه أشد خطرا كان يردد ذلك ضاحكا فلاتدرى أجاد هو فى دعواه أم مازح.
قام ببطء من فراشه متوجها إلى شباك الغرفة الموارب.فك معلاقه و بضغطة من يده تباعدت ضلفتى الشباك سريعا كل اى حائطه المجاور.قذف بعقب السيجارة بركلة من إبهامه كأنه يرمى كأنه يرمى طساً فى الهواء.ارتفعت السيجارة بضع ياردات ثم تهاوت فى هاوية المسقط الذى فتحت عليه نوافذ للتهوية لكل الغرف المطلة عليه.كان يتابع سقوط عقب السيجارة عندما اندفعت إلى مشهد نافذة شبه مفتوحة إمرأة بضة الجسد فى ثوب خفيف .تراجع نصف خطوة للوراء ثم عدل عن قراره و عاد متكئا بذراعيه على إطار النافذة و قد كادت راسه أن تخرج منها.كانت المرأة تطارد طفل لها لم يتجاوز الثالثة حين أحكمت إمساكه تحت النافذة . كان إنثتاء المرأة فرصة له ليتابع الحركة الماردة لنهديها قبل أن تعتدل واقفة ثم سرعان ما انتبهت لنظراته الوقحة فدفعت بيسراها ضلفتى النافذة بحركة عصبية ونظرة ناقمة بينما كانت تتمتم بكلمات تبدو غاضبة.أحكمت أغلاق النافذة بيد واحدة حيث كانت تحمل الطفل باليد الأخرى . أطلق زفرة وهو يلتفت إلى داخل الغرفة و كأنه يعترض على استياء المرأة وتمتماتها ضده.عاد إلى كرسى خيرزان بجوار سريره عندما انتبه لأصوات خافته تصل من الغرفة الأخرى.
بهدوء فتح باب غرفته و بعد بضع خطوات أخرى كان ملصقا أذنه على باب غرفة أخيه حيث التقط بضع كلمات لم يفهم منها شيئا. حاول التمدد على أطراف أصابعه ليلقى نظرة من زجاج الباب أعلاه على من بالداخل. الأم و قد خرجت لصالة البيت تحمل صينية غليها أكواب الشاى و قد ساءها ما تراه من تلصص جميل على أخيه
: حرام ياإبنى.... ثم راعى مشاعر أخيك
يلتفت لها و قد بدت عل وجهه علامات الضيق
: وهو؟ ..ألا يجب أن يراعى حياتنا كلها؟.....هذه الاجتماعات خطيرة و تضرنا كلنا
الأم: انت تعرف بشير اخيك من صغره...هو انسان صالح ...ماذا يفعلون غير قراءة القرآن و تفسيره..خذ كوب شايك ياإبنى و ادخل غرفتك
جميل: أى تفسير.....تفسير المشايخ أم تفسيرات خاصة بهم؟....إبنك ينوى أن يسوقنا جميعا إلى مصيبة..(يعلو صوته) أنا لن أسمح لأحد أن يضرنى....إن كان مصمما على هذه الأفعال ..ففى خارج البيت متسع...قلت هذا الكلام قبل ذلك ..و انا الكبير فى البيت و كلامى لابد أن يسمع
يتجه نحو الباب ليفتحه بقوة مع محاولة لمه أن تثنيه:اصبر يا جميل ..انتظر ...لا يصح... هم ضيوف.قبل أن يدير مزلاج الباب بيده كان بشير أخوه قد فتح الباب و التقيا وجها لوجه ومن ورائه اصحابه وقوف يتأهبون للأنصراف و قد فطنوا للموقف.
(3)
مدينة المنصورة مدينة تأخذ بسحرها قلوب أهلها...يجيد أهلها فن الحياة ..على اختلاف و فروق بينها و بين المدن من حولها..و هى بحق عروس النيل...ليس لجغرافيتها و لكن للروح التى تحسها و أنت تسير فى شوارعها أو تتسكع على مقاهيها.
على مقهى أندريا المطل على المجرى المتسع للنيل لا يفصل بينهما الا شارع البحر كما يسمونه أهلها و حيث تزدحم الحياة فيه ومع ذلك لا ينطفئ رونقه أبدا, جلس أسامه و سمير يتبادلان الحديث مع حسوات الشاى .هما صديقان قديمان لم يمنعهما تخرجهما و اشتغالهما من استمرار الصداقة التى بدأت من أيام الجامعة حيث جمعهم فريق الجوالة مع جميل حسن الشربينى فى جامعة المنصورة . جميل هو ابن عم لسمير و الثلاثة مع صديقهم الرابع عادل وديع اعتادوا التلاقى فى هذا المقهى من بعد مغرب كل يوم حيث قد يطول بهم السهر أحيانا ما بين الثرثرة ولعبة الطاولة أو الدومينو ومع أدخنة الشيشة من حين لأخر ولم يكن يقطع ذلك سوى مشاهدة مباريات الدورى العام فى تلفاز المقهى. عادل و جميل أكثر ولوعا و عصبية فى مشاهدة المباريات و كلاهما كانا يلعبان سويا فى فريق كلية التجارة فى نفس الفترة التى كانا ينتظمان فيها فى التدريب مع ناشئى نادى المنصورة.أسامه أيضا تخرج معهما من نفس الكلية لكنه كان يهوى تنس الطاولة أكثر من كرة القدم. الآن يشاركهم هواية مشاهدة معظم مباريات كرة القدم التى يعرضها التلفزيون. سمير إبن عم جميل لم يتخرج مثلهم من كلية التجارة بل هو خريج هندسة و يعمل كمهندس ميكانيكى بمصنع سماد طلخا. ظروف عمل سمير و نوبات الشغل لم تمكنه دائما من الانتظام اليومى مع المجموعة فى المقهى.
رن صوتا المحمول فى جيب أسامه الذى أخرجه وألقى نظرة على رقم المتصل ثم سرعان ما رفعه إلى أذنه.
أسامه : خيرا يا جميل؟ . أين أنت الآن؟ صمت قليلا ثم أنهى مكالمته بقوله "طيب .مع السلامة"
أعاد هاتفه المحمول لجيب السترة التى يرتديها.أطرق لحظة ثم وجه حديثه لسمير :
جميل فى قسم الشرطة و يطلب منى الاتصال بمينا أخى عادل.
أبدى سمير انزعاجه و قد ارتفع صوته:
ضابط الشرطة ؟ أكيد مشكلة أخرى.....مشكلة أخرى؟
فى الطريق حاول أحد المتسولين إستيقافه و لم يفلح .ألح عليه وهو يهرول وراءه قبل أن يتوقف فجأة و يستدير نحو المتسول ثم يمد يدا جسورة نحو جيب جلباب المتسول الذى بوغت بالرجل يقبض على كل جيبه بما حوى"أعطنى أنت شيئا من هذا الكثير". "كلهم كلام فارغ يابيه و الله لايأكلونى أنا أو عيالى" قالها الرجل قبل أن يجذب جلبابه و ينطلق مسرعا بعيدا عنه.
فى موقف الباصات إستطاع أن يتقدم الجمع المهرول خلف الحافلة أستخدم ذراعيه لقويتين الممسكتين بجانبى الباب الأمامى للحافلة بقوة ليحتجز من وراءه حتى يستقر فوق الحافلة. أستطاع بهذه المناورة الوصول أولا للمقعد الوحيد غير المشغول على ظهر الحافلة المحتشدة الآن. و هو يهيأ لظهره متكأه لمح أحد اللصوص يستل حافظة أحدهم بالقرب من الباب قبل أن يقفز سريعا خارج الحافلة التى تحركت بالفعل مما جعل النشال يسقط على ظهره . شاهد السائق واقعة السقوط فتوقف بفرملة سريعة قبل ولوج الساقط تحت العجلات .أندفع الواقفون بسرعة فى اتجاه أمامى متلاحمين نتيجة التوقف المفاجئ تابع المشهد من النافذة مبتسما و هو يرى الضحية مع أخرين يأخذون بيد السارق يقيموه و يواسوه ببعض الكلمات دون أن يدروا أنه لص . إرتد بصره إلى داخل الأتوبيس ليلتقط مشهد شاب محولا الاحتكاك بفتاه .تابع المشهد بحرص و رغبة.ابتسم لمحاولات الفتاة اليائسة فى الانفصال عن الجسد الملتحم بها و الذى بدت رغبته المتوحشة تزداد و يفقد حرص اللص. إنفجر الصخب داخل الحافلة عندما هوت الفتاة بكلتا يديها فى صدر الشاب و أتبعتها ببصقة فى وجهه مع صرخة مستغيثة ,أدار وجهه و اخترق بناظره نافذة الباص ليتابع فرار اللص بالغنيمة.
عندما لآحظ قرب بلوغ الحافلة لمحطته إندفع ناحية الباب ليتخذ موقعه فى مقدمة الهابطين دون أن يبالى بصيحة أحدهم و قد دهس قدمه فى طريقه. لم يحاول حتى أن يفسر بسمعه ما يقول الرجل.
إنطلق مسرعا عابرا عدة شوارع قبل أن يقف لاهثا أمام مبنى ضخم ثم يسرع بعد لحطات ناهبا درجات السلم المؤدى للباب الررئيسى للمبنى ثم مرة أخرى ينهب مسرعا السلم المؤدى إلى الدور ألأول ثم نحو غرفة يجلس فيها رجل وحيد على مكتب فخم. يتهلل و جهه و هو يخرج عدة جنيهات يقدمها للرجل الجالس "الحمد لله ..اليوم أخر موعد لسداد الاشتراكات .. إعلان التلفزيون ذكرنى بالأمس"
:" خير .. تستطيع الآن أن تشارك فى انتخابات الحزب يا أستاذ جميل"
على رصيف مبنى الحزب وقف لحظة و هو يستدير برأسه ناحية اللافتة الضخمة على مقر الحزب الحاكم و كأنه يقرأها لأول مرة.
فتحت أم جميل الباب وهى تستقبل اثنين من أصدقاء إبنها بشير
:أهلا بكم ..تقضلا بشير بالداخل
يدخل شابان مطأطأى الرأس فى أدب واضح و يتجهان مباشرة إلى غرفة صاحبهم.
فى غرفة مجاورة كان جميل ممددا فى فراشه يبث دخان سيجاره فى أجواء غرفته الضيقة فتزداد اختناقا لكنه كان قد اعتاد هذا الطقس الدخانى فى كل حجرة يتردد عليها.كان عاشقا حقيقيا لكل أنواع الدخان و كل وسائل التدخين .كان يهزأ ممن ينصحه بالاقلاع عن هذا السم القاتل و يتهم الطعام أنه أشد خطرا كان يردد ذلك ضاحكا فلاتدرى أجاد هو فى دعواه أم مازح.
قام ببطء من فراشه متوجها إلى شباك الغرفة الموارب.فك معلاقه و بضغطة من يده تباعدت ضلفتى الشباك سريعا كل اى حائطه المجاور.قذف بعقب السيجارة بركلة من إبهامه كأنه يرمى كأنه يرمى طساً فى الهواء.ارتفعت السيجارة بضع ياردات ثم تهاوت فى هاوية المسقط الذى فتحت عليه نوافذ للتهوية لكل الغرف المطلة عليه.كان يتابع سقوط عقب السيجارة عندما اندفعت إلى مشهد نافذة شبه مفتوحة إمرأة بضة الجسد فى ثوب خفيف .تراجع نصف خطوة للوراء ثم عدل عن قراره و عاد متكئا بذراعيه على إطار النافذة و قد كادت راسه أن تخرج منها.كانت المرأة تطارد طفل لها لم يتجاوز الثالثة حين أحكمت إمساكه تحت النافذة . كان إنثتاء المرأة فرصة له ليتابع الحركة الماردة لنهديها قبل أن تعتدل واقفة ثم سرعان ما انتبهت لنظراته الوقحة فدفعت بيسراها ضلفتى النافذة بحركة عصبية ونظرة ناقمة بينما كانت تتمتم بكلمات تبدو غاضبة.أحكمت أغلاق النافذة بيد واحدة حيث كانت تحمل الطفل باليد الأخرى . أطلق زفرة وهو يلتفت إلى داخل الغرفة و كأنه يعترض على استياء المرأة وتمتماتها ضده.عاد إلى كرسى خيرزان بجوار سريره عندما انتبه لأصوات خافته تصل من الغرفة الأخرى.
بهدوء فتح باب غرفته و بعد بضع خطوات أخرى كان ملصقا أذنه على باب غرفة أخيه حيث التقط بضع كلمات لم يفهم منها شيئا. حاول التمدد على أطراف أصابعه ليلقى نظرة من زجاج الباب أعلاه على من بالداخل. الأم و قد خرجت لصالة البيت تحمل صينية غليها أكواب الشاى و قد ساءها ما تراه من تلصص جميل على أخيه
: حرام ياإبنى.... ثم راعى مشاعر أخيك
يلتفت لها و قد بدت عل وجهه علامات الضيق
: وهو؟ ..ألا يجب أن يراعى حياتنا كلها؟.....هذه الاجتماعات خطيرة و تضرنا كلنا
الأم: انت تعرف بشير اخيك من صغره...هو انسان صالح ...ماذا يفعلون غير قراءة القرآن و تفسيره..خذ كوب شايك ياإبنى و ادخل غرفتك
جميل: أى تفسير.....تفسير المشايخ أم تفسيرات خاصة بهم؟....إبنك ينوى أن يسوقنا جميعا إلى مصيبة..(يعلو صوته) أنا لن أسمح لأحد أن يضرنى....إن كان مصمما على هذه الأفعال ..ففى خارج البيت متسع...قلت هذا الكلام قبل ذلك ..و انا الكبير فى البيت و كلامى لابد أن يسمع
يتجه نحو الباب ليفتحه بقوة مع محاولة لمه أن تثنيه:اصبر يا جميل ..انتظر ...لا يصح... هم ضيوف.قبل أن يدير مزلاج الباب بيده كان بشير أخوه قد فتح الباب و التقيا وجها لوجه ومن ورائه اصحابه وقوف يتأهبون للأنصراف و قد فطنوا للموقف.
(3)
مدينة المنصورة مدينة تأخذ بسحرها قلوب أهلها...يجيد أهلها فن الحياة ..على اختلاف و فروق بينها و بين المدن من حولها..و هى بحق عروس النيل...ليس لجغرافيتها و لكن للروح التى تحسها و أنت تسير فى شوارعها أو تتسكع على مقاهيها.
على مقهى أندريا المطل على المجرى المتسع للنيل لا يفصل بينهما الا شارع البحر كما يسمونه أهلها و حيث تزدحم الحياة فيه ومع ذلك لا ينطفئ رونقه أبدا, جلس أسامه و سمير يتبادلان الحديث مع حسوات الشاى .هما صديقان قديمان لم يمنعهما تخرجهما و اشتغالهما من استمرار الصداقة التى بدأت من أيام الجامعة حيث جمعهم فريق الجوالة مع جميل حسن الشربينى فى جامعة المنصورة . جميل هو ابن عم لسمير و الثلاثة مع صديقهم الرابع عادل وديع اعتادوا التلاقى فى هذا المقهى من بعد مغرب كل يوم حيث قد يطول بهم السهر أحيانا ما بين الثرثرة ولعبة الطاولة أو الدومينو ومع أدخنة الشيشة من حين لأخر ولم يكن يقطع ذلك سوى مشاهدة مباريات الدورى العام فى تلفاز المقهى. عادل و جميل أكثر ولوعا و عصبية فى مشاهدة المباريات و كلاهما كانا يلعبان سويا فى فريق كلية التجارة فى نفس الفترة التى كانا ينتظمان فيها فى التدريب مع ناشئى نادى المنصورة.أسامه أيضا تخرج معهما من نفس الكلية لكنه كان يهوى تنس الطاولة أكثر من كرة القدم. الآن يشاركهم هواية مشاهدة معظم مباريات كرة القدم التى يعرضها التلفزيون. سمير إبن عم جميل لم يتخرج مثلهم من كلية التجارة بل هو خريج هندسة و يعمل كمهندس ميكانيكى بمصنع سماد طلخا. ظروف عمل سمير و نوبات الشغل لم تمكنه دائما من الانتظام اليومى مع المجموعة فى المقهى.
رن صوتا المحمول فى جيب أسامه الذى أخرجه وألقى نظرة على رقم المتصل ثم سرعان ما رفعه إلى أذنه.
أسامه : خيرا يا جميل؟ . أين أنت الآن؟ صمت قليلا ثم أنهى مكالمته بقوله "طيب .مع السلامة"
أعاد هاتفه المحمول لجيب السترة التى يرتديها.أطرق لحظة ثم وجه حديثه لسمير :
جميل فى قسم الشرطة و يطلب منى الاتصال بمينا أخى عادل.
أبدى سمير انزعاجه و قد ارتفع صوته:
ضابط الشرطة ؟ أكيد مشكلة أخرى.....مشكلة أخرى؟
عدل سابقا من قبل في الأربعاء يناير 09, 2008 8:21 pm عدل 1 مرات