بقلم فكري ولدعلي
Fikri_press@hotmail.fr
لم تعد تفصلنا عن الانتخابات الجماعية 2009 سوى أيام معدودة. وهي فرصة تاريخية هامة يتمكن فيها المواطنون في أغلب الدوائر الانتخابية المغربية من مشاهدة مرشحيهم، وتذكر ملامحهم بفعل غيابهم الطويل عن الدوائر التي بمجرد نجاحهم يختفون منها كالأشباح
إنها لعبة الانتخابات التي تكرر نفسها بدون ملل , على مدى سنين تداولت فيها السلطة أسماء ماكان لها من الشعب إلا أغراض مادية و معنوية توفيها ثم تقلع بطائرة نفاثة لا يستطيع المرء لحاقها.
في البداية خطب و أهازيج و حفلات و مهرجانات , كل شيء مباح تزوير الشواهد المدرسية , شراء الخطب و الشعارات الجاهزة و ابتياع الأصوات و الذمم الفاسدة ,طبق توابله كلام جميل ينخر أعماق المواطنين الأميين و المحتاجين, يخبرونهم عن الرخاء و المساكين في عز الأزمة الاقتصادية فيفرحون
.يحكون لهم عن مناصب الشغل التي ستوفر و هم العاطلون فينتابهم إحساس جميل بالأمل ,يتبجحون بتوفير السكن اللائق و الحرية و الكرامة وسط حشود طالها التهميش و الهشاشة و نخر الفقر فيها دروبا عميقة.
وعندما تنتهي حلقة الانتخابات الجميلة يبدأ الجزء الكئيب من الرواية فعوض الدفاع عن حقوق المواطنين و و إصلاح أحوال البلاد المتعثرة في أذيال المستغلين و الوقوف وجها لوجه أمام المفسدين في جميع القطاعات و المروجين للممنوعات لكن للأسف ينقلب السحر على الساحر .
فنجد المرشحين الدين كانوا يسخرون جميع الأبواق و المنابر للنجاح و يتاجرون بأحلام الفقراء و المستضعفين كما يستغلون أمية و جهل بعض المواطنين يصبحون موالين لأنظمة الفساد التي كانوا يرمونها بالحجارة و يصلبونها على جدران محافلهم الانتخابية , فيصبح قط ألامس أسدا و يطغى على من ساندوه و كانوا ممره لكرسي البرلمان و يكفهر وجهه في من ينتمون لدائرته و يقفل الهواتف في وجوههم و يتبرأ منهم براءة الذئب من دم يوسف فيصير من بطانة أصحاب السلطة و الجاه و لا يبحث إلا عن مصالحة الشخصية ليكوم ثروات و ينهب و يسرق ما تسقط عليه يده لأن فترة الانتخابات محدودة .
و عندما تقرب الانتخابات الجديدة يلبس عباءته القديمة و يحن لحيه القديم فيجلب من جب سنواته الخوالي خطاباته الراشية و المتآكلة لينشرها على المواطنين و كأن شيئا لم يقع و تعود حليمة لعادتها القديمة.
لكن الرهان أصبح اليوم جد صعب لأن المواطنين فهموا اللعبة و شبعوا من الكلام المعسول المنمق و الأفواه الباسمة التي تخلف وراءها مع كل استحقاق انتخابي آلاما و أماني و أحلاما محطمة على جدار الثقة و الانخداع و ان كان الموسم الانتخابي الفارط قد شكل حجر عثرة في حسابات بعض الأحزاب و التيارات لأن العزوف عن المشاركة كان ملموسا فهده السنة سوف تحسم في مصير الكثيرين .
والاستحقاق الانتخابي المقبل سوف يعكس حقيقة المغرب الجديد أو سيكرس مواقف العهد القديم.