وصلتني هذه الرسالة من أحد المراسلين وتقول
قبل أسابيع مررت عند احماد مول المحلبة و اشتريت زبدة بلدية. في المساء عندما أردت تقديم الطعام لأصدقائي فوجئت أن ما أحضرته لم يكن فقط زبدة بلدية بل مجلس بلدي برئيسه المنتخب السيد سراق الزيت !! أعرف أن سراق الزيت يتسبب في حساسية و اشمئزاز للبعض و خوف للبعض الآخر، لكن هذا هو المكتاب و أعدكم أنها المرة الأخيرة التي أشتري فيها من عند احماد، و إن فعلت سأسهر بنفسي على أن لا يعطيني سوى صراصير بلدية حرة غير مخلوطة بالزبدة.
أشعلت التلفاز، حظي العاثر جعلني لا أتصادف إلا مع شخص صلعته لامعة و كبيرة إذ يقترب من الكاميرا حتى تأخذ ملامحه شكلا كاريكاتوريا فيبدو و كأنك تشاهده في براد. هو بذلك على مايبدو من المحظوظين، إن كانت لديه دراجة نارية، فهو لن تسري عليه حملة الكاصك المفروضة على الجميع التي تعفي كل من يلبس أكثر من 43 من أداء الغرامة. عندما يتأكد أنه يرى جيدا كل أفراد العائلة من هذه النافذة، و يراقبهم كي لا يسلت أحد أو يغير القناة، يبدأ في شرح كيف تهلك نفسك دون أن تستهلك. اليوم مثلا وضح للمشاهدين الكرام كيفية تركيب الخيمة مع تفادي الرياح و السيول
وعندما انتهى البرنامج سجلت بريده الالكتروني كي أراسله و أطلب منه أن يتفضل يوما و يشرح لنا كيف نركب البراكة دون أن تجرفها السيول، ثم و إن حدث و وقع الأمر كيف نجعلها تطفو و ترسو في أقرب منطقة آمنة. و أخيرا كيفية تدبير الفضاء داخل البراكة: كيف تركب أحزمة السلامة وتنام واقفا أنت و الضيوف، و الأهم بلا ماتهلكو.فكرة البرنامج جميلة، و مقدم البرنامج أحترمه فهو خفيف الظل و أداءه جيد، المعقول يتكال. لكن و ككل برامجنا قبل أن ينطق الصحافي المسكين أية جملة يجب عليه أول أن يتأكد أنها لن تمس من قريب أو بعيد مديره أو منتج برنامجه أو ولا أحد من داخل القناة. لهذا تجد أغلبهم يجري بحثا بوليسيا في علم الاثار و الأنساب قبل و أثناء التسجيل، فانتقاد " أخت زوجة خو نسيب عم صاحب المنتج" فقط كفيل بوضع منصبه في مهب الريح. لذلك يشرحون لنا كيف نختار الحولي ديال العيد دون أن يخدعنا الشناقة، أو يوضحون أن سبب غلاء فاتورة الماء يعود لتسربات باطنية، و في المقابل يتفادون الحديث عن قضايا حقيقية تهدد سلامة المواطن كعشب الملاعب (حتى لا نقول المراعي) المغربية، الذي اهتزت له الأوساط الرياضية مؤخرا عندما راجت أنباء عن احتمال تسببه في الإصابة بالسرطان، أو عن تهريب السجائر بالصحراء، أو المواد الغذائية كالجبن و السردين المعلب من الجزائر بشرق المغرب. هذه المنتوجات لا تضر فقط بصحة المواطن باعتبار هذه المنتوجات غالبا ما تكون فاسدة بسبب انتهاء الصلاحية أو غياب شروط الحفظ و التبريد، بل أيضا و خصوصا بالإقتصاد الوطني نظرا لانخفاض ثمنها الذي يعود لانعدام الرسوم الجمركية، فضلا عن فارق الصرف بين الدرهم المغربي الذي يضاعف الدينار الجزائري عشر مرات.
في السنتين الماضيتين مثلا، شهدت العديد من المدن المغربية تسممات غذائية داخل السناكات. و إذا كان البعض منها يعود إلى غياب أو نقص إجراءات النظافة فإن الكثيرة منها تسببت فيها بكتريا من نوع السلمونيلا تتكاثر في البيض الفاسد فتضر بالمستهلك عبر الإستهلاك المباشر للبيض أو عن طريق المايونيز. لكن من نلوم؟ أشباه هاته البرامج التي تترك جانبا القضايا الأساسية كالشركات التي تخدع المستهلك في الحانوت و التلفزة عبر إشهارات مسرحية يصممها خبراء تقنيات التواصل؟ أم مراقبي الجودة الذين يتخلصون من كل المواد الغذائية الفاسدة داخل ثلاجاتهم ثم يطوفون على أشباه أحماد ليحجزوا الطازجة لهم و يتركوا الفاسدة لأمثالي؟ أم أرباب المحلات الذين يوظفون أطفالا صغارا يقشرون البطاطس و يرقدون الدجاج في غرف مظلمة لا تميز فيها بين السكين و الملعقة، و لا تصلح إلا لتحميض الصور؟ أم يا ترى الدجاجات المغربية التي لم تزود معاملها الخلفية بعدادات تطبع تاريخ الصنع و تاريخ انتهاء الصلاحية فوق البيضة؟؟يبدو أنها معادلة صعبة. لكن و من أجل استكمال فهم الطرق السليمة للاستهلاك و التمتع بصحة جيدة يمكن أن نلجأ إلى برنامج آخر، بفضله بدأت أحافظ على "صحتي كل يوم". يكفي فقط أن تزور طبيب العينين كل 6 أشهر، وطبيب القلب كل 6 أشهر و هكذا دواليك. باختصار تحجز موعدا مع طبيب في تخصص معين كل نهاية أسبوع، دون أن تنسى استهلاك الفواكه و شرب لتر و نصف من الماء المعدني. بهذه الطريقة تحصل على صحة جيدة كل يوم لكن بشرط: أن لا تموت أو تمرض. آنستي ماهي النصيحة التي تقدمينها للأساتذة المغاربة حاملي الدكتوراه الفرنسية في مختلف التخصصات و المضربين عن الطعام منذ أسابيع من أجل معادلة شهاداتهم بالشواهد المغربية؟ هم يسألونك ما السبيل إلى التمتع بصحة جيدة كل يوم بالماء و التصفيق والأناشيد. وختاما، راه كاع هاد الشي إيلا قلناه، غير باش تهلك..أوبلا ما تستهلك !!
عن مدونة سراق الزيت
قبل أسابيع مررت عند احماد مول المحلبة و اشتريت زبدة بلدية. في المساء عندما أردت تقديم الطعام لأصدقائي فوجئت أن ما أحضرته لم يكن فقط زبدة بلدية بل مجلس بلدي برئيسه المنتخب السيد سراق الزيت !! أعرف أن سراق الزيت يتسبب في حساسية و اشمئزاز للبعض و خوف للبعض الآخر، لكن هذا هو المكتاب و أعدكم أنها المرة الأخيرة التي أشتري فيها من عند احماد، و إن فعلت سأسهر بنفسي على أن لا يعطيني سوى صراصير بلدية حرة غير مخلوطة بالزبدة.
أشعلت التلفاز، حظي العاثر جعلني لا أتصادف إلا مع شخص صلعته لامعة و كبيرة إذ يقترب من الكاميرا حتى تأخذ ملامحه شكلا كاريكاتوريا فيبدو و كأنك تشاهده في براد. هو بذلك على مايبدو من المحظوظين، إن كانت لديه دراجة نارية، فهو لن تسري عليه حملة الكاصك المفروضة على الجميع التي تعفي كل من يلبس أكثر من 43 من أداء الغرامة. عندما يتأكد أنه يرى جيدا كل أفراد العائلة من هذه النافذة، و يراقبهم كي لا يسلت أحد أو يغير القناة، يبدأ في شرح كيف تهلك نفسك دون أن تستهلك. اليوم مثلا وضح للمشاهدين الكرام كيفية تركيب الخيمة مع تفادي الرياح و السيول
وعندما انتهى البرنامج سجلت بريده الالكتروني كي أراسله و أطلب منه أن يتفضل يوما و يشرح لنا كيف نركب البراكة دون أن تجرفها السيول، ثم و إن حدث و وقع الأمر كيف نجعلها تطفو و ترسو في أقرب منطقة آمنة. و أخيرا كيفية تدبير الفضاء داخل البراكة: كيف تركب أحزمة السلامة وتنام واقفا أنت و الضيوف، و الأهم بلا ماتهلكو.فكرة البرنامج جميلة، و مقدم البرنامج أحترمه فهو خفيف الظل و أداءه جيد، المعقول يتكال. لكن و ككل برامجنا قبل أن ينطق الصحافي المسكين أية جملة يجب عليه أول أن يتأكد أنها لن تمس من قريب أو بعيد مديره أو منتج برنامجه أو ولا أحد من داخل القناة. لهذا تجد أغلبهم يجري بحثا بوليسيا في علم الاثار و الأنساب قبل و أثناء التسجيل، فانتقاد " أخت زوجة خو نسيب عم صاحب المنتج" فقط كفيل بوضع منصبه في مهب الريح. لذلك يشرحون لنا كيف نختار الحولي ديال العيد دون أن يخدعنا الشناقة، أو يوضحون أن سبب غلاء فاتورة الماء يعود لتسربات باطنية، و في المقابل يتفادون الحديث عن قضايا حقيقية تهدد سلامة المواطن كعشب الملاعب (حتى لا نقول المراعي) المغربية، الذي اهتزت له الأوساط الرياضية مؤخرا عندما راجت أنباء عن احتمال تسببه في الإصابة بالسرطان، أو عن تهريب السجائر بالصحراء، أو المواد الغذائية كالجبن و السردين المعلب من الجزائر بشرق المغرب. هذه المنتوجات لا تضر فقط بصحة المواطن باعتبار هذه المنتوجات غالبا ما تكون فاسدة بسبب انتهاء الصلاحية أو غياب شروط الحفظ و التبريد، بل أيضا و خصوصا بالإقتصاد الوطني نظرا لانخفاض ثمنها الذي يعود لانعدام الرسوم الجمركية، فضلا عن فارق الصرف بين الدرهم المغربي الذي يضاعف الدينار الجزائري عشر مرات.
في السنتين الماضيتين مثلا، شهدت العديد من المدن المغربية تسممات غذائية داخل السناكات. و إذا كان البعض منها يعود إلى غياب أو نقص إجراءات النظافة فإن الكثيرة منها تسببت فيها بكتريا من نوع السلمونيلا تتكاثر في البيض الفاسد فتضر بالمستهلك عبر الإستهلاك المباشر للبيض أو عن طريق المايونيز. لكن من نلوم؟ أشباه هاته البرامج التي تترك جانبا القضايا الأساسية كالشركات التي تخدع المستهلك في الحانوت و التلفزة عبر إشهارات مسرحية يصممها خبراء تقنيات التواصل؟ أم مراقبي الجودة الذين يتخلصون من كل المواد الغذائية الفاسدة داخل ثلاجاتهم ثم يطوفون على أشباه أحماد ليحجزوا الطازجة لهم و يتركوا الفاسدة لأمثالي؟ أم أرباب المحلات الذين يوظفون أطفالا صغارا يقشرون البطاطس و يرقدون الدجاج في غرف مظلمة لا تميز فيها بين السكين و الملعقة، و لا تصلح إلا لتحميض الصور؟ أم يا ترى الدجاجات المغربية التي لم تزود معاملها الخلفية بعدادات تطبع تاريخ الصنع و تاريخ انتهاء الصلاحية فوق البيضة؟؟يبدو أنها معادلة صعبة. لكن و من أجل استكمال فهم الطرق السليمة للاستهلاك و التمتع بصحة جيدة يمكن أن نلجأ إلى برنامج آخر، بفضله بدأت أحافظ على "صحتي كل يوم". يكفي فقط أن تزور طبيب العينين كل 6 أشهر، وطبيب القلب كل 6 أشهر و هكذا دواليك. باختصار تحجز موعدا مع طبيب في تخصص معين كل نهاية أسبوع، دون أن تنسى استهلاك الفواكه و شرب لتر و نصف من الماء المعدني. بهذه الطريقة تحصل على صحة جيدة كل يوم لكن بشرط: أن لا تموت أو تمرض. آنستي ماهي النصيحة التي تقدمينها للأساتذة المغاربة حاملي الدكتوراه الفرنسية في مختلف التخصصات و المضربين عن الطعام منذ أسابيع من أجل معادلة شهاداتهم بالشواهد المغربية؟ هم يسألونك ما السبيل إلى التمتع بصحة جيدة كل يوم بالماء و التصفيق والأناشيد. وختاما، راه كاع هاد الشي إيلا قلناه، غير باش تهلك..أوبلا ما تستهلك !!
عن مدونة سراق الزيت