منذ ثلاثة أسابيع تقريبا، لم يعد صاحب المحلبة التي يتناول فيها بوسلام فطوره كل صباح يلتقط قناة "الجزيرة". صديقنا ألِـف أن يتابع آخر المستجدات على الساحة العالمية عبر شاشة القناة القطرية قبل أن يتوجه إلى مقر عمله، لكن مذيعي "الجزيرة" لم يعد صاحب المحلبة يسمح لهم بالظهور على شاشة تلفزته الصغيرة التي يغطيها منديل تحوّل لونه من أبيض إلى أسود بفعل فضلات الذباب الذي تعجّ به أرجاء المحلبة، بحال شي ﮔـرنة. آجي، واش كاينة بعدا شي مراقبة ديال مصالح وزارة الصحة على هاد المحلبات والقهاوي؟ بوسلام لم يسبق له أن رآى أي مفتش يدخل إلى المحلبة حيث يتناول فطوره، وهو على كل حال مقتنع بأنه ما كاينة لا مراقبة لا سيدي زكري، ودليله على ذلك هو أنه يعرف حسب معلوماته أن الزبدة ديال العبار ممنوع بيعها بالتقسيط، لأنها تفقد جودتها، ومع ذلك مّالين المحلبات والحوانت كايبيعوها بالديطاي لعباد الله. عندما سأل بوسلام بقّال الحي عن السبب الذي جعله يستمر في بيع الزبدة بالتقسيط رغم أن القانون يمنع ذلك، أجاب البقال بابتسامة ماكرة: إيوا راك عارف آصاحبي. راك عارف تعني بطبيعة الحال أن مراقبي جودة السلع، (ماشي كلهم) كايديرو عين ميكة عندما يتسلمون القهيوة، أو الرشوة كي نكون واضحين، والهضرة ديالنا ما يبقاش فيها التشاش! ومع ذلك لم تخجل وزيرة الصحة الاستقلالية ياسمينة بادو من نفسها عندما صرحت عقب ظهور مرض أنفلونزا الخنازير بأن المغرب مراقب برّا وبحرا. طزّ. ﮔـاع ما راقبتو المحلبات بقا ليكم غير تراقبو البحر!
لنعد الآن إلى موضوع قناة الجزيرة. بوسلام سمع إشاعات كثيرة تتحدث عن كون وزارة الداخلية هي التي أمرت أصحاب المقاهي والمحلبات باش يعطيو التيساع للجزيرة، حيت طالعة ليهم فالراس، خصوصا بعد المتابعة القياسية التي حظيت بها الحلقات السبع التي قدم فيها أحمد المرزوقي شهادته على جزء من العصر المغربي المظلم. بوسلام لا يحب الإشاعات، ولكن صمت وزير الداخلية وعدم إصدار أي بيان في الموضوع، جعله يقتنع بأن ما يقال صحيح، خصوصا وأن الصمت كما يقولون دليل على الرضا!
الذي يجعل بوسلام يضحك من هذه المهزلة الجديدة هو أن وزارة الداخلية تصرّ على أن تُعامل المغاربة بعقلية سبعينيات القرن الماضي، ونحن نعيش في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين! إذا منعوا أصحاب المحلبات والمقاهي من التقاط "الجزيرة"، المغاربة كاملين عندهم ﭙـارابولات، ويمكن أن يشاهدوها داخل بيوتهم، وحتى إذا منعوا الـﭙـارابولات كاين الأنترنت. ويلا منعو الأنترنت، المغرب غادي يولّي دولة شمولية لا رائحة فيها لشيء اسمه الديمقرايطة! إيوا خلليو الناس يتفرجو على اللي بغاو، وبدلوا ديك العقلية بوحدة جديدة راه الوقت تبدلات شحال هادي!