بعد ايام معدودات ستنطلق فعاليات المهرجان الوطني للسينما المغربية بمدينة طنجة برعاية من المركز السينمائي المغربي . و كما هي
العادة ستلتئم عشرات الافلام من مختلف الاجناس الفيلمية للمنافسة على جوائز المهرجان . غير ان طمع , و ليس طموح , المخرجين المغاربة في نيل رضى لجن التحكيم و الفوز بجائزة معينة يكتسي طابعا خاصا , مادام ان هؤلاء المخرجين لم يستطيعوا الفوز برضى ما هو اهم من لجن التحكيم الا و هو الجمهور . فالفيلم المغربي بالكاد يوزع في بعض قاعات العرض السينمائي على امتداد تراب الوطن ,و اغلب الافلام ا لا يمكن مشاهدتها سوى في المهرجانات السينمائية . وهي مسالة لا تخجل طبعا مخرجي هذه الافلام خصوصا عندما يكون المركز السينمائي المغربي هو من يتحمل كل تكاليف هذه الافلام . و المؤسف جدا هو استمرار حصول العديد من المخرجين على منح الدعم رغم ان افلامهم لن يشاهدها احد . فسياسة الدعم استنبتت ما اصطلح عليه الناقد السينمائي المتميز حميد اتباتو ” تكلس العقليات ” , لتجعل كل من هب و دب يتهافت على المنح التي تدفع من مال الشعب المغربي و بعدها لضرب افاق انتظار الجمهور الضمني لهذه الافلام عرض الحائط .
وارتباطا باهمية الجمهور في حلقة الابداع الفني و بمستوى الاقبال على الافلام كمؤشر على نجاحها في التواصل مع هموم الجماهير , فان الفيلم الذي نرى احقيته بنيل جائزة الجمهور هو المخرج المتالق ” قناص تارجيست ” . و لمن لا لم يحصل له شرف معرفته بعد , نذكر ان ” قناص تارجيست ” هو الاسم الفني لمخرج مجهول قام بتصوير مجموعة من الاشرطة التسجيلية القصيرة بكاميرا الهواة لرجال درك مدينة تارجيست شمال المغرب و هم يحصلون على رشاوي في نقط العبور . افلام “قناص تارجيست ” الذي لقبته بعض القنوات الاجنبية بربنهود المغربي حققت مستويات قياسية في المشاهدة , ليس فقط من طرف الجمهور العادي بل المسؤولين البارزين في الدولة . فلاول مرة يستطيع شريط قصير تحريك ملفات المتابعة ضد اجهزة الامن و يدفع قادة الامن لاصدار البيانات و البلاغات في الجرائد الرسمية, ليحقق هذا المخرج ما فشلت السينما المغربية منذ تاسيسها الى الان في تحقيقه .
و بالرغم من عدم احترافية اشرطة ” القناص ” مقارنة مع افلام ” مخرجي المركز السينمائي المغربي ” لا على المستوى التقني و لا المالي , فان كلا النوعين يقتسم لغة و احدة و هي اهم ما في السينما الا و هي الصورة . فصور القناص , صور واقعية , جريئة , تخاطب الجمهور بصدق, يقف وراءها مخرج غيور على مدينته و عى وطنه , يتحرك في اطارها ممثلون و اقعيون يؤدون ادوارهم بعفوية و باثمنة رمزية يدفعا بعضهم لبعض بالتقسيط , لا تعتمد على اية حوارات . اما صور مخرجي المركز السينمائي المغربي , فهي صور مزيفة بمعنى غير و اقعية , محتشمة , لا تعير اية اهمية للجمهور بل تتجاهله , يقف وراءها مخرجون جشعون لا يهمهم سوى ارصدة محترمة في البنك , يتحرك في اطارها ممثلون يؤدون ادوارهم بتكلف و باثمنة محترمة , تعتمد على لغة الخشب .
فدور السينما و السينمائي في البلدان النامية يقتضي ان يكون دورا رياديا و مناضلا يسعى بالدرجة الاولى الى كشف العورات و التواطؤات التي تكرس اوضاع المواطن المغلوب على امره . ففي الوقت الذي قدم فيه و لا زال مناضلي الاجناس الابداعية الاخرى تضحيات من اجل خدمة قضايا المواطن , نجد السينمائي عندنا مبدعا بدون قضية , و الدليل على ذلك مسايرة اغلبهم لخطابات المرحلة , و تناول القضايا الشائكة في الجسد المغربي بنوع من السطحية , و لنا في افلام الاعتقال السياسي و سنوات الرصاص و حقوق الانسان …خير نموذج. فعلى ما يبدو فاننا سنضطر الانتظار لسنوات قبل ان يحس المخرج المغربي بموجات البرد القارس بخنيفرةو غيرها و بمظاهرة صفرو ضد الغلاء و ضحاياها و بمقاطعة مقاطعة الانتخابات … ام انه ينتظر الضوء الاخضر من حليفه السياسي الذي وقف بجانبه في حملته الانتخابية ليسطر له الخطوط الحمراء ليحمل بعدها عدسته و يبدا في التصوير … وامام استمرار هذا التجاهل فالجمهور يجد ضالته في كل ماهو جريئ حتي لو نسجته انامل مصور مبتدئ .
عمار عبد الرحمان
العادة ستلتئم عشرات الافلام من مختلف الاجناس الفيلمية للمنافسة على جوائز المهرجان . غير ان طمع , و ليس طموح , المخرجين المغاربة في نيل رضى لجن التحكيم و الفوز بجائزة معينة يكتسي طابعا خاصا , مادام ان هؤلاء المخرجين لم يستطيعوا الفوز برضى ما هو اهم من لجن التحكيم الا و هو الجمهور . فالفيلم المغربي بالكاد يوزع في بعض قاعات العرض السينمائي على امتداد تراب الوطن ,و اغلب الافلام ا لا يمكن مشاهدتها سوى في المهرجانات السينمائية . وهي مسالة لا تخجل طبعا مخرجي هذه الافلام خصوصا عندما يكون المركز السينمائي المغربي هو من يتحمل كل تكاليف هذه الافلام . و المؤسف جدا هو استمرار حصول العديد من المخرجين على منح الدعم رغم ان افلامهم لن يشاهدها احد . فسياسة الدعم استنبتت ما اصطلح عليه الناقد السينمائي المتميز حميد اتباتو ” تكلس العقليات ” , لتجعل كل من هب و دب يتهافت على المنح التي تدفع من مال الشعب المغربي و بعدها لضرب افاق انتظار الجمهور الضمني لهذه الافلام عرض الحائط .
وارتباطا باهمية الجمهور في حلقة الابداع الفني و بمستوى الاقبال على الافلام كمؤشر على نجاحها في التواصل مع هموم الجماهير , فان الفيلم الذي نرى احقيته بنيل جائزة الجمهور هو المخرج المتالق ” قناص تارجيست ” . و لمن لا لم يحصل له شرف معرفته بعد , نذكر ان ” قناص تارجيست ” هو الاسم الفني لمخرج مجهول قام بتصوير مجموعة من الاشرطة التسجيلية القصيرة بكاميرا الهواة لرجال درك مدينة تارجيست شمال المغرب و هم يحصلون على رشاوي في نقط العبور . افلام “قناص تارجيست ” الذي لقبته بعض القنوات الاجنبية بربنهود المغربي حققت مستويات قياسية في المشاهدة , ليس فقط من طرف الجمهور العادي بل المسؤولين البارزين في الدولة . فلاول مرة يستطيع شريط قصير تحريك ملفات المتابعة ضد اجهزة الامن و يدفع قادة الامن لاصدار البيانات و البلاغات في الجرائد الرسمية, ليحقق هذا المخرج ما فشلت السينما المغربية منذ تاسيسها الى الان في تحقيقه .
و بالرغم من عدم احترافية اشرطة ” القناص ” مقارنة مع افلام ” مخرجي المركز السينمائي المغربي ” لا على المستوى التقني و لا المالي , فان كلا النوعين يقتسم لغة و احدة و هي اهم ما في السينما الا و هي الصورة . فصور القناص , صور واقعية , جريئة , تخاطب الجمهور بصدق, يقف وراءها مخرج غيور على مدينته و عى وطنه , يتحرك في اطارها ممثلون و اقعيون يؤدون ادوارهم بعفوية و باثمنة رمزية يدفعا بعضهم لبعض بالتقسيط , لا تعتمد على اية حوارات . اما صور مخرجي المركز السينمائي المغربي , فهي صور مزيفة بمعنى غير و اقعية , محتشمة , لا تعير اية اهمية للجمهور بل تتجاهله , يقف وراءها مخرجون جشعون لا يهمهم سوى ارصدة محترمة في البنك , يتحرك في اطارها ممثلون يؤدون ادوارهم بتكلف و باثمنة محترمة , تعتمد على لغة الخشب .
فدور السينما و السينمائي في البلدان النامية يقتضي ان يكون دورا رياديا و مناضلا يسعى بالدرجة الاولى الى كشف العورات و التواطؤات التي تكرس اوضاع المواطن المغلوب على امره . ففي الوقت الذي قدم فيه و لا زال مناضلي الاجناس الابداعية الاخرى تضحيات من اجل خدمة قضايا المواطن , نجد السينمائي عندنا مبدعا بدون قضية , و الدليل على ذلك مسايرة اغلبهم لخطابات المرحلة , و تناول القضايا الشائكة في الجسد المغربي بنوع من السطحية , و لنا في افلام الاعتقال السياسي و سنوات الرصاص و حقوق الانسان …خير نموذج. فعلى ما يبدو فاننا سنضطر الانتظار لسنوات قبل ان يحس المخرج المغربي بموجات البرد القارس بخنيفرةو غيرها و بمظاهرة صفرو ضد الغلاء و ضحاياها و بمقاطعة مقاطعة الانتخابات … ام انه ينتظر الضوء الاخضر من حليفه السياسي الذي وقف بجانبه في حملته الانتخابية ليسطر له الخطوط الحمراء ليحمل بعدها عدسته و يبدا في التصوير … وامام استمرار هذا التجاهل فالجمهور يجد ضالته في كل ماهو جريئ حتي لو نسجته انامل مصور مبتدئ .
عمار عبد الرحمان