هل جماعة العدلوالإحسان على حق أم لا؟؟؟؟

الحمد لله و كفى ، و الصلاة و السلام على نبيه المصطفى و على ءاله و صحبه الشرفا ،
أما بعد ،
فقد غلا بعض الصوفية في رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و ادعوا إمكان رؤيته يقظة بعد موته في الدنيا ، و فيما يلي أدلتهم و مناقشتها بأقوال أهل العلم الراسخين.

عمدتهم في إمكان رؤية النبي صلى الله عليه و سلم يقظة بعد موته في الدنيا ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ، و لا يتمثل الشيطان بي" 1.

قال ابن بطال : قوله "فسيراني في اليقظة " يريد تصديق تلك الرؤيا في اليقظة و صحتها و خروجها على الحق. 2.

قال ابن التين : المراد من ءامن به في حياته و لم يره لكونه حينئذ غائبا عنه فيكون بهذا مبشرا لكل من ءامن به و لم يره أنه لا بد أن يراه في اليقظة قبل موته 3.
و يفسره كلام المازري : احتمل أن يكون أراد أهل عصره ممن يهاجر إليه فإنه إذا رآه في المنام جعل ذلك علامة على أنه يراه بعد ذلك في اليقظة 4.

قال القاضي : و قيل معناه سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة و صحتها ، و قيل معنى الرؤيا في اليقظة أنه سيراه في الآخرة . و تعقب بأنه في الآخرة يراه جميع أمته من رآه في المنام و من لم يره يعني فلا يبقى خصوص لرؤيته في المنام مزية.
و أجاب القاضي عياض باحتمال أن تكون رؤياه له في النوم على الصفة التي عرف بها و وصف عليها موجبة لتكرمته في الآخرة و أن يراه رؤية خاصة من القرب و منه الشفاعة له بعلو الدرجة و نحو ذلك من الخصوصيات . قال : و لا يبعد أن يعاقب الله بعض المذنبين في القيامة بمنع رؤية نبيه صلى الله عليه وسلم مدة.

قال أبو بكر بن العربي : و أما قوله "فكأنما رآني"(زاد مسلم : من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة) فهو تشبيه و معناه أنه لو رآه في اليقظة لطابق ما رآه في النام فيكون الأول حقا و حقيقة و الثاني حقا و تمثيلا .

قال ابن أبي جمرة : أنه يراه في المرآة التي كانت له إن أمكنه ذلك ، قال الحافظ في الفتح : و هذا من أبعد المحامل.

و أضاف ابن أبي جمرة قولا سادسا و هو أنه يراه حقيقة في الدنيا و يخاطبه . قال الحافظ في الفتح و هذا مشكل جدا و لو حمل على ظاهره لكان هؤلاء صحابة و لأمكن بقاء الصحبة إلى يوم القيامة.

قال الشيخ محمد بن اسماعيل المقدم في كتابه الماتع "المهدي":
" هذا الاحتمال باطل ، و ذلك من وجهين :
الأول : أنه مستحيل شرعا و وجه ذلك:
1- أن النبي صلى الله عليه و سلم قد مات ، فادعاء حياته بعد موته صلى الله عليه و سلم قبل يوم القيامة مستحيل شرعا ،لأنه يلزم منه مخالفته لقوله تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30 .
و لا يرد على ذلك أن الأنبياء أحياء في قبورهم ، و كذلك الشهداء ، و لا ما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم من أنه ترد عليه روحه حتى يرد السلام على من سلم عليه5،فإن تلك حياة برزخية تختلف عن هذه الحياة ، و لذا يقتصر في شأنها على ما ورد في النصوص ثم إنه يلزم من ذلك : أن يطالبوا بالتكاليف ، و أن يخرجوا ليجاهدوا أعداء الله ، و اللازم باطل ، و إذا بطل اللازم بطل الملزوم.

2- أن النبي صلى الله عليه و سلم قال "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة"
فعلق الجواب على الشرط ، و من المعلوم أن جمعا كثيرا من سلف الأمة و خلفها قد رأوه في المنام ، و لم يذكر أحد منهم أنه رآه صلى الله عليه و سلم في اليقظة ، و خبر الصادق صلى الله عليه و سلم لا يتخلف 6.

الوجه الثاني : أنه مستحيل عقلا:
قال القرطبي : "و هذا القول يدرك فساده ببادئ العقول ، إذ يلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها.
و أن لا يراه رائيات في آن واحد في مكانين .
و أن يحيا الآن ، و يخرج من قبره ، و يمشي في الأسواق و يخاطبوه ، و يلزم منه أن يخلو قبره الشريف من جسده الشريف ، فلا يبقى في قبره منه شيء ، فيزار مجرد القبر ، و يسلم على غائب ، لأنه جائز أن يرى في الليل و النهار، مع اتصال الأوقات على حقيقته في غير قبره ، و هذه جهالات لا يلتزم بها من له أدنى مسكة من العقل"7"

و اعترض على هذا بأن النبي صلى الله عليه و سلم يمكن أن يراه شخصان في مكانين مختلفين في وقت واحد ، كما ترى الشمس أو القمر في أماكن متعددة في آن واحد من جماعة كثيرين .
و أجيب عن هذا الاعتراض بأن النبي صلى الله عليه و سلم بشر كان يأكل الطعام و يمشي في الأسواق ، و لم يكن له حجم الشمس و ارتفاعها ، حتى يمكن أن يراه جمع كثير في وقت واحد ثم إن النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان في بيته لا يراه إلا من كان معه في البيت دون من كان خارجه ، و كذلك الشمس فإنها لو رؤيت فرضا داخل بيت في جرمها لاستحال رؤية جرمها في بيت آخر".

بدون تعليق لأني ما بعرف شئ عنهم