كيف خان وول ستريت وواشنطن العالم؟لندن- العرب أونلاين- نادين يوسف: بدأت روائح الرشاوى تفوح كاشفة عن حجم كبير من الفساد الأمريكي المدعوم من حيّها المالي المشهور "وول ستريت"، ومثل هذا التواطؤ حلفا مقدسا بين صناع القرار والشركات العاملة في مركز وول ستريت لنهب العالم وتكديس الاموال. وأظهر تقرير لمجموعة "وول ستريت ووتش" ان القطاع المالي الأميركي أنفق بين عامي 1998 و2008 أكثر من 5 مليارات دولار للتأثير على صناع القرار في واشنطن في قضايا تتعلق بالسوق المالية وهو ما ساهم في الانهيار المالي الحالي. وتبدو الشكوك والريبة يحيطان الآن بكل مبادئ الاقتصاد الاميركي ورجاله أيضا بدءا من آلان جرينسبان وروبرت روبن ولورانس سامرز ، الذين وصفتهم مجلة "تايم" بفريق العباقرة المالي الذي أنقذ العالم من انهيار مالي شامل في التسعينيات من القرن الماضي. وأوضح التقرير الذي يحمل عنوان "كيف خان وول ستريت وواشنطن أميركا" انه بين عامي 1998 و2008 قامت شركات الاستثمار ومصارف تجارية وصناديق تحوّط وشركات عقارية ومؤسسات تأمين كبرى في وول ستريت بمساهمات مالية بقيمة 1.7 مليار دولار وأنفقت أكثر من 3.4 ملياراً أخرى على مجموعات ضغط في واشنطن. ويرى محللون أن الشركات الاقتصادية الكبرى ولوبي المال في وولستريت أثبتت - قدرتها الفعلية على صناعة القرار الأمريكي مؤكدة أن فريق البيت الابيض هم مجرد مريونات في يدها تستغلها لتمرير القوانين والقرارات. وكشف اتهام القطب البارز في وول ستريت برنارد مادوف بالاحتيال عبر إدارة خطة استثمار وهمية قيمتها خمسون مليار دولار عن "أزمة أخلاقية" تعيشها أمريكا تتغذي من الفساد المالي والانتهازية والجشع الاداري. يقول بول كروغمان الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد أن ما فعله مادوف هو ذاته ما أقدمت عليه صناعة الاستثمار في الولايات المتحدة. واعتبر كروغمان أن ما كان يتقاضاه نجوم المال في وول ستريت لم يكن مستحقا "لأن نظام الأجور في وول ستريت يكافئ بشكل مبالغ فيه مظاهر الربح حتى لو تبين لاحقا أن ذلك الربح كان مجرد وهم". وأظهر التقرير الذي يقع في 231 صفحة انه في العام 2007 وحده عمل حوالي 3000 شخص من مجموعات ضغط فدرالية مسجلة لمصلحة القطاع المالي، ووثق التقرير عشرات الخطوات التي تتعلق بتحرير السوق المالية من بعض القوانين والتنظيمات وقرارات سياسية أخرى قادت معاً إلى الانهيار المالي. وتتضمن هذه الخطوات حظر تنظيم المشتقات المالية وإلغاء القيود التنظيمية بين مصارف تجارية ومصارف استثمارية ووضع برنامج اختياري لتنظيم المصارف الاستثمارية الكبرى والحيلولة دون تحرك الحكومة الفدرالية لوقف الإفراط في منح القروض ذات الفائدة المنخفضة. وأكد بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة أن العالم يعاني من أزمة مالية شاملة ناجمة جزئياً عن الجشع والفساد موضحاً أن الثقة قد اهتزت في النظام المالي وأصبحت نزاهة العديد من المصارف موضع شك. وأعد التقرير المحامي هارفي روسنفيلد من "مؤسسة تثقيف المستهلك" في كاليفورنيا وهي جمعية لا تبغي الربح وروبرت ويسمان من مجموعة "معلومات أساسية" في واشنطن التي تعنى بـ"كبح الإفراط في الاستخدام المفرط لنفوذ الشركات". ويشترك الحزبان، الديمقراطي أو الجمهوري، في خيانة العالم ولو بنسب متفاوتة وتشير التقارير إلى ان 55% من المساهمات المالية ذهبت إلى الجمهوريين و45% للديمقراطيين. ودرج الجمهوريون على فضائح سياسية مثل فضيحة "الوتر قيت" و"إيران كونترا" وغيرهما من الفضائح التي عصفت بالرؤساء الجمهوريين مثل ريتشارد نكسون ورونالد ريغن في الثلاثة عقود الأخيرة. غير أن الازمة الاقتصادية التي جرفت العالم نحو ركود اقتصادي والتي حصد العالم ثمارها المرة، هي الأشد ضمن فضائح الجمهوريين. يذكر أن 142 من أعضاء مجموعات الضغط الذين عملوا لصالح 20 مؤسسة مالية كبرى في وول ستريت في العام 2007 كانوا "مسؤولين سابقين كبار أو موظفين في السلطة التنفيذية أو الكونغرس".
