محمد الراجي:
ما أقلّ الصدق في الساحة السياسية المغربية، وما أكثر النفاق فيها. حتى إنك عندما تُمعن النظر في هذه الساحة العليلة لا بد أن يساورك إحساس عميق بأنه “ما بقا فيها غير هو”، أي النفاق!
آخر وجوه النفاق السياسي طفا على السطح مؤخرا، بعدما تفجّرت قضية «النبش في القبور»، بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي. ولعل الحسنة الوحيدة لهذه «الحرب اللسانية» الدائرة بين أقدم حزبين سياسيين في المغرب، هي أننا اليوم وقفنا على حقيقة تلك الصورة المزيفة التي طالما حاول قادة الحزبين أن يرسموا لنا من خلالها أنفسهم على هيأة سمن على عسل. فقد فضحوا أنفسهم بأنفسهم، وأبانوا أمام الرأي العام الوطني، سواء على صفحات الجرائد أو على شاشة التلفزيون أن علاقة الحزبين اللذين يجمعهما سقف الحكومة لا فرق بينها وبين علاقة الضرائر (جمع ضرة)، اللواتي يتعايشن مع بعضهن البعض تحت سقف منزل واحد. الصواب يكون والعداوة قائمة!
صحيح أن «العداوة» هي السمة الأساسية التي تميز علاقة الأحزاب مع بعضها في كل بقاع الدنيا، وهذه العداوة بطبيعة الحال هي التي تدفع بالبلدان التي توجد بها أحزاب حقيقية إلى مزيد من التقدم، وإلى مزيد من الديمقراطية، وإلى مزيد من الحقوق ورفاهية المواطنين. وقد رأينا قبل أربعة شهور أثناء الحملة الإنتخابية الأمريكية كيف أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يستغلان أتفه الأشياء لتوجيه الضربات إلى بعضهما، من أجل استمالة الناخبين. فهذا هو القانون الذي يحكم السياسة، الصراع ولا شيء سوى الصراع. لكن الذي يحدث عندنا في المغرب اليوم مع الأسف، هو أن هناك صراعا بين الأحزاب السياسية، لكن هذا الصراع مع الأسف مرة أخرى ليس صراعا سياسيا حقيقيا، وإنما هو لعب الدراري وصافي!
وكم هو مخجل للغاية أن نرى سياسيا شابا مثل باراك أوباما، يقود أكبر وأقوى دولة في العالم، بعد أن خاض حملة انتخابية شرسة ضد هيلاري كيلنتون من أجل الحصول على تزكية الحزب الديمقراطي، ثم مع «الشيخ» جون ماكين فيما بعد، قبل أن توصله أصوات الأمريكيين إلى البيت الأبيض، بعد أن طرح أمامهم برنامجا سياسيا قويا، وسيطر على عقولهم بفضل أفكاره التي يوصلها إلى الناخبين عن طريق خطاباته التي يلقيها بنبرة واثقة وهو يوزع نظراته على الحشود المحيطة به، في الوقت الذي نرى فيه شيوخ الأحزاب المغربية يتصارعون فيما بينهم كأطفال صغار، لا يستطيعون إلقاء ولو جملة واحدة دون أن ينظروا إلى الأوراق التي يدوّنون عليها ما يرغبون في قوله، وكأنهم لا يؤمنون أصلا بما يقولون! ولا يملكون أي برنامج سياسي واضح. كل ما يستطيعون أن يفعلوه هو أنهم «كايقلزوا» لبعضهم البعض من تحت الجلابة، ومع ذلك يعتقدون أنهم يمارسون السياسة!
بالله عليكم، وبالله عليك يا حميد شباط تحديدا، بماذا سينفعني أنا، كشاب مغربي يطمح أن يعيش مستقبلا أفضل من الحاضر، أن أعرف من الذي قتل عبد العزيز بن ادريس قبل أربعين عاما؟ صحيح أن أحداث التاريخ يجب حفظها، لكن رفات الموتى على كل حال ليس صالحا لبناء البرامج الانتخابية. فالسياسي في نهاية المطاف تنحصر مهمته في البحث عن تحقيق رفاهية المواطنين، والسعي إلى بناء مستقبل أفضل من الماضي ومن الحاضر أيضا. لكن شباط عوض أن يفكر في المستقبل فضل العودة إلى الوراء للنبش في قبور الموتى، وتحويل رفاتهم إلى مادة يبني عليها برنامجه الانتخابي! حنا باغيين نزيدو للقدّام وهادو راجعين بنا مارشاريير! هادو يلا عولنا عليهم باش نتقدموا هنا بقينا.
الصراع «الخاوي» الدائر حاليا بين الإتحاد الاشتراكي والاستقلال، دليل آخر على أن العمل السياسي في المغرب وصل إلى مرحلة الإفلاس، وهذا شيء طبيعي للغاية، فهؤلاء الشيوخ الذين يترشحون دوما للانتخابات التشريعية والجماعية، ويحتلون الواجهة داخل أحزابهم، وصلوا اليوم إلى مرحلة «سن اليأس السياسي»، يعني حفات ليهم. بعد أن أصبحت جعبتهم فارغة، (وهي أصلا لم تكن مليئة سوى بالخوا الخاوي!). وهذه حالة خاصة لا توجد سوى في المغرب، على اعتبار أن السياسيين في العالم أجمع عندما يتقدمون في العمر يزداد نضجهم الفكري والسياسي، ويتحولون إلى مراجع كبرى على الساحة السياسية. بينما السياسيون المغاربة، كلما تقدم بهم العمر، لا يزداد «نضجهم» الفكري ورزانتهم السياسية إلا ضحالة على ضحالة! وعوض أن يكونوا قدوة للشباب الصاعد يعودون إلى أيام الصبا والمراهقة، ويمارسون الشغب في معترك السياسة أمام الرأي العام، مانحين للعالم أجمع فرصة نادرة للضحك عليهم مثل قردة داخل السيرك. هذا إذا افترضنا أن هناك أصلا من يتابع ما يجري على الساحة السياسية المغربية! الحاصول آسيادنا راكم حشّمتوا بنا!
ما أقلّ الصدق في الساحة السياسية المغربية، وما أكثر النفاق فيها. حتى إنك عندما تُمعن النظر في هذه الساحة العليلة لا بد أن يساورك إحساس عميق بأنه “ما بقا فيها غير هو”، أي النفاق!
آخر وجوه النفاق السياسي طفا على السطح مؤخرا، بعدما تفجّرت قضية «النبش في القبور»، بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي. ولعل الحسنة الوحيدة لهذه «الحرب اللسانية» الدائرة بين أقدم حزبين سياسيين في المغرب، هي أننا اليوم وقفنا على حقيقة تلك الصورة المزيفة التي طالما حاول قادة الحزبين أن يرسموا لنا من خلالها أنفسهم على هيأة سمن على عسل. فقد فضحوا أنفسهم بأنفسهم، وأبانوا أمام الرأي العام الوطني، سواء على صفحات الجرائد أو على شاشة التلفزيون أن علاقة الحزبين اللذين يجمعهما سقف الحكومة لا فرق بينها وبين علاقة الضرائر (جمع ضرة)، اللواتي يتعايشن مع بعضهن البعض تحت سقف منزل واحد. الصواب يكون والعداوة قائمة!
صحيح أن «العداوة» هي السمة الأساسية التي تميز علاقة الأحزاب مع بعضها في كل بقاع الدنيا، وهذه العداوة بطبيعة الحال هي التي تدفع بالبلدان التي توجد بها أحزاب حقيقية إلى مزيد من التقدم، وإلى مزيد من الديمقراطية، وإلى مزيد من الحقوق ورفاهية المواطنين. وقد رأينا قبل أربعة شهور أثناء الحملة الإنتخابية الأمريكية كيف أن الحزبين الجمهوري والديمقراطي يستغلان أتفه الأشياء لتوجيه الضربات إلى بعضهما، من أجل استمالة الناخبين. فهذا هو القانون الذي يحكم السياسة، الصراع ولا شيء سوى الصراع. لكن الذي يحدث عندنا في المغرب اليوم مع الأسف، هو أن هناك صراعا بين الأحزاب السياسية، لكن هذا الصراع مع الأسف مرة أخرى ليس صراعا سياسيا حقيقيا، وإنما هو لعب الدراري وصافي!
وكم هو مخجل للغاية أن نرى سياسيا شابا مثل باراك أوباما، يقود أكبر وأقوى دولة في العالم، بعد أن خاض حملة انتخابية شرسة ضد هيلاري كيلنتون من أجل الحصول على تزكية الحزب الديمقراطي، ثم مع «الشيخ» جون ماكين فيما بعد، قبل أن توصله أصوات الأمريكيين إلى البيت الأبيض، بعد أن طرح أمامهم برنامجا سياسيا قويا، وسيطر على عقولهم بفضل أفكاره التي يوصلها إلى الناخبين عن طريق خطاباته التي يلقيها بنبرة واثقة وهو يوزع نظراته على الحشود المحيطة به، في الوقت الذي نرى فيه شيوخ الأحزاب المغربية يتصارعون فيما بينهم كأطفال صغار، لا يستطيعون إلقاء ولو جملة واحدة دون أن ينظروا إلى الأوراق التي يدوّنون عليها ما يرغبون في قوله، وكأنهم لا يؤمنون أصلا بما يقولون! ولا يملكون أي برنامج سياسي واضح. كل ما يستطيعون أن يفعلوه هو أنهم «كايقلزوا» لبعضهم البعض من تحت الجلابة، ومع ذلك يعتقدون أنهم يمارسون السياسة!
بالله عليكم، وبالله عليك يا حميد شباط تحديدا، بماذا سينفعني أنا، كشاب مغربي يطمح أن يعيش مستقبلا أفضل من الحاضر، أن أعرف من الذي قتل عبد العزيز بن ادريس قبل أربعين عاما؟ صحيح أن أحداث التاريخ يجب حفظها، لكن رفات الموتى على كل حال ليس صالحا لبناء البرامج الانتخابية. فالسياسي في نهاية المطاف تنحصر مهمته في البحث عن تحقيق رفاهية المواطنين، والسعي إلى بناء مستقبل أفضل من الماضي ومن الحاضر أيضا. لكن شباط عوض أن يفكر في المستقبل فضل العودة إلى الوراء للنبش في قبور الموتى، وتحويل رفاتهم إلى مادة يبني عليها برنامجه الانتخابي! حنا باغيين نزيدو للقدّام وهادو راجعين بنا مارشاريير! هادو يلا عولنا عليهم باش نتقدموا هنا بقينا.
الصراع «الخاوي» الدائر حاليا بين الإتحاد الاشتراكي والاستقلال، دليل آخر على أن العمل السياسي في المغرب وصل إلى مرحلة الإفلاس، وهذا شيء طبيعي للغاية، فهؤلاء الشيوخ الذين يترشحون دوما للانتخابات التشريعية والجماعية، ويحتلون الواجهة داخل أحزابهم، وصلوا اليوم إلى مرحلة «سن اليأس السياسي»، يعني حفات ليهم. بعد أن أصبحت جعبتهم فارغة، (وهي أصلا لم تكن مليئة سوى بالخوا الخاوي!). وهذه حالة خاصة لا توجد سوى في المغرب، على اعتبار أن السياسيين في العالم أجمع عندما يتقدمون في العمر يزداد نضجهم الفكري والسياسي، ويتحولون إلى مراجع كبرى على الساحة السياسية. بينما السياسيون المغاربة، كلما تقدم بهم العمر، لا يزداد «نضجهم» الفكري ورزانتهم السياسية إلا ضحالة على ضحالة! وعوض أن يكونوا قدوة للشباب الصاعد يعودون إلى أيام الصبا والمراهقة، ويمارسون الشغب في معترك السياسة أمام الرأي العام، مانحين للعالم أجمع فرصة نادرة للضحك عليهم مثل قردة داخل السيرك. هذا إذا افترضنا أن هناك أصلا من يتابع ما يجري على الساحة السياسية المغربية! الحاصول آسيادنا راكم حشّمتوا بنا!