أعماقي تتمزق، تئن من هول الألم، ملامح وجهي تتصلب ، وأتأوه بصمت، تلابيب النهب تلسعني، شيء ما يتمزق بداخلي، مدينة بكاملها لا تقوى على الحراك، صوتها مكبل بالجراح، تموت ولا تصرخ -وحرام عليها أن تصرخ-، تتراءى لي المدينة بشكل آخر، مهمهات من حولي، وجعجعة ولا أرى طحينا، أسمع وحين افتح عيني لا أرى سوى تلك الوجوه الكالحة من حولي، ظلام يلف المدينة، وسكون مطبق، أفواه السكان مكممة، فؤادهم ينفطر، ودموعهم تحجرت في المقل، واقع مر، ومصير مجهول ...والقائمة طويلة.
كل هذا وأكثر، وما خفي أعظم، هناك وراء جبال الريف تقبع مدينة الغرائب والعجائب ... سراب يلفها، زيف يمسخها، نهب يغتالها، سحابات وهم وغيوم ظلام تظللها، شبابها يستحث المسير متلهفا باحثا عن مكانه اللائق، يستقريء النجوم، يخاطب الأطلال، يعلل نفسه بآمال يرقبها، ووراء ظهره حمل من الهموم، يستغيث ويستجير، من المنقذ واين المستقر والمصير؟.
كل هذا وأكثر، وما خفي أعظم، هناك وراء جبال الريف تقبع مدينة الغرائب والعجائب ... سراب يلفها، زيف يمسخها، نهب يغتالها، سحابات وهم وغيوم ظلام تظللها، شبابها يستحث المسير متلهفا باحثا عن مكانه اللائق، يستقريء النجوم، يخاطب الأطلال، يعلل نفسه بآمال يرقبها، ووراء ظهره حمل من الهموم، يستغيث ويستجير، من المنقذ واين المستقر والمصير؟.
فلا يسمع سوى صدى صوته تتصدع به الجدران المنهوبة وترده اليه؛ فيئن ويئن، والفؤاد منكسر، والنبض متراخ، وابواب الحياة مغلقة هناك في المدينة النائمة، حيث الجمود والحياة التي هي أشبه ما تكون بالموت، شباب متهالك، مثقل بالتبعات، منهك بالواجبات، ولج في عالم اتضحت بوادر بدايته، ولا احد يعلم معالم نهايته، دخان وخمر ومعاكسات وفراغ قاتل يقتل ما تبقى بالقلب من حياة ...تلك طائفة من أهل المدينة النائمة.
وطائفة أخرى: تلملم الأفراح، وتعمق الأتراح، ويزداد عذابها، ويشتد ألمها، اكتوت باللظى، ولَّت أمر مدينتها من ظنته يحل الوثاق ويفك الضغط والحصار، فوجدت نفسها-وتحت اشراف من ولته امر مدينتها- مكبلة بأغلال تقهر الأحلام، وتمزق الأنفاس، وتقتل المهارات ، فتاهت تلك الطائفة من الشباب وضلت وسجنت نفسها طواعية؛ فضيعت المال والوقت واتبعت الشهوات، وهي في سكرتها عامهة اختارت لنفسها العيش في عالم من الأوهام والخيالات بدل العيش في واقع المدينة النائمة ...
وطائفة أخرى –حفظها الله ورعاها وسدد على طريق الخير خطاها- أزاحت عن نفسها غبار المدينة النائمة، وقالت: لنستيقظ؛ فقد مضى عهد النوم والخذلان، وآن الأوان للتغيير واستعادة المجد، دخلت التاريخ بنفسها، وتسير حيثما تيسر لها المسير، تارة تمشي، وتارة تعدو، وكرة تهرول، وأخرى تجري، وتقول: ليته كان في الإمكان ان نطير؛ فنحن شباب نريد أن نكون أو لا نكون، نعز ولا نهون، نستجمع شتات الألم، وشظايا الحلم، نرمم ما يمكن ترميمه، ونقيم ما يمكن تقييمه، ونبني ما يمكن بناؤه، ونصلح ما يمكن اصلاحه، وهنا سنبقى ولن نشقى ... إرادتنا تكسر الحديد، وتطلب معالي الأمور وتناطح السحاب وتأبى سفاسف الأمور ...
وواجب الشباب في المدينة النائمة: التحلي بالحكمة والشجاعة لتطهير المدينة –بالوسائل المشروعة- من ميتي الضمير، وأصحاب الصيحات الهدامة، ليرغمو الحثالة المستولية من أهل الفساد على نهب المدينة ليرحلو خائبين من مدينتنا بعد أن أفسدو البلاد وضيقو على العباد؛ لأن المكان لم يعد خصباً وصالحاً لنماء جراثيمهم، فتطهر المدينة جميعها ويخلو الجو لأصحاب النوايا الحسنة، ليشيدوا صرح المدينة ويرفعوا رأسها عاليا بين المدن الأخرى.