ابان فترة الحماية الفرنسية، خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية، قامت السلطات الفرنسية بتسهيل هجرة عدد كبير من اليهود المغاربة نحو اسرائيل، كما عملت مجموعة من المنظمات الصهيونية التي انتشرت عبر بقاع العالم علي ترحيل اليهود الي اسرائيل الدولة الحديثة النشأة.
ومع استقلال المغرب، وظهور الحركات القومية العربية، عرف وجود اليهود بعض المشاكل خصوصا بعد منع الهجرة الجماعية التي مكنت من قبل تهجير عدد هائل من اليهود المغاربة للالتحاق باسرائيل.
في هذه الفترة، كثفت الحركة الصهيونية من عملها وتحركاتها الي درجة انها اضفت طابعا مثاليا ومقدسا علي هذه الهجرة، واصفة اياها بـ الهجرة الي الارض الموعودة .
لم تتوقف عملية تهجير اليهود رغم الصعوبات الجمة التي فرضتها السلطات المغربية، اذ تمت مواجهتها في احايين عدة باللجوء الي الهجرة السرية.
في هذا السياق التاريخي تدور قصة الشريط، وهو سياق مرتبط اساسا بفترة الستينات من القرن الماضي، او ما يطلق عليه بـ السنوات السوداء لهجرة اليهود المغاربة نحو اسرائيل. حيث ساد من جهة وئام وتفاهم بين اليهود والمسلمين، ومن جهة اخري ذاك الاحساس المغلف بحيرة تنازعها رغبتان وهما: البقاء او الرحيل الذي يأخذ صفة الاجتثاث.
تجمع هذه القصة في الآن نفسه بين الكوميديا والتراجيديا، في تناولها للاحداث المبنية علي وقائع حقيقية.
يدور الفيلم في سنة 1960 عن شخصين: ابراهيم و هنري الاول مسلم والثاني يهودي يملكان معملا، وتجمعهما صداقة متينة وقوية وذلك منذ مرحلة الطفولة. كما ان زوجتيهما فاطمة وروث مرتبطتان كذلك بعلاقة صداقة وتعملان معا في مكتب للتأمين.
وبالنظر الي كون فاطمة امرأة عاقر، فقد كانت تعتبر ولدي روث (افي وعايدة) بمثابة ابنيها.
في هذه الفترة بدأت الساكنة اليهودية تواجه بعض الصعوبات المالية والممارسات غير المعهودة من قبل، فرضتها الظرفية السياسية السائدة آنذاك.
ذات يوم وعند الخروج من المعبد اليهودي تتعرض ماما حنا ام روث الي اعتداء امام اعين اسرتها وذلك من طرف بعض الشبان المتهورين. هذا الحادث وقع امام انظار بنشتريت اليهودي المكلف بتتبع عمليات تأطير وتهجير الجالية اليهودية. بالتوازي، اليان ابنة شوشانا و المهدي ابن بنشقرون يدرسان معا في المدرسة التقنية، تجمع بينهما علاقة حب قوية. لكن شوشنا (شخصية تقليدية ومتعصبة) كان لها موقف متصلب من هذه العلاقة.
تتوفي ماما حنا ويشعر هنري وابراهيم بتراجع اعمالهما واضمحلال مشروعهما.
من خلال الزيارات المتكررة، يقنع بنشتريت هنري بفكرة الرحيل الي اسرائيل بعد ان بين له الوجه الايجابي لها وما يمكن ان يجنيه من تحسين لوضعيته واستقرار لعائلته. يقرر واكنين صاحب مكتب التأمينات الذي تعمل به روث وفاطمة الالتحاق باحفاده باسرائيل، بعدما يتفق مع بنشقرون المتخصص في تصفية الممتلكات اليهودية في المغرب، علي ان يبيع له ممتلكاته.
كانت نفيسة ام المهدي علي علم بالعلاقة التي تجمع بين ابنها المهدي و اليان، لكن عندما تعلم بان هذه الاخيرة حامل ترفض فكرة الارتباط بها. ولم تسلم اليان من ضغوط بنشتريت الذي كان يستعمل كل الوسائل لاقناعها بفكرة الرحيل.
اتخذ هنري قرار الهجرة فاوصي صديقه ابراهيم بالعناية باسرته علي ان تلتحق به فيما بعد. لكن الامور سارت عكس ما كان يتمني. فالمركب الذي كان يقله الي جانب المهجرين غرق ولم ينج اي احد.
تصاب روث زوجته بصدمة تنقل علي اثرها الي المستشفي، حيث يكتشف الاطباء صدفة اصابتها بمرض السرطان.
روث تستسلم لمرضها الذي اثر علي صحتها بشكل كبير، ما جعلها تتيقن بان ايامها صارت معدودة. تطلب من ابراهيم وفاطمة التكفل بابنيها، وهو ما قاما به، باكمال الرسالة وتنفيذ الوصية..
ارتسامات المخرج
يعالج الشريط وداعا امهات ، موضوعا معقدا ومؤثرا، حيث يستحضر فترة كانت تتميز بتعايش وصفاء كبيرين مع تواجد طائفة مهمة من اليهود بالمغرب، اذ نسجت وطيلة عقود علاقات اخوة اتسمت بالانسجام بين اليهود والمسلمين. وهو موضوع انساني لم يسبق التطرق اليه في السينما المغربية.
يقول المخرج ان ما تكتسبه هذه الفترة من اهمية من حيث غناها علي مستوي الاحداث، هو الذي حفزه علي انجاز هذا العمل ركزنا بشكل كبير علي فترة الستينات الموصوفة بـ السنوات السوداء لهجرة اليهود والمتميزة بنوع من الصعوبة لكونها تمثل الدفعة الاولي لبداية الهجرة السرية لليهود المغاربة .
الشريط وبموازاة الخاصية التاريخية ، يعالج احداثا تراجيدية في قالب ميلودرامي يصور بطريقة سهلة حيث يعيش حالة تساكن سلمي.
ولمنح اكثر ما يمكن من الهوية لشخصيات الفيلم واعطاء خطاب الفيلم مصداقية سياسية وتاريخية، يقول المخرج: قمنا باستدعاء مجموعة من النجوم المعروفين من داخل وخارج المغرب اما بخصوص اعطاء المصداقية للشخصيات اليهودية، فقد استعنا باسماء لها تجربة في الميدان. قمنا باختيار دقيق للديكورات التي ستجري فيها احداث الشريط عبر مختلف المدن التي شهدت في الماضي كثافة سكانية يهودية مهمة وهذا عامل يزيد من واقعية الفيلم.
صورنا في بعض الاماكن التي تركها اليهود الذي هاجروا، ديكورات تنبض بالحياة وكان سكانها لم يغادروها الا في الامس. لقد تم القيام بعمل جبار علي مستوي اللباس والاكسسورات والسيارات المستعملة من اجل ان نجعل المشاهد يعيش فترة الستينات بكل ابعادها وطقوسها.
اعتمدنا علي طريقة سكوب من اجل يكون للبيئة والديكور اهمية كبري لدي المتلقي.
من خلال هذا الشريط الذي صور ذاك الحب النموذجي للآخر دون اي تمييز في مواجهة تقلبات الحياة. فهذا الذي نروم ايصاله والدعوة الي ان يؤمن به كل واحد في دواخله: الامل في ان يأتي يوم نعاين فيه تساكنا وتعايشا في فضاء واحد.
ومع استقلال المغرب، وظهور الحركات القومية العربية، عرف وجود اليهود بعض المشاكل خصوصا بعد منع الهجرة الجماعية التي مكنت من قبل تهجير عدد هائل من اليهود المغاربة للالتحاق باسرائيل.
في هذه الفترة، كثفت الحركة الصهيونية من عملها وتحركاتها الي درجة انها اضفت طابعا مثاليا ومقدسا علي هذه الهجرة، واصفة اياها بـ الهجرة الي الارض الموعودة .
لم تتوقف عملية تهجير اليهود رغم الصعوبات الجمة التي فرضتها السلطات المغربية، اذ تمت مواجهتها في احايين عدة باللجوء الي الهجرة السرية.
في هذا السياق التاريخي تدور قصة الشريط، وهو سياق مرتبط اساسا بفترة الستينات من القرن الماضي، او ما يطلق عليه بـ السنوات السوداء لهجرة اليهود المغاربة نحو اسرائيل. حيث ساد من جهة وئام وتفاهم بين اليهود والمسلمين، ومن جهة اخري ذاك الاحساس المغلف بحيرة تنازعها رغبتان وهما: البقاء او الرحيل الذي يأخذ صفة الاجتثاث.
تجمع هذه القصة في الآن نفسه بين الكوميديا والتراجيديا، في تناولها للاحداث المبنية علي وقائع حقيقية.
يدور الفيلم في سنة 1960 عن شخصين: ابراهيم و هنري الاول مسلم والثاني يهودي يملكان معملا، وتجمعهما صداقة متينة وقوية وذلك منذ مرحلة الطفولة. كما ان زوجتيهما فاطمة وروث مرتبطتان كذلك بعلاقة صداقة وتعملان معا في مكتب للتأمين.
وبالنظر الي كون فاطمة امرأة عاقر، فقد كانت تعتبر ولدي روث (افي وعايدة) بمثابة ابنيها.
في هذه الفترة بدأت الساكنة اليهودية تواجه بعض الصعوبات المالية والممارسات غير المعهودة من قبل، فرضتها الظرفية السياسية السائدة آنذاك.
ذات يوم وعند الخروج من المعبد اليهودي تتعرض ماما حنا ام روث الي اعتداء امام اعين اسرتها وذلك من طرف بعض الشبان المتهورين. هذا الحادث وقع امام انظار بنشتريت اليهودي المكلف بتتبع عمليات تأطير وتهجير الجالية اليهودية. بالتوازي، اليان ابنة شوشانا و المهدي ابن بنشقرون يدرسان معا في المدرسة التقنية، تجمع بينهما علاقة حب قوية. لكن شوشنا (شخصية تقليدية ومتعصبة) كان لها موقف متصلب من هذه العلاقة.
تتوفي ماما حنا ويشعر هنري وابراهيم بتراجع اعمالهما واضمحلال مشروعهما.
من خلال الزيارات المتكررة، يقنع بنشتريت هنري بفكرة الرحيل الي اسرائيل بعد ان بين له الوجه الايجابي لها وما يمكن ان يجنيه من تحسين لوضعيته واستقرار لعائلته. يقرر واكنين صاحب مكتب التأمينات الذي تعمل به روث وفاطمة الالتحاق باحفاده باسرائيل، بعدما يتفق مع بنشقرون المتخصص في تصفية الممتلكات اليهودية في المغرب، علي ان يبيع له ممتلكاته.
كانت نفيسة ام المهدي علي علم بالعلاقة التي تجمع بين ابنها المهدي و اليان، لكن عندما تعلم بان هذه الاخيرة حامل ترفض فكرة الارتباط بها. ولم تسلم اليان من ضغوط بنشتريت الذي كان يستعمل كل الوسائل لاقناعها بفكرة الرحيل.
اتخذ هنري قرار الهجرة فاوصي صديقه ابراهيم بالعناية باسرته علي ان تلتحق به فيما بعد. لكن الامور سارت عكس ما كان يتمني. فالمركب الذي كان يقله الي جانب المهجرين غرق ولم ينج اي احد.
تصاب روث زوجته بصدمة تنقل علي اثرها الي المستشفي، حيث يكتشف الاطباء صدفة اصابتها بمرض السرطان.
روث تستسلم لمرضها الذي اثر علي صحتها بشكل كبير، ما جعلها تتيقن بان ايامها صارت معدودة. تطلب من ابراهيم وفاطمة التكفل بابنيها، وهو ما قاما به، باكمال الرسالة وتنفيذ الوصية..
ارتسامات المخرج
يعالج الشريط وداعا امهات ، موضوعا معقدا ومؤثرا، حيث يستحضر فترة كانت تتميز بتعايش وصفاء كبيرين مع تواجد طائفة مهمة من اليهود بالمغرب، اذ نسجت وطيلة عقود علاقات اخوة اتسمت بالانسجام بين اليهود والمسلمين. وهو موضوع انساني لم يسبق التطرق اليه في السينما المغربية.
يقول المخرج ان ما تكتسبه هذه الفترة من اهمية من حيث غناها علي مستوي الاحداث، هو الذي حفزه علي انجاز هذا العمل ركزنا بشكل كبير علي فترة الستينات الموصوفة بـ السنوات السوداء لهجرة اليهود والمتميزة بنوع من الصعوبة لكونها تمثل الدفعة الاولي لبداية الهجرة السرية لليهود المغاربة .
الشريط وبموازاة الخاصية التاريخية ، يعالج احداثا تراجيدية في قالب ميلودرامي يصور بطريقة سهلة حيث يعيش حالة تساكن سلمي.
ولمنح اكثر ما يمكن من الهوية لشخصيات الفيلم واعطاء خطاب الفيلم مصداقية سياسية وتاريخية، يقول المخرج: قمنا باستدعاء مجموعة من النجوم المعروفين من داخل وخارج المغرب اما بخصوص اعطاء المصداقية للشخصيات اليهودية، فقد استعنا باسماء لها تجربة في الميدان. قمنا باختيار دقيق للديكورات التي ستجري فيها احداث الشريط عبر مختلف المدن التي شهدت في الماضي كثافة سكانية يهودية مهمة وهذا عامل يزيد من واقعية الفيلم.
صورنا في بعض الاماكن التي تركها اليهود الذي هاجروا، ديكورات تنبض بالحياة وكان سكانها لم يغادروها الا في الامس. لقد تم القيام بعمل جبار علي مستوي اللباس والاكسسورات والسيارات المستعملة من اجل ان نجعل المشاهد يعيش فترة الستينات بكل ابعادها وطقوسها.
اعتمدنا علي طريقة سكوب من اجل يكون للبيئة والديكور اهمية كبري لدي المتلقي.
من خلال هذا الشريط الذي صور ذاك الحب النموذجي للآخر دون اي تمييز في مواجهة تقلبات الحياة. فهذا الذي نروم ايصاله والدعوة الي ان يؤمن به كل واحد في دواخله: الامل في ان يأتي يوم نعاين فيه تساكنا وتعايشا في فضاء واحد.