بعد يوم من العمل المضني والشاق،وبعد صلاة المغرب اتجهت صوب الساحة المركزية لبلدية ا لدريوش لآخذ قسطاً من الراحة،وبينما انا جالس على احدى الكراسي استنشق بعض الهواء النقي واتلذذ بنسماته،اسندت راسي الى الحائط وعيناي تنظران الى السماء التي زيّنها الخالق بنجومٍ كاللؤلؤ والمرجان رجوماً للشياطين،وعلى حين غرّة لمحت خيال انسان متّجهاً صوبي فأدرت رأسي نحو القادم إلي فإذا هو بصديقي الحميم الذي دائماً يؤنس وحدتي٠٠امرته بالجلوس بعد ان تبادلنا التحيّة٬وسألته عن حاله فأجابني بصوت ثقيل٠٠الحمد لله يا صديقي على كل حال،شعرت انه ليس الصديق الذي اعرفه دوماً ببشاشة وجهه والابتسامة التي لا تفارق محياه،فبادرته قائلاً اياه٠٠ارى من خلال وجهك انك تحمل هماً كبيراً فما الذي يؤرقك؟فأطلق زفيراً طويلاً فاجابني٠٠لن اكذب عليك يا صديقي لقد مللت حياة العزوبية اريد ان اكمل ديني لكن كما ترى العين بصيرة واليد قصيرة٬فاحسست بضيق صدره وتفهّمت امره٬فهو عامل بسيط مياوم جل ايامه عاطل عن العمل ويقتسم بيتاً صغيراً مع والديه اللّذين انهكهم المرض والعجز وهو معيلهم الوحيد٬٬فربتت بيدي على ظهره وقلت له مخفّفاً عنه بعض الحزن٠٠لا تحزن يا صديقي ان بعد العسر يسراً٠٠فما ان اتممت كلامي حتى انضم الينا رهط من الاصدقاء يحملون في افئدتهم نفس المشكل فدخلوا في نقاش بينهم علّهم يصلون الى حلٍ لمشكلهم الذي ينغص عليهم حلاوة الحياة،بينما هم في شد وجدب بينهم تفتقت في ذهني فكرة عبقرية فطلبت منهم السّكوت والإنصات لما سأقوله ففتتحت كلمتي قائلاً٠٠أصدقائي الأعزاء٠٠لقد ناضلتم بما في وسعكم من اجل محاربة الفساد٬وقد جاهدتم من اجل ان يوفّر لكم العيش الكريم٬ورفعتم شعاراً تنادون فيه بالمساوات بين الفقير والغني٬وردّدتم بحناجركم٠٠الشعب يريد إسقاط الفساد حتى بحّت فلم يجدي ذلك نفعاً٠٠بل زادهم ذلك تعنتاً في نهب اموالكم وخيراتكم ولا زالوا في طغيانهم يعمهون،وهم مصرّون ان يتربّعوا على عرش الفساد٠٠فما عليكم الآن الا ان ترفعوا شعاراً٠٠الشعب يريد الزّواج٠٠واؤكد لكم انكم ستنجحون في هذا لا لسواد عيونكم بل مسؤولونا يحبّون الأكل حباً جمّاً من حلويات كعب لغزال وبسطيلات الغامبة،كما يعشقون الصور والظهور بربطات العنق٠٠اما المناصب فلن تحلموا بها لأنها بالوراثة يا أصدقائي..
توقيع:محارب العزوبية
توقيع:محارب العزوبية