في 16 سبتمبر 1982 ، اقتحم مسلحون لبنانيون مسيحيون مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت بعلم حلفائهم الإسرائيليين الذين كانوا يحاصرون المخيمين وارتكبوا مجزرة راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء بدافع الانتقام لعملية اغتيال رئيس الجمهورية اللبنانية الأسبق بشير الجميل.
استمرت عمليات القتل والذبح والاغتصاب لمدة ثلاثة أيام كاملة ، ما أودى بحياة حوالى 4 آلف شخص ، فيما يعد أبشع فصول الصراع العربي الإسرائيلي.
تلك المذابح هزت الضمير الإنساني والعالمي بمجرد نقل أجهزة الإعلام أخبار وصور ضحاياها إلى مختلف أنحاء العالم ، وشكلت إسرائيل لجنة تحقيق قضائية برئاسة القاضي كيهان والذي أصبحت تعرف باسمه " لجنة كيهان " للتحري في ظروف هذه الجريمة والمسئولين عنها ، واستنتجت اللجنة في تقريرها النهائي عام 1983 بأن المسئول المباشر عن قيادة هذه المذابح هو إيلي حبيقة الذي كان يقود ميليشيات الكتائب بلبنان آنذاك.
كما أكدت اللجنة أن أرييل شارون الذي كان وزيرا للدفاع أثناء ارتكاب المذابح وعددا من الضباط الكبار بالجيش الإسرائيلي كانوا مسئولين مسئولية غير مباشرة عن هذه المذابح ، وبعد إعلان نتائج التحقيق أقيل شارون من منصبه.
واعتبرت إسرائيل أن مسئوليتها قد انتهت بمجرد تشكيل لجنة قضائية وإعلان نتائج تحقيقها وبذلك أغلقت ملف هذه القضية.
وفي موازاة لجنة التحقيق القضائي الإسرائيلية كانت هناك لجنة تحقيق دولية تشكلت عام 1982 للتحقيق في خروقات إسرائيل للقانون الدولي أثناء غزوها للبنان ، وهي لجنة مستقلة شكلها رجال قانون بارزون من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا برئاسة المحامي والسياسي الإيرلندي البارز شون ماك برايد الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1974.
وبمجرد حدوث مذابح صبرا وشاتيلا قررت اللجنة اعتبار هذه المذابح جزءا من تحقيقها وبذلك خصصت فصلا كاملا لهذه القضية في تقريرها النهائي الصادر عام 1983.
ويعتبر عمل هذه اللجنة والنتائج التي توصلت إليها أهم تحقيق دولي في مذابح صبرا وشاتيلا إلى حد الساعة.
وأكدت اللجنة في تقريرها أن إسرائيل تتحمل العبء الأكبر من المسئولية القانونية عن مذابح صبرا وشاتيلا وذلك لأن إسرائيل كقوة احتلال كانت تسيطر على منطقة المذابح وبالتالي فهي مسئولة عن حماية السكان طبقا لاتفاقيات جنيف لعام 1949 التي وقعت عليها إسرائيل وأصبحت ملزمة لها.
واستخلصت اللجنة بناء على الحقائق المقدمة إليها أثناء التحقيقات التي أجرتها والشهود الذين استمعت إليهم أثناء الجولات التي قامت بها إلى كل من لبنان وإسرائيل والأردن وسوريا وبريطانيا والنرويج أن إسرائيل ساهمت في التخطيط والتحضير للمذابح ولعبت دورا في تسهيل عمليات القتل من الناحية الفعلية.
وأضافت أن السلطات أو القوات الإسرائيلية ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المذابح وعمليات القتل التي يقال إنها نفذت من طرف الميليشيات اللبنانية في مخيمات اللاجئين بصبرا وشاتيلا في بيروت من 16 إلى 18 سبتمبر 1982.
وكيفت اللجنة مذابح صبرا وشاتيلا على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأن مرتكبيها أو المساهمين فيها بأي طريقة من الطرق يتحملون مسئوليتها فرديا ومن واجب الدول معاقبة الأفراد أو المنظمات المتهمة بهذه الجرائم ، مشيرة إلى أن المبادئ القانونية التي تبلورت أثناء محاكمات نورمبورج للنازيين بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت جزءا من القانون الدولي العرفي.
وتقضي مبادئ نورمبورج بأن القادة والمنظمات والمحرضين والمشاركين الذين يساهمون في صياغة أو تنفيذ خطة مشتركة أو مؤامرة لارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يكونون مسئولين عن كل الأعمال التي يؤدونها أي أشخاص آخرين تنفيذا للخطة المذكورة ، فيما تنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الأول المكمل لها لعام 1977 على التزام الدول الموقعة عليها بمحاكمة الأشخاص مرتكبي هذه الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم.
والأخطر مما سبق أن أغلبية أعضاء لجنة التحقيق الدولية ذهبوا في تكييفهم لمذابح صبرا وشاتيلا إلى اعتبارها جرائم إبادة "جينوسايد" التي تعتمد على إجراءات تهدف إلى تدمير الثقافة الوطنية والاستقلالية السياسية والإرادة الوطنية التي تدخل في إطار الكفاح الفلسطيني من أجل التحرر الوطني وحق تقرير المصير أي إجراءات تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني.
ولم تستبعد اللجنة في تقريرها أن تكون مذابح صبرا وشاتيلا جزءا من وتيرة سياسية اعتمدتها إسرائيل منذ تأسيسها لتطهير فلسطين من الفلسطينيين ، وتعتمد هذه السياسة على الترهيب الجماعي للمدنيين وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ لحمل الفلسطينيين على الفرار إلى الخارج.
واستشهدت في هذا الشأن بالمذابح التي ارتكبتها منظمة (أرجون) بقيادة مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي أثناء مذابح صبرا وشاتيلا في دير ياسين، ومنظمة شتيرن بقيادة إسحق شامير عام 1948 والتي كان معظم ضحاياها نساء وأطفال وشيوخ.
وبالإضافة إلى ذلك ، أشارت اللجنة إلى الهجوم الإرهابي الذي نفذه شارون ضد قرية القبوة بالضفة الغربية عام 1953 وذلك عندما كان قائدا لفيلق من القوات الخاصة يطلق عليها اسم وحدة (101) والتي شكلت لتنفيذ عمليات انتقامية عبر الحدود ضد الفلسطينيين.
والخلاصة أن لجنة التحقيق الدولية حملت شارون والضباط الكبار الذين كانت لهم علاقة بلبنان المسئولية الكاملة عن الجرائم التي ارتكبت في صبرا وشاتيلا ، كما أكدت بوضوح أن ميليشيات الكتائب بقيادة حبيقة قامت بدور المنفذ للمذابح.
ورغم فظاعة المذابح التي أدت إلى مقتل حوالي أربعة آلاف من الفلسطينيين العزل فإن المجتمع الدولي طوى صفحة هذه المذابح ونسي ضحاياها ولم يلاحق أو يعاقب مرتكبيها .
ضحايا صبرا وشاتيلا |
تلك المذابح هزت الضمير الإنساني والعالمي بمجرد نقل أجهزة الإعلام أخبار وصور ضحاياها إلى مختلف أنحاء العالم ، وشكلت إسرائيل لجنة تحقيق قضائية برئاسة القاضي كيهان والذي أصبحت تعرف باسمه " لجنة كيهان " للتحري في ظروف هذه الجريمة والمسئولين عنها ، واستنتجت اللجنة في تقريرها النهائي عام 1983 بأن المسئول المباشر عن قيادة هذه المذابح هو إيلي حبيقة الذي كان يقود ميليشيات الكتائب بلبنان آنذاك.
كما أكدت اللجنة أن أرييل شارون الذي كان وزيرا للدفاع أثناء ارتكاب المذابح وعددا من الضباط الكبار بالجيش الإسرائيلي كانوا مسئولين مسئولية غير مباشرة عن هذه المذابح ، وبعد إعلان نتائج التحقيق أقيل شارون من منصبه.
واعتبرت إسرائيل أن مسئوليتها قد انتهت بمجرد تشكيل لجنة قضائية وإعلان نتائج تحقيقها وبذلك أغلقت ملف هذه القضية.
وفي موازاة لجنة التحقيق القضائي الإسرائيلية كانت هناك لجنة تحقيق دولية تشكلت عام 1982 للتحقيق في خروقات إسرائيل للقانون الدولي أثناء غزوها للبنان ، وهي لجنة مستقلة شكلها رجال قانون بارزون من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيرلندا برئاسة المحامي والسياسي الإيرلندي البارز شون ماك برايد الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1974.
وبمجرد حدوث مذابح صبرا وشاتيلا قررت اللجنة اعتبار هذه المذابح جزءا من تحقيقها وبذلك خصصت فصلا كاملا لهذه القضية في تقريرها النهائي الصادر عام 1983.
ويعتبر عمل هذه اللجنة والنتائج التي توصلت إليها أهم تحقيق دولي في مذابح صبرا وشاتيلا إلى حد الساعة.
وأكدت اللجنة في تقريرها أن إسرائيل تتحمل العبء الأكبر من المسئولية القانونية عن مذابح صبرا وشاتيلا وذلك لأن إسرائيل كقوة احتلال كانت تسيطر على منطقة المذابح وبالتالي فهي مسئولة عن حماية السكان طبقا لاتفاقيات جنيف لعام 1949 التي وقعت عليها إسرائيل وأصبحت ملزمة لها.
واستخلصت اللجنة بناء على الحقائق المقدمة إليها أثناء التحقيقات التي أجرتها والشهود الذين استمعت إليهم أثناء الجولات التي قامت بها إلى كل من لبنان وإسرائيل والأردن وسوريا وبريطانيا والنرويج أن إسرائيل ساهمت في التخطيط والتحضير للمذابح ولعبت دورا في تسهيل عمليات القتل من الناحية الفعلية.
وأضافت أن السلطات أو القوات الإسرائيلية ساهمت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في المذابح وعمليات القتل التي يقال إنها نفذت من طرف الميليشيات اللبنانية في مخيمات اللاجئين بصبرا وشاتيلا في بيروت من 16 إلى 18 سبتمبر 1982.
وكيفت اللجنة مذابح صبرا وشاتيلا على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وأن مرتكبيها أو المساهمين فيها بأي طريقة من الطرق يتحملون مسئوليتها فرديا ومن واجب الدول معاقبة الأفراد أو المنظمات المتهمة بهذه الجرائم ، مشيرة إلى أن المبادئ القانونية التي تبلورت أثناء محاكمات نورمبورج للنازيين بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت جزءا من القانون الدولي العرفي.
وتقضي مبادئ نورمبورج بأن القادة والمنظمات والمحرضين والمشاركين الذين يساهمون في صياغة أو تنفيذ خطة مشتركة أو مؤامرة لارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية يكونون مسئولين عن كل الأعمال التي يؤدونها أي أشخاص آخرين تنفيذا للخطة المذكورة ، فيما تنص اتفاقيات جنيف لعام 1949 والبروتوكول الأول المكمل لها لعام 1977 على التزام الدول الموقعة عليها بمحاكمة الأشخاص مرتكبي هذه الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم.
والأخطر مما سبق أن أغلبية أعضاء لجنة التحقيق الدولية ذهبوا في تكييفهم لمذابح صبرا وشاتيلا إلى اعتبارها جرائم إبادة "جينوسايد" التي تعتمد على إجراءات تهدف إلى تدمير الثقافة الوطنية والاستقلالية السياسية والإرادة الوطنية التي تدخل في إطار الكفاح الفلسطيني من أجل التحرر الوطني وحق تقرير المصير أي إجراءات تؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني.
فلسطينية ترفع صورة أحد ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا |
ولم تستبعد اللجنة في تقريرها أن تكون مذابح صبرا وشاتيلا جزءا من وتيرة سياسية اعتمدتها إسرائيل منذ تأسيسها لتطهير فلسطين من الفلسطينيين ، وتعتمد هذه السياسة على الترهيب الجماعي للمدنيين وخاصة الأطفال والنساء والشيوخ لحمل الفلسطينيين على الفرار إلى الخارج.
واستشهدت في هذا الشأن بالمذابح التي ارتكبتها منظمة (أرجون) بقيادة مناحيم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي أثناء مذابح صبرا وشاتيلا في دير ياسين، ومنظمة شتيرن بقيادة إسحق شامير عام 1948 والتي كان معظم ضحاياها نساء وأطفال وشيوخ.
وبالإضافة إلى ذلك ، أشارت اللجنة إلى الهجوم الإرهابي الذي نفذه شارون ضد قرية القبوة بالضفة الغربية عام 1953 وذلك عندما كان قائدا لفيلق من القوات الخاصة يطلق عليها اسم وحدة (101) والتي شكلت لتنفيذ عمليات انتقامية عبر الحدود ضد الفلسطينيين.
والخلاصة أن لجنة التحقيق الدولية حملت شارون والضباط الكبار الذين كانت لهم علاقة بلبنان المسئولية الكاملة عن الجرائم التي ارتكبت في صبرا وشاتيلا ، كما أكدت بوضوح أن ميليشيات الكتائب بقيادة حبيقة قامت بدور المنفذ للمذابح.
ورغم فظاعة المذابح التي أدت إلى مقتل حوالي أربعة آلاف من الفلسطينيين العزل فإن المجتمع الدولي طوى صفحة هذه المذابح ونسي ضحاياها ولم يلاحق أو يعاقب مرتكبيها .