كنت أستعد لكتابة موضوع جديد في هذا الركن وبينما أهيئ الموضوع الذي فكرت في كتابته تراجعت في آخر لحظة وبدلت الموضوع وما جعلني أغيره ما تداولته مختلف المصادر بخصوص العثور على طفلين مقتولين بطريقة وحشية وقد صدمت وأنا أحاول لم المعطيات وتأثرت كثيرا لهول الجريمة وبات إهتمامي كله منصب على هذا الحادث المأساوي الذي وقع بجماعة تيزي وسلي وتقول الأخبار أن طفلين عثر عليهما مقتولين بعد أن أختفيا عن أسرتيهما لقد حاولت جاهدا وفكرت مليا في أسباب الجريمة وكيف وقعت ولماذا وقعت وماهي دوافع القتل ...؟ فلم أجد جوابا يقنعني بل كلما حاولت التفكير في الأمر وجدت عقلي شاردا وفي قلبي شعور غير عادي والذي حيرني أكثر ما تناقلته وسائل الإعلام عن حدوث جرائم عديدة في عدة مناطق من المغرب معضم الضحايا هم أطفال وقد تعرضوا للقتل بوحشية وأخرون أغتصبوا بشكل يعجز القلم عن وصفه وقد سجلت الجرائم المرتكبة بحق الأطفال في الفترة الأخيرة أرقاما قياسية حتى بات الأمر مخيفا ومروعا وكل أب أو أم يحس وكأن الدور غدا سيكون على أحد من أبنائهما وطغى هذا الشعور بعد إتساع رقعة الجرائم التي تستهدف الطفولة وأمام هول الظاهرة وتفاقمها وسرعة إنتشارها لا نجد الدولة والجمعيات المؤثرة والهيئات المهتمة بالطفل وجميع المكونات المنشغلة بحياة الطفولة تتحرك من أجل تشخيص ظاهرة قتل وإغتصاب الاطفال أوليس الأمر يحتاج لتدابير عاجلة ؟ إن القبض على مرتكبي الجرائم وأمرهم بتشخيص الجريمة وإعادتها امام أنظار الجمهور وإصدار الأحكام في حق الجناة وإدخالهم السجن عمل غير كاف بل تقصير واضح من الدولة المسئولة أولا وأخيرا على أمن المواطنين وحمايتهم من الأخطار وما يجب القيام به بعد تفاقم الإعتداءات الوحشية التي تستهدف الأطفال بالمغرب هو التفكير في عمل وقائي يحد من هذه الجرائم ويقلص من الخطر الداهم المحدق بفلذات أكبادنا ومن التدابير الوقائية الإجهاز على المخدرات والخموروعلى جميع السموم التي تساهم في إنتاج وتفريخ المنحرفين والأشخاص غير الأسوياء وتجعل سلوكاتهم منحرفة وخطيرة وتصدر عنهم بسبب هذه السموم أفعال خطيرة من قبيل ما وقع في الآونة الأخيرة ويجب عقد ندوات ولقاءات توعوية وتحسيسية لمعالجة الظاهرة والتنقيب في الأسباب الكامنة ورائها وعلى المؤسسات التعليمية تحسيس التلاميذ بالظاهرة وجعلهم في دائرة الأحداث وعدم إستثنائهم وتركهم فرصة للذئاب البشرية التي تتحين الفرصة في إلتهام فريسة جديدة وكذلك على الأسر تنبيه أطفالهم وتوجيههم من مغبة السقوط في أحضان القتلة وسفاكي الدماء خاصة وأن الوضع مقلق والأمن شبه مفقود وأمام هذا الوضع على الأباء والأمهات عدم التغافل عن أطفالهم وأن يكونوا مراقبين لهم ومعرفة مكان لعبهم وتحركاتهم وينصحونهم ويرشدونهم ويواضبوعلى ذلك وينصحونهم بعدم الذهاب نحو الأماكن المشبوهة والخطرة .الجميع معني بما يحدق بأطفالنا من مخاطر لذا وجب تكثيف الجهود من كافة المكونات لإتخاذ تدابير إستعجالية ووقائية بما في ذلك الإعلام الذي هو معني بالدرجة الأولى لا بنقل الأخبار فحسب بل بتخصيص فترات للحديث عن ظاهرة قتل الأطفال والسعي في علاجها والحد من إنتشارها بتوجيه المواطنين وتوعيتهم من خلال مختصين ومن لهم دراية في المجال ..لقد بلغ الوضع حدا لا يطاق وهنا نتساءل عن الدولة التي ما فتئت تدعي الإهتمام بالطفل وجعلت له يوم خاص به يتم الإحتفال به كل سنة وما فتئت تتحدث عن الطفولة المستغلة في الشغل وعن الطفلات الخادمات وو..وما إلى هذا من الشعارات والعناوين التي نسمعها في التلفزيون وفي الإذاعة والجرائد حتى أننا نسمع عن ندوات بل وعن قوانين لحماية الأطفال لكن لا شيئ على الأرض مما نسمعه من الجهات المسئولة التي عليها القيام بواجبها والتخلي عن ترديد الشعارات والإعلانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع وقد ساهمت هذه الشعارات الجوفاء والخرجات الإعلامية البعيدة عن جوهر المشكلة في تفشي العديد من الظواهر وشيوعها ومنها ظاهرة قتل الأطفال وإغتصابهم وبلا شك فلا مجال أمام ما يجري في البلاد في الإكتفاء بالقبض على الجناة وتقديمهم للمحاكمة وإنما العمل بجد في البحث عن الأسباب التي تتسبب في هذه الظاهرة الخطيرة التي تفتك بالطفولة خاصة إذا ما أدركنا أهمية الطفل ومدى الرعاية والحماية التي يجب أن توفر له كي تقيه من المخاطر المحدقة به وعلى الدولة الإسراع في توفير الأمن للأطفال كي يعيشوا حياة آمنة مطمئنة لا حياة رعب وفزع ولعل الحوادث الأخيرة قد أرسلت رسائل واضحة إلى الجهات المعنية ولعل الأهم في هذه الرسائل ليس قرائتها وفهم محتواها وإنما كيف ستتعامل هذه الجهات معها هذا هو السؤال الذي يبقى مطروحا حتى إشعار آخر .
عدل سابقا من قبل سعيد أدرغال في السبت أبريل 11, 2009 11:39 am عدل 5 مرات