ليس هناك بلد في العالم في مأمن من عدوى أنفلونزا الخنازير
الدكتور حسن البوكيلي رئيس المركز الصحي حسان الرباط
في هذه الأيام الأخيرة يجتاز العالم في حياته الصحية وقتا عصيبا بحيث منذ منتصف مارس لهذه السنة تفشت في مناطق مختلفة من المعمور بعض الفيروسات «الجديدة» التي لفتت أنظار الهيئات الطبية لشدة أثرها على صحة المواطنين وكثرة عدد المصابين.
ونقصد هنا مايسمى حاليا ب «أنفلونزا الخنازير» التي تسببها بالخصوص فصيلة من الفيروسات N1 AH1 .
وهذه الفيروسات لاتتحمل الحرارة قد تقتل إذا تعدت نسبة الحرارة 70 !C .
لقد قامت جميع الدول بالدعاية عن طريق وسائل الإتصال السمعية والبصرية المكتوبة للتعريف بهذا المرض والوقاية منه.
وكذلك تقوم الآن المنظمة العالمية للصحة بالدراسات والتجارب الميدانية اللازمة للكشف عن طرق مكافحته بتوفير لقاح في غضون أربعة أو ستة أشهر المقبلة.
إن جميع أطر وزارة الصحة كيفما كان موقعها يجب أن تقوم بتحسيس المواطنين بهذا المرض كلما سمحت الظروف بذلك. بصفتي طبيب في مؤسسة عمومية أريد التركيز على تعريف هذا المرض وكذلك الوقاية منه قدر المستطاع، لأن قرب هذا الفيروس من التراب المغربي عن طريق إسبانيا أصبح بعض الناس يقصدون الأطباء قصد الاستشارة لأنهم يتخوفون من هذا الفيروس وهم متعطشون للمزيد من المعرفة وهل الأعراض التي يشكون منها لها علاقة بهذا المرض؟ خصوصا الى حد الآن صرحت 40 دولة أنها سجلت منها حالات الإصابة بهذا الفيروس مما تسبب في وقوع 5269 حالة مرضية و61 حالة وفاة.
وهذا يدق ناقوس الخطر على الجميع لأن هذا المرض يضرب بشكل مفاجئ: يبدأ بإرتفاع في درجة حرارة الجسم المصاب، والألم، وإجهاد في العينين، والتهاب في الحلق، وغثيان. وكلما زاد المصاب من الضغط على قدرته المناعية عن طريق محاولته الإستمرار في ممارسته للعمل، إزدادت حالته تفاقما بل يتطور لديه خمج ثانوي مميت. إن الأعراض الأولية للإصابة هي الشعور بالقشعريرة، والصداع الخفيف، والعطس المتكرر الكثير، مصحوبة بإرتفاع طفيف في الحرارة وفي الحالات الشديدة يكون الألم في الظهر والرجلين، ويحتقن الغشاء المخاطي المبطن للأنف ويتورم سادّاً بذلك ثقبي الأنف مما يدفع المريض إلى التنفس من فمه. ويتبع ذلك سيلان من الأنف، مما يهيج حافاته والشقة العليا محمّراً أياها ومسببا بعض الألم.
كما تلتهب الأغشية المخاطية لمجاري الدموع، فتدمع العينان وكأنهما تبكيان وكذلك البلعوم، فهو يلتهب أيضا، فيحمر ويؤلم المصاب، وأحيانا يصبح الإبتلاع شاقّا. وقد يصيب الإلتهاب الحنجرة فيَبُحُّ الصوت، وأحياناً يضيع الصوت، ولايستبعد أن يتبع هذه الإصابة إلتهاب القصبات الهوائية للرئة أو نوبات من السعال الذي يكون السبب في انتشار البوء بين الناس المجاورين له. إن القناة السمعية التي تصل الحلق بالأذن تتعرض هي الأخرى للإلتهاب فتصاب الأذن بألم، أو تفقد سمعها. وجيوب الأنف التي هي أيضا استئناف طبيعي للأنف والحلق تلحق بها الإصابة، فتكون العملية عملية إلتهاب شاملة.
عادة، بعد مرور أربعة وعشرين ساعة، أو ثمان وأربعين ساعة، يفرز السيلان الأنفي أو الإفراز الأنفي، ومع زوال الورم الغشائي المخاطي التدريجي يتسنى للمريض أن يتنفس ثانية من أنفه، وتختفي الأعراض في غضون أربعة أو خمسة أيام، بإستثناء الإفراز المخاطي الغليظ المتكاثق من جميع الأغشية. وتختلف مدة الإفراز المخاطي بإختلاف الأشخاص : مع البعض ينتهي هذا في الأسبوع الأول لكن مع البعض الآخر يستمر الإلتهاب في القنوات التنفسية وقد يؤدي إلى الوفاة.
ونظرا لهذا كله خصصت الحكومة المغربية 850 مليون درهم لمواجهة هذا الخطر المحدق بالمواطنين والذي يُطلّ علينا من الديار الإسبانية الموجود بها حالات الإصابة بأنفلونزا الخنازير. لذلك فإن إحتمال الإصابة بالفيروس AH1N1 وارد وبشكل كبير وبالخصوص حين عودة المغاربة من المهجر في الصيف المقبل مع العِلْمِ أن بعضهم يقومون بالعمل الفلاحي وبالخصوص في إسطبلات تربية الخنازير بالدول الأروبية والأمريكية.
كذلك تقوم الحكومة المغربية بإجراءات إحترازية وقائية بالنسبة لجميع المراكز الحدودية سواء برية بحرية أو جوية حيث إن السفر يعتبر واحداً من أهم أسباب إنتشار هذا المرض، لذلك ليس هناك بلد في العالم في مأمن من عدوى أنفلونز الخنازير لذلك يجب الإحتياط خصوصا يجب الإنتباه إلى الرحلات الجوية من وإلى العاصمة مكْسيكُو ستي.
بجانب هذا كله يجب على الإنسان أياً كان أن يقوم بحماية نفسه بنفسه بحيث يقوم يوميا بالحماية الفردية اتجاه هذا الفيروس:
يجب غسل اليدين بإستمرار بحيث يمكن أن تنتقل هذه الفيروسات بطريقة اللمس، وبواسطة اليد تصل الجراثيم بسهولة إلى الأنف لذلك فإن الإكثار من غسل اليدين بالماء والصابون هو أفضل طريقة لتحطيم هذه الحلقة ٭ يجب تنظيف مناطق العبور لأن بوسع الفيروسات أن تظل حية لبعض الساعات على الأجهزة المستعملة من طرف الإنسان كجهاز الهاتف وغيره.
٭ يجب الإبتعاد عن التدخين: إن إصابة المدخن بالفيروسات تساوي ضعفي إصابة غير المدخنين، وهي عند المدخن أعصى على الشفاء بمقدار الضعفين أيضا. إذا كنت من المدخنين فأقلع عن هذه العادة أو انقصها. وغير المدخن عليه الابتعاد عن مناطق المتدخنين لكي لا يصاب بدخانهم.
٭ في حالة وجود، لا قدر الله، مشتبه فيه مصاب بداء أنفلونزا الخنازير يجب استعمال القفازات الواقية على الأنف والفم والإتصال بالمصالح الطبية المجندة لهذا الغرض على مدار اليوم حتى تتمكن من إجراء الفحوصات وتتبع الحالة مخافة إنتشار العدوى،
٭ أما الخنازير الموجودة في المغرب سواء البرية الموجودة في الغابات أو المرباة داخل الإسطبلات فالمصالح البيطرية والمندوبية السامية للمياه والغابات بتنسيق مع وزارة الصحة والدرك الملكي والداخلية وغيرهم جندت جميع امكانياتها لمواجهة انتشار هذا المرض الفتاك في الإسطبلات والغابات حتى تحد من احتمال نقل الفيروس A H1 N 1 من الخنازير إلى الإنسان، في هذه الحالة يمكن الإستفادة من التطعيم ومن عقار «التاميفلو» للوقاية من إمكانية الإصابة بأنفلونزا الخنازير.
٭ إن الوقاية من النزلة الوافدة «الإفلونزا» عن طريق استخدام المصل الخاص «التلقيح» لا يعتبر من الطعوم الإجبارية ويقتصر إعطاؤه إلى الفئات التالية:
ـ كبار السن
ـ العاملون في الحقل الطبي.
ـ الأطفال والكبار الذين يعانون من أمراض مزمنة للجهاز الدوري والتنفسي والذين يعانون من مرض السكري وفقر الدم.
لكن الخبراء لا يستطيعون التكهن فيما إذا كان فيروس الموسم الراهن مماثل لفيروس الموسمين السابقين على التتابع، علما أن من الناحية المعاشية لا يرى مجيء نفس الفيروس عامين متوالين. في الواقع إن وباء هذا الموسم قد يسببه نوع مختلف من نفس الفئة «أ» أو «ب» ولكن حتى الأنواع الخفيفة من فيروسات افلونزا الخنازير قد تكون محفوفة بالمخاطر، بمعنى أن عدوى المرض قد تنتقل من أعلى المسالك التنفسية إلى أسفلها حتى تصل إلى الرئتين وتسبب الإلتهابات في القصبات الهوائية أو الرئوية مما قد يؤدي إلى الموت. لأجل هذا كله فإنّ المنظمة العالمية للصحة بتنسيق مع جميع الدول منهمكة الآن في الكشف عن نوع هذا الفيروس «الجديد» لتحضير اللقاح المناسب وذلك خلال الشهور القليلة المقبلة حتى تتمكن الإنسانية جمعاء من تفادي الجائحات التي وقعت بسبب هذا المرض خلال العصور الماضية.
عن العلم المغربية