2 مشترك

دولة البطاقات البيومترية..!!

عبد الكريم محمد: رئيس تحرير نوارس الريف; 2327
العمر : 39
لإقــامه : هنا وهناك
المهنة : اعمال خاصة
نقاط : 1022
السٌّمعَة : 12
تاريخ التسجيل : 13/03/2008

مساهمة رقم 1

دولة البطاقات البيومترية..!!

من طرف عبد الكريم محمد الأحد فبراير 22, 2009 11:31 am

كنت أقف مع صديقي سمير وسط بلدتي تفرسيت محاذيين للطريق الرئيسية..نتجاذب أطراف الحديث..إذ بسيارة "لاجيب"تعكر علينا الجو وتقف بالقرب منا وينزل على متنها دركيان ويسيران نحونا أحدهما طلب البطاقة الوطنية من صديقي وأعطاه إياها قبل أن يميل وجهه إلي ويطالبني بنفس الشيئ..فأخبرته أنها"أي البطاقة" في المنزل ولا حاجة لأن آخذها معي في بلدتي..فبادر يستجوبني عن إسمي وبعض المعلومات كأني مبحوث عنه من الإنتربول أو عضو في تنظيم القاعدة والأرجج أنه أحس أني أكذب عليه أو ما شابه..فطلبت منه بطريقة عفوية أن يذهب معي إلى المنزل ومن هناك أسلم له بطاقتي وهو حر كل الحرية في أن يفعل بها ما يريد..ثم رد أنه وزملائه ذاهبون في مهمة وهددني بالمقابل أن لو لم يجد معي بطاقتي في المرة المقبلة فسيكون مئالي مبيت ليلة واحدة أو اثنتين في المعتقل المحلي..لم أجبه وغادروا إلى وجهتهم غير المعلومة ثم افترقنا أنا وصديقي على أمل أن نلتقي في اليوم الموالي،خاصة وأن الليل كان قد أسدل ستاره الأسود المخيف وتجاوزت الساعة الحادية عشر ليلا وما يزيد خوفا غياب الإنارة العمومية في جل الأزقة القريبة من "الفيلاج"..فاتجهت مباشرة صوب منزلي القريب من مركز البلدة ثم دخلت غرفتي باحثا عن البطاقة الوطنية..ولا اخفي أنه تملكني الغضب ومزقت البطاقة تمزيقا وأي خير يأتي من بطاقة لا تعترف الدولة بمعلوماتها،فالمواطن العادي إذا أراد وثيقة من الوثائق كشهادة السكنى مثلا عليه أن يحظر شهادة أخرى تدعى "الإزدياد"..وهكذا ففي مغربنا لا زال الوضع كما كان عليه في تلك الخمسينيات البعيدة حيث إذا أردت الحصول على شهادة ما عليك أن تحظر الشهادة التي تحتاج هي بحد ذاتها إلى شهادة أخرى..يعني حتى"تتفقس أوصافي"..هذا عكس ما يحصل في الدول المتقدمة إذ تكفي البطاقة لتزور كل الدول الموجودة تحت لواء الإتحاد الأوربي..
شيئ آخر ينظاف إلى قضية الشهادات وهي "التمارة" وذلك يحدث عند إلزماية ان يوقع اعوان السلطة..هؤلاء الذين كان إسمهم في عهد الإستعمار"إشكامن" أما الآن فقد تحولوا بفعل فاعل إلى أعوان للسلطة ولهم قيمتهم المصطنعة كباقي أفراد السلطة في هذا البلد..باختصار..فالمواطن المغربي العادي إذا أراد الحصول على شهادة من الشواهد فعليه أن يجدد جنسية المغربية ويوثقها في الوقت الذي يتوفر فيه على "لكارط ناسيونال"..فهل يوجد في نظركم غباءا أكثر من هذا؟!.
المهم أنني بقيت لمدة وجيزة دون بطاقة بعد ان مزقتها إربا"كما يقولون" إلى ان ظهرت علينا الحكومة الجديدة بأفكارها العبقرية وجاءتنا بخط سحرية فجائية..تمثلت في عقد صفقة مع شركة فرنسية لتمكين المغاربة من البطاقات البيومترية"فحالنا فحال ناس لوروب زعما"..لكن ظاهريا فقط أو بأصح العبارة في القشور دون اللب والجوهر..أعجبتني الصفقة وقلت مع نفسي أخيرا سأحصل على بطاقة صغيرة الحجم وإذا لن يكون منها فائدة فعلى الأقل ستتسع في محفظتي الجيبية فيما كانت آراء المحيطين حولي تتحدث باستبشار على أن المغرب بدأ في النمو وسيصل قريبا إلى مرتبة إقتصادية مماثلة لفرانسا ومثيلاتها ناسين أن التغيير والإصلاح وكذلك الإزدهار يكون من الداخل وليس من الخارج أو بأدق تعبير،ليس بتقليد الغرب.
عقدت عزمي أخيرا لأنجز الوثائق التي ستمكنني من الحصول على البطاقة البيومترية المطابقة للبطاقات البيومترية الفرنسية وشتان بين بطاقة يتبرأ منها اصحابها وبين أخرى ينتحر من أجلها الناس في أعماق المتوسط..وشتان بين من يضع يده في النار وبين من يضع يديه في الماء..فمررت كالعادة الجاري بها العمل بالسي الكاتب العمومي ثم إلى المقدم الحاصل على جائزة نوبل في القسم الأول الإبتدائي حيث قضى فيه أربع سنوات دون أن يخطو خطوة كزملائه إلى القسم الثاني فانقطع عن الدراسة وتحول فيما بعد وراثيا إلى المقدم..أو السي المقدم كما يحب أن نناديه..ثم بعد المقدم اتجهت صوب الشيخ فالخليفة ثم كاتب الخليفة..وبعد هذا كله يأتي دور الجماعة القروية فحصلت من هذه الأخيرة على الإزديادات ودفعت "السيياوات"للصندوق ثم بعدها إلى مدينة الناظور فوقفت في الصف بجانب الشارع كغيري من المواطنين والشرطي يتربص كصقر ينتظر خروج الأرنب من مخبأه في حين كان المنظر يوحي إلى أننا كمعتقلون في غياهب الغوانتنامو بحيث ليس مسموحا بالإعوجاج في الصف أو تصوير المشهد وقد وقفت على مشهد مريب عندما شاهدت شرطيا يدخل أحد الشبان إلى مركز الكوميسارية بمجرد أنه أخرج هاتفه النقال ليصور المشهد..وبعد هذا المشهد الذي لا أعرف حقا أيدعوا إلى الغضب أو إلى الضحك طالبنا الشرطي بأن نضع كل المستلزمات في أظرفة بريدية بحجة أنها الطريقة المثلى لإنهاء"السربيس دغيا"ثم بدأ في التحرك جيئة وذهابا وذلك لتفحص أظرفة الواقفين في الصف وهو في الحقيقة ينظر إلى المبلغ الموضوع في ظرف كل واحدا منا...وبالتالي من وجد في ظرفه ما يفوق المبلغ المخصص "للتنبر" فقط،رد غليه ما أخذه منه دون أن يكلمه ومن وجد معه أكثر من المبلغ أمسكه من يمينه وأدخله معه إلى مكان الإجراءات،المتمثلة في البصمات ومشقة انتظار الحصول على "التوصيل".ولا أخفي "الحيلة"التي ضربت بها الشرطي"بنص"رغم أنه"حاسب راسو مطور"..وتتجلى هذه الحيلة بوضعي لأكثر من المبلغ المخصص "للتنبر"(80 درهما)في الظرف،فألقى نظرته السريعة المعهود فأدخلني مباشرة إلى مكان"الإجراءات النهائية"ثم عاد لوحده إلى الصف الخارجي للبحث عن"نعجات أخرين"،فانتهزت الفرصة وأخرجت المبلغ الزائد وأبقيت المبلغ المخصص للإجراءات في مكمنه..وهكذا تمكنت من الحصول على التوصيل بقليل من "الخسارة"وكثير من "المشقة".فغادرت الناظور صوب بلدتي في انشراح واضح كوني سأتخلص من اتعاب الإزدياد والسجل العدلي وشهادة الإقامة هذه الأخير التي كان يتسلمها بعض الأشخاص بمبلاغ مالية حسب ظروفهم الإنتقالية..لأنها"الوثائق" ستكون ملخصة كلها في البطاقة البيومترية..وسرعان ما مرت العشرين يوم التي تفصل بين تسليم التوصيل وأخذ البطاقة الجديدة فاتجهت صوب الناظور وأخذت مكاني في الصف كالعادة دائما إلى أن اخذت البطاقة بعد جهد جهيد وما ان حققت النظر في البطاقة حتى كدت اجزع غضبا..وذهبت كل اتعابي ومجهوداتي"وتمارتي"هباءا..حيث اظافوا حرفا الى اسمي العائلي بالرغم من ان كل الوثائق توحي الى غير ذاك الاسم وتأكذ الإسم الصحيح..فعدت وسألت القائم على تسليم البطاقات اذ به يجيبني ان الخطأ ليس عندهم وانما في العاصمة وعليه ليس علي الا ان آتي بوثائق جديدة والبدأ من الصفر اذا اردت اصلاح الخطأ..هكذا أجابني هذا الأخير غير مبال تماما وملامح وجهه تقول:"شكون مسوق ليك ابن عدي".
وليس لي إلا أن أختم باستحضار قصة الحمار"أعزكم الله"..حيث يحكى ان حمارا استيقض من غفوته ذات يوم واحس بأنه زاد قوة وذهب الى الجواد وكله غرور فقال للجواد:"إني سوف أهزمك شر هزيمة إذا قبلت دون خوف بأن نتسابق في الركظ.
فنصحه البغل بأن يعود "ليتصنت لعضامه"..إلا أن الحمار تشبث بما يقوله واصر أنه يود الركظ مع البغل بل وتطاول الى القول انه واثق من هزيمة الجواد وفوزه هو..فما كان على الجواد الا ان يتقبل الطرح..ثم ذهبا لحلبة السباق فأطلق"السي السبع"صفارة الإنطلاقة فأطلق الجواد سيقانه للريح وما هي إلا لحظات حتى وصل هذا الأخير إلى نقطة النهاية..فيما بدى الحمار من بعيد معوجا وملويا رأسه جهة الشمال وعنقه جهة اليمين إلى أن وصل هو الآخر في وقت كان فيه الجواد قد أخذ راحة مطولة وحماما ساخنا..فسأل الثعلب الحمار عن سبب تأخره فأجاب الحمار بتكبر:الفايدة ماشي فالجري...الفايدة فالتعواج القمقومة".
فلا تحاولي يا حكومتنا الموقرة تقليد البغل واكتفي بالبطاقة القديمة الشيبهة"بالفوطة الجبلية".
عبد الكريم محمد

ابن المغرب البار

ابن المغرب البار: عضو نشيط; 44
العمر : 35
لإقــامه : الدريوش
المهنة : طالب جامعي
نقاط : 22
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 12/09/2007

مساهمة رقم 2

رد: دولة البطاقات البيومترية..!!

من طرف ابن المغرب البار الأحد أبريل 05, 2009 9:57 pm

السلام عليكم،،

مقال جميل، على الرغم من بعض "الهفوات" الشكلية في إسترسال الأحداث يمكن تلافيها بالمداومة، إختيار موفق للموضوع ،،
فعلاً هي البيروقراطية والتعقيدات الإدارية المبالغ فيها تجعل من الحصول على أبسط الخدمات الإدارية عملية بالغة التعقيد،،
وهي البيروقراطية السبب الوجيه في إستفحال ظاهرة الرشوة في الإداراة المغربية ،، حيث يكون المال مقابلاً لتسريع الإجراءات،،
وهي البيرقراطية سبب هروب الإستثمارات الأجنبية التي نجد نفسها أمام إجراءات لا أخر لها،،
نستبشر خيراً بالمستقبل ,, التغيير قادم لا محالة
بالتوفيق

منتدى الدريوش ريف

دولة البطاقات البيومترية..!!

دولة البطاقات البيومترية..!!

رد: دولة البطاقات البيومترية..!!

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة