فظمة ثامشون
منذ صغرها وأبوها يناديها (ثامشونت) .إنها فاظمة رابعة أخواتها . ولادتها نزلت كالصاعقة على أبيها ، المتلهف الى مولود ذكر.أرضعتها أمها بحليب المعزة ، مع بطاطس معجونة بالزيت والملح ، لم ترضع حليبا اصطناعيا ، ولم تتناول أبدا أغذية مسحوقة و مدعمة بفيتامينات ولا مقويات . فطمتها أمها قبل استكمال الرضاعة ، وشرعت في إطعامها بيصرة الفول ،وخبز الشعير ،والشاي الأخضر ،والفلفل الحار والزيتون الأسود.
تعرض جسدها النحيل لعدة مخاطر و محن : لسعها عقرب وهي تساعد أباها في جمع الحصيد في سن الرابعة من عمرها ، عولجت برش اللسعة بقليل من التراب الأحمر،ثم ضمد بمعجون نبات (أفزاز=أخرووف. عضها كلب مسعور وهي ترعى البقرة ،فكان العلاج ببصاق صاحبة الكلب وقليل من شعرها يضمد فوق عضة الكلب . هكذا أصبحت الأدوية في دوارنا متوفرة مجانا ن و لا نحتاج الى زيارات ولا وصفات طبية .
تسمم دم فاظمة بسموم هذه الحيوانات ، فأصيبت بأمراض جلدية مختلفة كالجرب (الحكة) ، تشوهت ملامحها الأنثوية ، تعكرت و اسودت حياتها ، فقسا طبعها و مزاجها،أضحت عدوانية وشرسة ، تعطلت قدراتها الذهنية والإبداعية ،اختلط في تفكيرها الواقع بالخيال والأسطورة بالحقيقة . عاشت حياة ذكورية خشنة في المزارع بين الحيوانات ، بعيدة عن رقة و نعومة بنات حواء . لم تعرف معنى للحب والجمال. أضحت آلة مبرمجة تشتغل دون توقف .
لم تلقح بلقاحات الصحة العمومية المضادة للأمراض المعدية ، لكنها لقدرة قادر لم تصب بأي من هذه الأوبئة التي أودت بحياة مئات من أطفال الدوار . اكتسبت فاظمة مناعة طبيعية بتراكم السموم في دمها . كلما أحست بوعكة صحية ، شربت حساء محضرا من نبتة الشيح و الحرمل وأعشابا أخرى .
لم تلج روضا للأطفال ولا مدرسة . لم تعرف من ألعاب الطفولة سوى لعبة (العروسة) ، تصنعا من القصب و قطع من القماش ولعبة (إبوهمان) التي تلعب بقطع من الحصى . وهي ألعاب غير مكلفة .
تعلمت ركوب الحمار والبغلة في الثالثة من عمرها. ليس كتدريب على رياضة الفروسية ، لكن لجلب الماء (أييام) من الوادي صباح ومساء على ظهر الحمار ، لتروي عطش أفراد عائلتها ، وبهائم حظيرة أبيها . تجلب على ظهرها الحطب (أزذام) من الغابة المجاورة لدوارها كل أسبوع للتدفئة وطهي الخبز. أضحت لا تتعامل سوى مع الحيوانات و الطبيعة الخامة . لم تصلها موجات و تقليعات آخر المودات ، مثلها الأعلى في الحياة هي جدتها التي تحمل أفكارا غابرة ، تنام على حكايات أحاجي (ثامزا) وتستيقظ في عالمها المعزول عن المدنية ، عالم ملئه صياح الأغنام ، نهيق الحمار و نباح الكلاب ،وصياح الديكة . أتقنت فاظمة لغة وإشارات التخاطب و التفاهم مع الحيوان ،(أشش ، ارر،…) ، قبل أن تتعلم لغة الآدميين . تقهقرت و نكصت في سلم و التطور الإجتماعي ، لتحيى حياة بدائية اجتماعيا وفكريا . أضحت المسكينة عنصرا من الخامات و الموجودات الطبيعية .
كانت فاظمة محظوظة فقد تزوجت منذ الخامسة عشر من عمرها من ابن خالتها الغارق في الأشغال الفلاحية حتى النخاع
فتفرغت فاظمة لتلبية متطلبات الحياة الزوجية ، أضحت تنجب كل عام
دون توقف تعيد إنتاج الحياة . ويساهم في تفاقم الازمات الإجتماعية .
تستيقظ باكرا لتحلب البقرة (أتزي ثافوناست) ، وتعجن الخبز(أتك أغروم) ،و تكنس الزنقة ( أتفاظ أزاي) ،ثم تمخط اللبن ( أتسندو أغي) ،تربي وتحظن الدجاج (أتسذار إيزظان) ، وتنقية الزرع ( أفران نتازواشت) ، ثم تطحنه (أحراي أنتزواست ).دون تجديد فيحياتها .
بقلم صلاح البركاني.
منذ صغرها وأبوها يناديها (ثامشونت) .إنها فاظمة رابعة أخواتها . ولادتها نزلت كالصاعقة على أبيها ، المتلهف الى مولود ذكر.أرضعتها أمها بحليب المعزة ، مع بطاطس معجونة بالزيت والملح ، لم ترضع حليبا اصطناعيا ، ولم تتناول أبدا أغذية مسحوقة و مدعمة بفيتامينات ولا مقويات . فطمتها أمها قبل استكمال الرضاعة ، وشرعت في إطعامها بيصرة الفول ،وخبز الشعير ،والشاي الأخضر ،والفلفل الحار والزيتون الأسود.
تعرض جسدها النحيل لعدة مخاطر و محن : لسعها عقرب وهي تساعد أباها في جمع الحصيد في سن الرابعة من عمرها ، عولجت برش اللسعة بقليل من التراب الأحمر،ثم ضمد بمعجون نبات (أفزاز=أخرووف. عضها كلب مسعور وهي ترعى البقرة ،فكان العلاج ببصاق صاحبة الكلب وقليل من شعرها يضمد فوق عضة الكلب . هكذا أصبحت الأدوية في دوارنا متوفرة مجانا ن و لا نحتاج الى زيارات ولا وصفات طبية .
تسمم دم فاظمة بسموم هذه الحيوانات ، فأصيبت بأمراض جلدية مختلفة كالجرب (الحكة) ، تشوهت ملامحها الأنثوية ، تعكرت و اسودت حياتها ، فقسا طبعها و مزاجها،أضحت عدوانية وشرسة ، تعطلت قدراتها الذهنية والإبداعية ،اختلط في تفكيرها الواقع بالخيال والأسطورة بالحقيقة . عاشت حياة ذكورية خشنة في المزارع بين الحيوانات ، بعيدة عن رقة و نعومة بنات حواء . لم تعرف معنى للحب والجمال. أضحت آلة مبرمجة تشتغل دون توقف .
لم تلقح بلقاحات الصحة العمومية المضادة للأمراض المعدية ، لكنها لقدرة قادر لم تصب بأي من هذه الأوبئة التي أودت بحياة مئات من أطفال الدوار . اكتسبت فاظمة مناعة طبيعية بتراكم السموم في دمها . كلما أحست بوعكة صحية ، شربت حساء محضرا من نبتة الشيح و الحرمل وأعشابا أخرى .
لم تلج روضا للأطفال ولا مدرسة . لم تعرف من ألعاب الطفولة سوى لعبة (العروسة) ، تصنعا من القصب و قطع من القماش ولعبة (إبوهمان) التي تلعب بقطع من الحصى . وهي ألعاب غير مكلفة .
تعلمت ركوب الحمار والبغلة في الثالثة من عمرها. ليس كتدريب على رياضة الفروسية ، لكن لجلب الماء (أييام) من الوادي صباح ومساء على ظهر الحمار ، لتروي عطش أفراد عائلتها ، وبهائم حظيرة أبيها . تجلب على ظهرها الحطب (أزذام) من الغابة المجاورة لدوارها كل أسبوع للتدفئة وطهي الخبز. أضحت لا تتعامل سوى مع الحيوانات و الطبيعة الخامة . لم تصلها موجات و تقليعات آخر المودات ، مثلها الأعلى في الحياة هي جدتها التي تحمل أفكارا غابرة ، تنام على حكايات أحاجي (ثامزا) وتستيقظ في عالمها المعزول عن المدنية ، عالم ملئه صياح الأغنام ، نهيق الحمار و نباح الكلاب ،وصياح الديكة . أتقنت فاظمة لغة وإشارات التخاطب و التفاهم مع الحيوان ،(أشش ، ارر،…) ، قبل أن تتعلم لغة الآدميين . تقهقرت و نكصت في سلم و التطور الإجتماعي ، لتحيى حياة بدائية اجتماعيا وفكريا . أضحت المسكينة عنصرا من الخامات و الموجودات الطبيعية .
كانت فاظمة محظوظة فقد تزوجت منذ الخامسة عشر من عمرها من ابن خالتها الغارق في الأشغال الفلاحية حتى النخاع
فتفرغت فاظمة لتلبية متطلبات الحياة الزوجية ، أضحت تنجب كل عام
دون توقف تعيد إنتاج الحياة . ويساهم في تفاقم الازمات الإجتماعية .
تستيقظ باكرا لتحلب البقرة (أتزي ثافوناست) ، وتعجن الخبز(أتك أغروم) ،و تكنس الزنقة ( أتفاظ أزاي) ،ثم تمخط اللبن ( أتسندو أغي) ،تربي وتحظن الدجاج (أتسذار إيزظان) ، وتنقية الزرع ( أفران نتازواشت) ، ثم تطحنه (أحراي أنتزواست ).دون تجديد فيحياتها .
بقلم صلاح البركاني.