الليل و الطوفان
ألف الناس في مدينتي الصغيرة صحبة الوادي المسالم فبنوا أحلامهم على جنبتيه في أمان ..وفي لحظات من ليل شتوي ماطر يضيع تاريخ طويل من الثقة العمياء..وتضيع معه الآمال والأحلام..
جاء الطوفان بينما الناس نيام صال و جال كما شاء في مجراه و انفجرت أحشاؤه فدمرت عشرات البيوت و امتدت يداه في جبروت لتنهب المتاع و الأموال وتسبي الأرواح وتترك الناجين في العراء يحاولون تصديق ما وقع..
بزغ الفجر أخيرا بعد ليل طويل، ليقف الجميع على هول ما وقع..أشكال من التدمير و التخريب في المنازل و الممتلكات..قتلى ألقى الطوفان بجثثهم على ضفتي الوادي و مئات المشردين.. نساء و أطفال يصارعون الوحل لانتشال ما بقي لهم من متاع.. خرفان لم يكتب لها أن تكون أضحية العيد ونعاج نافقة هنا و هناك..أشجار حبلى بالزيتون والرمان دكت بالأرض.. ورجال يبكون أطلال بيوتهم في صمت رهيب..
حضرت وسائل الإعلام فتعالت صرخات المنكوبين مطالبة بحقها في اللقمة و الإيواء أمام ذهول السلطات التي انشغلت بإحصاء الجثث عن توفير الحليب للرضع والخبز للجياع..كثرت الوعود و كثر السؤال عن المصير و عن المسئول..
انقضت ساعات ذلك اليوم الكئيب..والأعين النعسانة لا تنفك تراقب الوادي..وقد خارت قواه.. و تهاطلت الأنباء و الإشاعات زخات كالمطر..عن ارتفاع الصبيب في أعلى الوادي و عن قرب وقوع كارثة أخرى..
وجاء الليل..و نصبت الخيام و كانت حكاية أخرى...مع الليل و المطر.
الدريوش المنكوب
28/11/2008