فبعد مجيئ ربيع وسليمان ومحمد إلى جماعة تفرسيت قادمين إليها من الدريوش كان أول ما صدر من ربيع أن أحضر معي رخصة السياقة لأساعده القيادة في الرحلة المطولة المتعبة...لكنني لم أبي هذا المطلب لكوني لا أعرف مكان رخصتي للسياقة ويلزمني وقت طويل للبح ولإيجادها في الوقت الذي نحن في حاجة إلى كل دقيقة للوصول مبكرا إلى مدينة إفران...انطلقنا إلى إفران مرورا على ميضار ثم ماريو فثلاثاء أزلاف إلى أن وصلنا إلى قاسيطة التي توقفنا فيها لبرهة للإفطار ولملأ خزان الوقود بالبنزين الكافي...ثم تابعنا سيرنا في اتجاهات الطريق المنعرجة الرابطة بين قاسيطة وأكنول...وأشد ما لفت إنتبهنا في هذه المنطقة الجبلية أن أغلبية القناطر مجرد هياكل حديدية مؤقتة"أو مطولة" حيث لم تسلم هذه المنطقة أيضا من الفيضانات الأخيرة التي أتت على الأخضر واليابس وعلى الغالي والنفيس...
وصلنا إلى أكنول،قرية هادئة خالية تقريبا من السكان مع انعام شبه تام للبنية التحتية وفي المقابل اعجبنا كونها منطقة تتميز بغابة عريضة تستهوي الزاشرين.توقفنا لفترة قصيرة في جبل لا يبعد عنها إلا بكلمترات قليلة.وهو مكان مهجور يشهد على أطلال أعمدة إسمنتية حديثة البناء يقال أنه كان مخصصا من طرف بعض رجال الأعمال لإنشاء فندق،وهو في الحقيقة مكان أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه مكان رائع،يطل على مساحة غبوية شاسعة من مرتفع عال.يقال أيضا أن المشروع تم إيقافه من طرف السلطات بسبب أعمال مخلة فاسدة للأخلاق العامة.في الوقت الذي ترخص فيه السلطات نفسها لبناء وإنشاء الكازينوهات والعلب الليلية في المدن الكبرى...
غادرنا الجبل في اتجاه مدينة تازة،المدينة الفاصلة بين الفرنسيين والإسبان في عهد الإستعمار الأجنبي والمدينة التي دخل منها الفرنسيين مع رفقائهم الخونة لإقاف محمد بن عبد الكريم الخطابي بعد الهزيمة النكراء الذي ألحقها أسد الريف في معركة انوال قبل 88 سنة.وهي مدينة لم تسلم هي الأخرى من التهميش واللا مبلاة كباقي مناطق المغرب خلافا لما يقوله البعض على ان الريف اهمش منطقة في المغرب...
غادرنا تازة باتجاه مدينة فاس التي تشهد على تاريخ المغرب لأكثر من 1200 عام والمدينة الاكثر تبذيرا للمال العام اذ ان الاحتفالات لا تلبث ان تنعش كل لحظة وحين ولعل الاحتفال الاكبر بمرور 12 قرنا على تأسيس فاس الذي اعطى انطلاقته محمد السادس،الاحتفال الذي دفعت فيه تكلفة تقدر ب100 مليون درهم بحضور أشهر المغنيين عربيا ودوليا في الوقت الذي تظهر في شوارع هذه المدينة حفرا بحجم فتحة البئر.وفي الوقت الذي تعيش ثلث ساكنتها بأقل من عشرة دراهم في اليوم الواحد...
اتجهنا بعد فاس إلى إفران مرورا على إيموزار التي تشهد تساقطات ثلجية نسبية لقربها من مدينة إفران العالية ومن إموزار إلى إفران الساحرة...تلكم المدينة البيضاء الناصعة طيلة فصل الشتاء والتي يشبهها البعض بسويسرا المغرب وليس لي والله علم مصدر هذه المقارنة العوجاء وسبب تناسي قائلها ان المقارنة لا تصح بالمظاهر فقط وانما بالمضمون ايضا...مدينة يحج اليها المغاربة والاجانب افواجا من مختلف الاقطار لترسيم ذكرياتهم عبر صور وسط الثلوج وعلى جنب الاسد الحجري الضخم.ورغم تطور المدينة بعض الشيئ ورغم توفرها على بنية تحتية لا بأس بها إلا انها لم تسلم كباقي مدن المغرب من التقليد الاعمى الذي يمتثل في اتبعنا للغرب الغاصب،لا في الجد والعمل والتفاني وانما في اللباس الذي يظهر اكثر مما يخفي رغم قساوة البرد...
فلا والله ما في العيش خيرــــــــــــــــ ولا الدنيا اذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخيرــــــــــــــــ ويبقى العود ما بقي اللحاء
غادرنا افران ليلا بعد ان التقطنا ما استطعنا عليه من صور وبعد ان تضاربنا بالثلوج الباردة فكان باختصار يوما حافلا ومشعا يمتزج فيه الفرح والمرح مع الجد...
ولكي لا أطيل أترككم مع هذه الصور التي تجسد حالة مدينة إفران ليومه الأحد 21 دجنبر...
عدل سابقا من قبل عبد الكريم محمد في السبت يناير 03, 2009 10:04 am عدل 2 مرات