قبل ثلاثة عشر يوما وبالضبط اللحظة التي كان فيها اليهود يقصفون بصواريخهم قطاع غزة دون رحمة ولا شفقة،كانتا قناتينا التلفزيتان الأولى والثانية تبثان على ترددهن سهرات فنية.وعندما كانت جماعة الدريوش تحصي عدد موتاها جراء الفيضانات كانتا "الشيختين"أيضا تبثان سهرات غنائية غير مباليات تماما للكارثة الواقعة في قرية تابعة للتراب الوطني،وكأن أهل هذه القرية يدفعون أموالا غير تلك التي يدفعها باقي المغاربة للمؤسسة الضرائبية التي تتغذى من خلالها القناتين التلفزيتين الأولى والثانية والثالثة والرابعة إلى السابعة..
وحسب بعض المصادر فإن القناة الثانية لم تصل إلى جماعة الدريوش إلا بعد الساعة الرابعة من يوم وقوع الفيضان الذي راح ضحيته 13 قتيلا فيما انهار 22 منزلا.وكأن لسان وزارة الإعلام يقول أن عدد الموتى ليس كافيا لأن تبثه التلفزة المغربية على نشرات أخبارها البسيطة ليعلم مغاربة الداخل والخارج ما يقع في بلدهم.
ونحن رأينا كيف قامت اليونان ولم تقعد إعلاميا وسكانيا للتظاهر جراء حادثة مقتل طفل واحد على أيدي الشرطة اليونانية..ماذا إذن؟!.اليونانيون بشر ونحن نشبه الكائنات البشرية فقط..؟.لا طبعا فلنا قلوب كقلوبهم وعيون كعيونهم وأجساد كأجسادهم بل ونفوقهم في واحدة،كوننا مسلمون على دين الحق وهم كافرون ومسيحيون على دين باطل.
قد يقول قائل أن الطفل اليوناني قتلته الشرطة وبالتالي من حق الشعب أن ينتفض بخلاف ما حدث في غزة فهذه الأخيرة أرض لغيرنا وبخلاف أيضا لما حدث في الدريوش جراء الفيضانات فهي كارثة طبيعية من عند الله..؟!
إذن علينا أن نبحث عن مربط الفرس ها هنا إلى أن نجده ونعود لنتسائل عن الجهات التي منحت الترخيص بالبناء للذين شيدوا منازلهم على ضفتي وادي كرت.وطبعا السلطات هي التي منحت كل الرخص التي خولت للمواطنين البناء على ضفتي الواد،بل سمحت لهم في البناء وسط الوادي وكأن الأراضي غير موجودة في الدريوش.
إذن ما الفرق بين قاتل الطفل اليوناني وقتلة الإثني عشرة شخصا في الدريوش.لا فرق طبعا.لكن لماذا لا نتظاهر كما حدث في اليونان،فاليونانيون استمروا في المظاهرة أكثر من شهر على طفل واحد،وإذا قارنا مصيبتنا بمصيبتهم فتلزمنا مظاهرة تستمر 12 شهرا كون قتلانا تجاوز 12 شخصا وهو ما يعادل سنة كاملة من التظاهر.
وغزة أليست أرضنا عقائديا؟أليس أطفالها أطفالنا والرجال فيها إخواننا؟والأمهات أمهاتنا..؟فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:"المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسلمه"وفي كتاب الله تعالى أيضا يوجد:"إنما المؤمنون إخوة" كما أنه تعالى حثنا على الجهاد وعن النضال من أجل الحرية والعيش الكريم.وإذن ما الذي يصدنا عن عدم الإقتداء بقول الله تعالى والقيام بما قام به اليونانيون على إثر مقتل الطفل الوحيد؟
الفرق بيننا وبينهم طبعا كون اليونانيين تربوا في كنف تلفه الطومأنينة والحرية وحقوق الإنسان التي تمنحها لهم الحكومة التي اختاروها ديموقراطيا.أما نحن فإننا لم نختر حكامنا والقائمين على مسؤوليات هذا البلد الذي لا زال يقبع في صفوف منظمة الدول المتخلفة.كما أن هؤلاء المسؤولين أدى بهم الوضع والقوة التي استمدوها من الجهاة العليا الى زراعة الخوف في كل وليد جديد ينظم إلى هذا البلد من ما يسمى بالمخزن لكي لا نتجرأ أو نحلم بالتجرأ يوما على عزلهم من على كراسيهم الساخنة،فأصبحنا وأبائنا نخاف حتى من أن نطالب مكتب الكهرباء "مثلا" بإعادة النور إلى أزقة دواويرنا.
إذن فالنتيجة هي أننا مجرد شعب مذلول خائف ومذعور كالفئران الهزيلة التي ترتعب بمجرد أن ترى القط مبرزا مخالبه.فما الحل..؟
الحل في نظري أن نعود إلى ديننا الذي أصبحنا نمارسه وفق ما يعجبنا وما لا يعجبنا.وصدق قول الله تعالى"ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا"
عبد الكريم محمد
عدل سابقا من قبل عبد الكريم محمد في الجمعة يناير 09, 2009 12:03 pm عدل 1 مرات