قالت المطرة حدثنا عن المحبة.
فقال:
إذا المحبة اومت اليكم فاتبعوها ,وإن كانت مسالكها صعبة متحدرة.
إذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها,وإن جرحكم السيف المستور بين ريشها .
إذا المحبة خاطبتكم فصدقوها , وإن عطل صوتها احلامكم وبددها كما تجعل الريح الشمالية البستان قاعاً صفصفاً.
لأن كما أن المحبة تكللكم فهي ايضاً تصلبكم.
وكما تعمل على نموكم , هكذا تعلمكم وتستأصل الفاسد منكم.
وكما ترتفع إلى أعلى شجرة حياتكم فتعانق أغصانها اللطيفة المرتعشة أمام وجه الشمس,هكذا تنحدر الى جذورها الملتصقة بالتراب وتهزها في سكينة الليل.
المحبة تضمكم إلى قلبها كأغمار حنطة .
المحبة على بيادرها تدرسكم لتظهر عريكم .
المحبة تغربلكم لتحرركم من قشوركم .
المحبة تطحنكم فتجعلكم كالثلج أنقياء.
المحبة تعجنكم بدموعها حتى تلينوا, ثم تعدكم لنارها المقدسة , لكي تصيروا خبزاً مقدساً يقرّب على مائدة الرب المقدسة.
كل هذا تصنعه بكم لكي تدركوا أسرار قلوبكم , فتصبحوا بهذا الإدراك جزء من قلب الحياة غير انكم اذا خفتم , وقصرتم سعيكم على الطمأنينة واللذة في المحبة ,فالأجدر بكم أن تستروا عريكم وتخرجوا من بيدر المحبة الى العالم البعيد ,حيثما تضحكون ولكن ليس كل ضحككم, وتبكون , لكن ليس كل ما في مآقيكم من دموع.
المحبة لا تعطي الا ذاتها , المحبة لا تاخذ الا من ذاتها .
لا تملك المحبة شيئا ولا تريد أحد أن يملكها.
لان المحبة مكتفية بالمحبة.
أما انت اذا احببت فلا تقل : " أن الله في قلبي ", بل قل بالأحرى : "انا في قلب الله ".
ولا يخطر لك البتة انك تستطيع ان تتسلط على مسالك المحبة,لأن المحبة ان رأت فيك استحقاقا لنعمتها , تتسلط هي على مسالكك.
والمحبة لا رغبة لها الا في ان تكمل نفسها .
ولكن اذا أحببت وكان لابد من ان تكون لك رغبات خاصة بك , فلتكن هذه رغباتك:
- أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشنف آذان الليل بأنغامه .
- ان تخبر الالام التي في العطف المتناهي .
- أن يجرحك ادراك الحقيقة للمحبة في حبة قلبك, وأن تنزف دماؤك وانت راضي مغتبط .
- ان تنهض عند الفجر بقلب مجنح خفوق , فتؤدي واجب الشكر ملتمساً يوم محبة أخر.
- ان تستريح عند الظهيرة وتناجي نفسك بوجد المحبة .
- أن تعود الى منزلك عند المساء شاكراً , فتنام حينئذ والصلاة لأجل من أحببت تتردد في قلبك , وأنشودة الحمد والثناء مرتسمة على شفتيك
اخوكم غلادة