فوائد الزواج المبكر !
فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان :إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرورأنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله بعثه بين يديالساعة بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا ، فبلغ الرسالة وأدىالأمانة ، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابهوأتباعه إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا - . أما بعد : فمن فوائدالزواج المبكر حصول الأولاد الذين تقر بهم عينه يقول - سبحانه وتعالى - : ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَاوَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ . فالأزواج والأولاد قرةأعين ، إذ أن الله - سبحانه وتعالى - وعده أو أخبره بأن الزواج تحصل به قرة العين ،فهذا مما يشجع الشاب ويقنعه بأن يقبل على الزواج ﴿هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَاوَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ﴾ . كما أن الأولاد أيضًاأخبر الله - سبحانه وتعالى - أنهم هم شطر زينة الحياة الدنيا : ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ . فالأولاد بهم زينة للحياة الدنيا والإنسان يطلب الزينة ، وكماأنه يطلب المال كذلك يطلب الأولاد لأنهم يعادلون المال في كونهم زينة الحياة الدنيا، هذا في الدنيا ، ثم في الآخرة الأولاد الصالحون يجري نفعهم على آبائهم كما قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا منثلاث : علم ينتفع به ، أو صدقة جارية ، أو ولد صالح يدعو له ) . فالأولاد إذن فيهم مصالح عظيمة في الحياة وبعد الموت . كذلك فيالزواج المبكر وحصول الأولاد تكثير الأمة الإسلامية وتكثير المجتمع الإسلامي ،والإنسان مطلوب منه أن يشارك في بناء المجتمع الإسلامي يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( تزوجوا فإني مكاثر بكم يوم القيامة )، أو كما يقول - صلى الله عليه وسلم - . فالزواجتترتب عليه مصالح عظيمة منها ما ذكرنا ، فإذا ما شرحت للشاب هذه المزايا وهذهالمصالح فإنها تضمحل أمامه المشكلات التي تخيلها عائقة له عن الزواج . أما أنيقال : الزواج المبكر يشغل عن التحصيل العلمي وعن الدراسة ؛ فليس هذا بمسلم ، بلالصحيح العكس ، لأنه ما دام أن الزواج تحصل به المزايا التي ذكرناها ومنها السكونوالطمأنينة ، وراحة الضمير وقرة العين فهذا مما يساعد الطالب على التحصيل ، لأنهإذا ارتاح ضميره وصفا فكره من القلق فهذا يساعده على التحصيل ، أما عدم الزواج فإنهفي الحقيقة هو الذي يحول بينه وبين ما يريد من التحصيل العلمي ، لأن مشوش الفكرمضطرب الضمير لا يتمكن من التحصيل العلمي ، لكن إذا تزوج وهدأ باله وارتاحت نفسهوحصل على بيت يأوي إليه وزوجة تؤنسه وتساعده ، فإن ذلك مما يساعده على التحصيل ،فالزواج المبكر إذا يسر الله وصار هذا الزواج مناسبًا ، فإن هذا مما يسهل علىالطالب السير في التحصيل العلمي ، لا كما تصور أنه يعوقه . كذلكقولهم : إن الزواج المبكر يحمل الشاب مؤنة النفقة على الأولاد وعلى الزوجة إلى آخره، هذا - أيضًا - ليس بمسلم لأن الزواج تأتي معه البركة والخير لأنه طاعة لله ورسولهوالطاعة كلها خير ، فإذا تزوج الشاب ممتثلاً أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ومتحريًا لما وعد به من الخير وصدقت نيته فإن هذا الزواج يكون سبب خير له ،والأرزاق بيد الله - عز وجل - : ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِإِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ . فالذي يسر لك الزواج سييسرلك الرزق لك ولأولادك ﴿نَحْنُ نَرْزُقُكُمْوَإِيَّاهُمْ﴾ . فالزواج لا يحمل الشاب كما يتصور أنه يحملهفوق طاقته ، لأنه يأتي معه الخير وتأتي معه البركة ، والزواج سنة الله - سبحانهوتعالى - في البشر لا بد منه ، فهو ليس شبحًا مخيفًا وإنما هو باب من أبواب الخيرلمن صلحت نيته . أما مايتعللون به من العراقيل التي وضعت في طريق الزواج فهذه من تصرفات الناس السيئة ،أما الزواج في حد ذاته فلا يطلب فيه هذه الأشياء ، فضخامة المهر - مثلاً - والحفلاتالزائدة عن المطلوب وغير ذلك من التكاليف هذه ما أنزل الله بها من سلطان ، بلالمطلوب في الزواج التيسير فيجب أن يبين للناس أن هذه الأمور التي وضعوها في طريقالزواج أمور يترتب عليها مفاسد لأولادهم ولبناتهم وليست في صالحهم ، فيجب أن تعالجوأن يهتم بمعالجتها حتى تزول عن طريق الزواج وحتى يعود الزواج إلى يسره وإلى سهولته، ليؤدي دوره في الحياة . نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يمن علينا - جميعًا - بالتوفيق والهداية ، وأن يصلح أحوالالمسلمين ، وأن يصلح شباب المسلمين ، وأن يرد للمسلمين مكانتهم وعزتهم ، كما أنالله - سبحانه وتعالى - جعل العزة لهم في أول الأمر نسأله - سبحانه - أن يعيدها وأنيصلح شأنهم ﴿وَللهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّالْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ . نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يبصرهم في دينهم ، وأن يكفيهم شر أعدائهم ، وصلى الله وسلمعلى نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين ، والحمد لله رب العالمين . |