كلما نظر بوسلام إلى وجه جدته التي تقترب من ختم ثمانين سنة من عمرها ، ينتصب سؤال عنيف بشكل أوتوماتيكي في رأسه : ترى كيف سأصير إذا قدر الله لي أن أعمر في الدنيا مثلما عمرت جدتي ، وأين سينتهي بي المصير ؟
بوسلام يطرح هذا السؤال المزعج على الدوام ، لأنه يفكر كثيرا في المستقبل ، ويعلم أن المستقبل غامض لا يعلمه إلا الله وحده . وهنا تكمن المشكلة .
صديقنا يؤمن بالقدر خيره وشره ، لكن عقله لا يريد أن يكف عن طرح هذا السؤال الذي يرهق أعصابه . وما يخيفه أكثر هو أن أيام العمر تمر بسرعة مجنونة ، وظروفه المعيشية القاهرة تجعله يعيش حياة غير مستقرة ، ما يعني أنه ممنوع – على الأقل في الوقت الراهن - ، حتى من التفكير في الزواج وتكوين أسرة تؤويه وتحضنه عندما يبلغ من الكبر عتيا ، وتخونه قوته الجسدية . عرفتو دابا علاش السيد كايسول مع راسو كيفاش غادي تولي حياتو عندما يصير في عمر جدته ؟
إنه الخوف من الشيخوخة وضعفها وتعاستها وبؤسها . جدته على الأقل ، ورغم كبرها في السن ، تجد بجانبها على الدوام ابنتها ، اللي هي الوالدة ديال بوسلام ، تعتني بها ، وتؤنسها وتخفف عنها من وحدتها ، أما هو ، فمن سيعتني به عندما يهرم إذا لم يتزوج . إخوته ؟ هادي عمرها ما تكون . حيت سيادنا الوالا كالو بأن اللحية ما كاتهز اللحية غير للمقبرة .
هل يستعين بخادمة ؟ منين غادي يجيب الفلوس باش يخلصها ، وهو الذي يجد صعوبة شديدة غير باش يجيب التعادل مع الوقت ، حيث يشتغل براتب لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور ، فمن أين سيأتي بالمال عندما يشيخ ويصير عاجزا عن العمل كي يدفع راتبا شهريا للخادمة مقابل الاعتناء به ؟
بوسلام لا يمكنه أن يتصور نفسه داخل دار للعجزة ، يريد أن يعيش ويموت معززا مكرما في بيته ، بجانب زوجته وأبنائه ، ولم لا أحفاده . لكن بماذا سيبني بيتا ، وكيف له أن يتزوج ، وهو الذي بالكاد يكفيه راتبه الهزيل ليعيش عيشة فردية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها عيشة بئيسة .
إنها بالفعل مصيبة كبيرة ! يتحمل وزرها عباس الفاسي وأعضاء حكومته وكل الذين تحملوا مسؤولية ما في دواليب الدولة منذ أن حصل المغرب على الاستقلال إلى اليوم . ولكن الله على كل حال غادي يدير التاويل ديال الخير . يكفي فقط أن يعرف هؤلاء جميعا ، أن بوسلام لا يستطيع أن يحاسبهم هنا ، ولكن حسابه معهم في محكمة العدل الالهية سيكون عسيرا للغاية . ديك الساعة بوسلام غادي يوريكم علاش قاد . اللي ما عندوش شي حسنات باش يخلص ، بوسلام غادي يلصق فيه السيئات ديالو باش يغرقو مزيان في نار جهنم !
المهم أن بوسلام يعترف بأن الوقت ولات صعيبة بزاف ، خصوصا فهاد المغرب ! يوم أمس فقط ، استيقظ في الصباح على خبر سيء يخبره أن شركة مركز الحليب قررت أن تزيد عشرين سنتيما ، أي ربعا دريال كاملة في كل نصف لتر من الحليب ، يعني تمنيا دريال ديال الزيادة في كل لتر . ما كاين غير زيد زيد ، بينما أجرته الشهرية السخيفة ظلت مستقرة في مكانها منذ عشر سنوات كاملة . ماشي الظلم هادا ؟
في البلدان الديمقراطية هناك على الأقل لن يموت الانسان مثل الكلب ولو كان وحيدا كما يحدث عندنا ، هناك مساعدات اجتماعية وتعويضات ومعاشات وخدمات طبية في المستشفيات العمومية تجعل الفرد يستطيع أن يعيش عيشة كريمة إلى أن يسلم روحه إلى باريها . أما هنا ، فلا تعويضات ولا مساعدات ولا هم يحزنون . النهار يخلليوك ركابيك هزك الما!
ولكن بوسلام مع ذلك لن يفقد الأمل ، وسيظل يحلم بغد أفضل . من يدري ؟ قد يفتح الله له بابا من حيث لا يحتسب ، وتتحقق له أحلامه وأمانيه ، ويتزوج بمن أحب ، وديك الساعة مرحبا بالشيخوخة ، ومرحبا بالعكاز المعكوف ، ومرحبا بالتجاعيد العميقة . المهم الواحد يدوز بعدا غير شي لحظات حميمية ، وبعد ذلك فالجميع يعرف أن آخرها القبر ! صافي ، ها حنا عرفنا علاش كايقلب بوسلام . كنا نعتقد أنه يخاف من وحدة الشيخوخة ، فإذا بنا نكتشف أن أكثر ما يحزنه هو وحدة هذه الليالي الباردة ، حيث تحاصره الحيطان المثلجة من كل جانب . إيوا عاونو السيد باش يتزوج ، راه باغي مع من يقسم الفراش !
Lesoir2006@gmail.com
بوسلام يطرح هذا السؤال المزعج على الدوام ، لأنه يفكر كثيرا في المستقبل ، ويعلم أن المستقبل غامض لا يعلمه إلا الله وحده . وهنا تكمن المشكلة .
صديقنا يؤمن بالقدر خيره وشره ، لكن عقله لا يريد أن يكف عن طرح هذا السؤال الذي يرهق أعصابه . وما يخيفه أكثر هو أن أيام العمر تمر بسرعة مجنونة ، وظروفه المعيشية القاهرة تجعله يعيش حياة غير مستقرة ، ما يعني أنه ممنوع – على الأقل في الوقت الراهن - ، حتى من التفكير في الزواج وتكوين أسرة تؤويه وتحضنه عندما يبلغ من الكبر عتيا ، وتخونه قوته الجسدية . عرفتو دابا علاش السيد كايسول مع راسو كيفاش غادي تولي حياتو عندما يصير في عمر جدته ؟
إنه الخوف من الشيخوخة وضعفها وتعاستها وبؤسها . جدته على الأقل ، ورغم كبرها في السن ، تجد بجانبها على الدوام ابنتها ، اللي هي الوالدة ديال بوسلام ، تعتني بها ، وتؤنسها وتخفف عنها من وحدتها ، أما هو ، فمن سيعتني به عندما يهرم إذا لم يتزوج . إخوته ؟ هادي عمرها ما تكون . حيت سيادنا الوالا كالو بأن اللحية ما كاتهز اللحية غير للمقبرة .
هل يستعين بخادمة ؟ منين غادي يجيب الفلوس باش يخلصها ، وهو الذي يجد صعوبة شديدة غير باش يجيب التعادل مع الوقت ، حيث يشتغل براتب لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور ، فمن أين سيأتي بالمال عندما يشيخ ويصير عاجزا عن العمل كي يدفع راتبا شهريا للخادمة مقابل الاعتناء به ؟
بوسلام لا يمكنه أن يتصور نفسه داخل دار للعجزة ، يريد أن يعيش ويموت معززا مكرما في بيته ، بجانب زوجته وأبنائه ، ولم لا أحفاده . لكن بماذا سيبني بيتا ، وكيف له أن يتزوج ، وهو الذي بالكاد يكفيه راتبه الهزيل ليعيش عيشة فردية أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها عيشة بئيسة .
إنها بالفعل مصيبة كبيرة ! يتحمل وزرها عباس الفاسي وأعضاء حكومته وكل الذين تحملوا مسؤولية ما في دواليب الدولة منذ أن حصل المغرب على الاستقلال إلى اليوم . ولكن الله على كل حال غادي يدير التاويل ديال الخير . يكفي فقط أن يعرف هؤلاء جميعا ، أن بوسلام لا يستطيع أن يحاسبهم هنا ، ولكن حسابه معهم في محكمة العدل الالهية سيكون عسيرا للغاية . ديك الساعة بوسلام غادي يوريكم علاش قاد . اللي ما عندوش شي حسنات باش يخلص ، بوسلام غادي يلصق فيه السيئات ديالو باش يغرقو مزيان في نار جهنم !
المهم أن بوسلام يعترف بأن الوقت ولات صعيبة بزاف ، خصوصا فهاد المغرب ! يوم أمس فقط ، استيقظ في الصباح على خبر سيء يخبره أن شركة مركز الحليب قررت أن تزيد عشرين سنتيما ، أي ربعا دريال كاملة في كل نصف لتر من الحليب ، يعني تمنيا دريال ديال الزيادة في كل لتر . ما كاين غير زيد زيد ، بينما أجرته الشهرية السخيفة ظلت مستقرة في مكانها منذ عشر سنوات كاملة . ماشي الظلم هادا ؟
في البلدان الديمقراطية هناك على الأقل لن يموت الانسان مثل الكلب ولو كان وحيدا كما يحدث عندنا ، هناك مساعدات اجتماعية وتعويضات ومعاشات وخدمات طبية في المستشفيات العمومية تجعل الفرد يستطيع أن يعيش عيشة كريمة إلى أن يسلم روحه إلى باريها . أما هنا ، فلا تعويضات ولا مساعدات ولا هم يحزنون . النهار يخلليوك ركابيك هزك الما!
ولكن بوسلام مع ذلك لن يفقد الأمل ، وسيظل يحلم بغد أفضل . من يدري ؟ قد يفتح الله له بابا من حيث لا يحتسب ، وتتحقق له أحلامه وأمانيه ، ويتزوج بمن أحب ، وديك الساعة مرحبا بالشيخوخة ، ومرحبا بالعكاز المعكوف ، ومرحبا بالتجاعيد العميقة . المهم الواحد يدوز بعدا غير شي لحظات حميمية ، وبعد ذلك فالجميع يعرف أن آخرها القبر ! صافي ، ها حنا عرفنا علاش كايقلب بوسلام . كنا نعتقد أنه يخاف من وحدة الشيخوخة ، فإذا بنا نكتشف أن أكثر ما يحزنه هو وحدة هذه الليالي الباردة ، حيث تحاصره الحيطان المثلجة من كل جانب . إيوا عاونو السيد باش يتزوج ، راه باغي مع من يقسم الفراش !
Lesoir2006@gmail.com