عن جريدة الاتحاد الإشتراكي
كانت الرحلة إلى جزء من تراب الجماعة ممتعة، رغم ما صادفناه من واقع مرير تعيشه ساكنة غارقة في اليأس من المستقبل، ومن المسؤولين عن تسيير شؤون الجماعة، إن موقع الجماعة يحتم أن تبقى كما كانت في الماضي: القلب النابض بالجهة الشرقية، كونها صلة وصل بين الشمال والجنوب، الشرق والغرب، ولتوفرها على مناظر طبيعية خلابة ومتنوعة: جبال وغابات ووديان، رغم أنها جفت بفعل قلة التساقطات، وعدم وضع استراتيجية محكمة للحفاظ على مياه الامطار الموسمية.
تقع جماعة مشرع حمادي المركز على الطريق الرابطة بين مدينة العيون سيدي ملوك والناظور وبركان، ويحد ترابها من الشمال الشرقي: جماعة رسلان، ومن الجنوب: جماعة عين لحجر، وغربا: جماعة مستكمار، ومن الشمال الغربي: إقليم الناظور. مساحتها تقدر بـ 838,50 كلم2 وحسب إحصائيات سنة 2004، يبلغ عدد سكان الجماعة 7435 نسمة، أي اأن العدد انخفض بحوالي 21 % مقارنة مع إحصاء سنة 1994 ! ويتبين أنها تعرف أعتى نسبة للهجرة بالمنطقة، مقارنة مع الجماعات الأخرى، لكن حسب بعض المعلومات والمعاينة بجل دواوير
الجماعة، فإن نسبة الهجرة قد تزيد على50%، والاحصائيات المعلنة هي فقط خاصة بالانتخابات، إذ إن هناك من يقطن بمدن أخرى، لكنه مسجل باللوائح الانتخابية للجماعة، لأسباب معروفة، منها القبلية. وتتكون الجماعة من القبيلة الأم: بني محيو، التي تتفرع إلى عدة قبائل معروفة، وهي كالتالي: بني عبدي، لمصامدة، لعشاش، اولاد بويغرومن، اولاد مرزوق، اولاد خلوف، اولاد سعيد. وكل هذه القبائل تتكون من عدة دواوير موزعة على كل تراب الجماعة.
تشتغل ساكنة المنطقة بالفلاحة وتربية الماشية، فأغلبية المساحة جبلية، والمناطق المخصصة للفلاحة محدودة، إذ تقدر بحوالي 9182 هكتارا، وقد تزيد إن كان الموسم الفلاحي جيدا. وتنتشر بالمنطقة أشجار الزيتون واللوز، التي هي الأساس بالنسبة للرواج الفلاحي إضافة إلى بعض المزروعات الأخرى كالقمح والشعير، وبعض أنواع القطنيات.
هناك سوقان بالجماعة، سوق مشرع حمادي المركز، المهجور منذ أزيد من 20 سنة! رغم احتياج السكان له لتقريب عدة ضروريات منهم، وخلق رواج اقتصادي بالمكان، لكونه قريب من مقر الجماعة، ونقطة وصل بالمنطقة. لكن بعض بناياته أصبحت اليوم ـ رغم صلاحياتها ـ عبارة عن مرحاض! و ملاذ للمتسكعين والمشردين وغيرهم. وسوق بوعمارة، وهو الآخر عبارة عن بنايات فارغة، شبه مهدمة، وبدون أبواب، من المفروض أن يعمل يوم السبت، لكنه منذ أزيد من عشر سنوات أصبح مهجورا، رغم أن السكان في أمس الحاجة إليه. وهناك قاعة خاصة بالجماعة، من المفروض أن تقرب الإدارة من المواطنين، لكن المجلس جعلها غريبة عن السكان، ويفيد أحد المستشارين أن مواطنا حاول أن يستغل حانوتا بالسوق، ليقرب من سكان دوار لهماهمة بعض حاجاتهم المنزلية، لكن رئيس الجماعة رفع دعوى قضائية ضده، مدعيا أنه هدم الحانوت، لكن الحقيقة غير ذلك ـ يضيف المستشارـ إن المشكل سياسي إضافة إلى أن جل أبواب السوق غير موجودة! وتُرك مهجورا، مما يعني أن هناك تناقضا في مواقف رئيس الجماعة وقراراته.
توجد بالجماعة طريقان معبدتان، واحدة تربط مدينة العيون سيدي ملوك بسوق الأحد، والثانية تربط بين مدينة العيون والجماعةـ طريق سيدي ميمون. والملاحظ أنه لا توجد بهما علامات تشوير، رغم وجود عدة منعرجات خطيرة بهما، ولا توجد بطريق سيدي ميمون حراسة لممر القطار، رغم خطورته.
جاء في تصرح مستشار جماعي: إن الطريق حرفت من سيدي ميمون إلى حجرة السبع، الواجب بناؤها إلى سيدي ميمون افديس، أي أنها زورت! وتم تغيير مسارها، وذلك بتغيير الحقائق، وقد تمت مراسلة وزارة التجهيز والمديرية الجهوية للتجهيز في هذا الموضوع.
أما الطريق التي تمر بمركز الجماعة، فهي غير صالحة، رغم وجود مركز الجمارك بها، ورغم وجود مركز لتصفية مياه سد مشرع حمادي، بحيت إنها أصبحت مهجورة، نظرا لوجود منعرجات تشكل خطرا على حياة مستعمليها، خصوصا شاحنات الوزن الثقيل، وقنطرة مشرع حمادي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الجميع، لأنها لم تعد صالحة للمرور، ولايمكن مرور سيارتين بها في آن واحد، لذا وجب إعادة بنائها.
ويقول السكان، إنهم يعانون من مشكل المواصلات، بحيث إنهم ينتظرون أزيد من ساعة حتى تاتي شاحنة! في الغالب تكون وسيلتهم الوحيدة للسفر والتنقل إلى مكان آخر لقضاء أغراضهم، أما السيارات، فنادرا ما تمر عبر تلك الطريق، بعدما كانت حيوية لأزيد من نصف قرن، كانت مكان استراحة ولقاء، أما اليوم فأصبحت العزلة عنوانا رئيسيا لها. من نقطة عبور إلى الإقصاء. وقد عبر أحد الالمواطنين تجاوز الستين عاما، عن حسرته
وألمه من واقع المنطقة بالقول: «البلاد خلات ودرات والناس هجرات) ويضيف آخرون: إنه إذا ما تم منع الشاحنات من المرور عبر القنطرة، فإن المنطقة ستصبح معزولة كليا.
أين الماء أصل الحياة والكهرباء نور الليل؟
إن هاجس الماء الصالح للشرب أصبح الشغل الشاغل لجل ساكنة الدواوير المكونة للجماعة، فرغم التوصيات الداعية إلى فك العزلة عن ساكنة العالم القروي، وتزويدها بالماء الصالح للشرب، لاتزالت عدة دواوير بجماعة مشرع حمادي محرومة منه، ويتهددها العطش، خصوصا وأن فصل الصيف اقترب، واقتربت معه الحرارة التي غالبا ما تكون مخيفة، ويضاف إلى ذلك عدم إيصال الكهرباء لجل دواوير الجماعة، مما يؤدي إلى الهجرة السريعة للسكان هربا من العزلة والفقر، وفيما يلي بعض الأمثلة: دوار اولاد مرزوق، بعد طول انتظار لإيصال الماء الصالح للشرب إلى المنازل، أو تقريبه منها، وكذلك عدم كهربة الدواوير،اضطر أغلب السكان للهجرة، وترك منازلهم، في انتظار أن تتحرك الجماعة، وتفي بوعدها، وتلتزم بفك الغزلة عن العالم القروي، وقد سبق أن نشرت الجريدة استطلاعا عن دوار اولاد مرزوق، لكن لحد الآن لم يتغير أي شئء. دوار اولاد بوربعة، بعدما كانت تقطنه أزيد من 12 عائلة، كلها كانت تشتغل بالفلاحة والرعي، وبعد سنوات من الجفاف، وتهميش الجماعة لهم، وبعد طول انتظار الماء الصالح للشرب والطريق وكهربة الدواوير، هاجر أغلبهم، ولم يبق سوى من بقي له ماء في البئر، وتسلح بالصبر لمواجهة صعوبة الحياة بالبادية، ويقول بعض السكان: إنه وقت الفلاحة، هناك من يلتحق بالأرض ممن هاجر إلى المدينة وقت الحرث ووقت الحصاد، لكن المعاناة تبقى متمثلة في انعدام الماء الصالح للشرب ووسائل النقل، مما قد يضطرهم إلى ترك المحاصيل الزراعية، قليلة ام كثيرة، عرضة للتلف، نظرا لما يتطلب ذلك من مصاريف إضافية لا يستطيعون أداءها. دوار جابر اولاد تادموت، مهجور بسبب انعدام الماء والكهرباء، أزيد من عشر عائلات هاجرت. هناك من قصد الجبل، لكن عندما فقد الماء، اقتربوا من وادي بورديم، وعندما جف الوادي هاجروا إلى المدينة، لقد طال انتظارهم لمساعدات الجماعة، من أجل تحمل مشاق قلة المياه الصالحة للشرب، لكن وجدوا أبواب الجماعة مغلقة أمامهم، فرحلوا تاركين منازلهم، وتفيد معلومات من هذا الدوار أنه لم يبق به سوى عائلتين، تنتظران فقط جني المحاصيل الزراعية لتهاجرا بدورهما إلى مدينة العيون سيدي ملوك. دوار لعثامنة، منذ أزيد من شهرين وسكان هذا الدوار يعانون من العطش، رغم وجود الحنفيات داخل منازلهم، لكن الماء مقطوع عنهم، مما يضطرهم للتنقل حتى بوعمارة، ومدينة العيون، للبحث عن الماء الصالح للشرب، أي ما يفوق 8 كلمترات، للاشارة تم طلب إحداث ثقب مائي للتخفيف من معاناة السكان من طرف إحدى الجمعيات، لكن الرئيس رفض لأسباب سياسية، ويصرح أحد المواطنين بعين المكان أمام حنفية لا تعمل:« وقت الانتخابات يصولون ويجولون، لكن اليوم، ها نحن بدون ماء ولا كهرباء، بحيث إن الكهرباء أصبح حلما فقط». وقد وقد تم إخبار هؤلاء السكان بأن الكهرباء لن تصل إليهم! مما اضطر معه البعض إلى اللجوء إلى الطاقة الشمسية، وهي بديل ليس في مستطاع الجميع. إذ ما يزال أزيد من 50 عائلة صامدين فوق أراضيهم، رغم مرارة العيش وقسوة الحياة، لكن الشباب يرحل إلى المدن بحثا عن العمل ثم العودة لمساعدة أسرهم. دوار لهماهمة بوعمارة، رغم أن الماء الصالح للشرب قريب من هذا الدوار، إلا أنه يتم قطعه بين الفينة والأخرى، مما يجعل الناس يشربون مياه الأمطارالمدخرة. أما الكهرباء فما تزال الوعود هي السمة الطاغية بالجماعة في شأنه.
توجد حوالي 100 عائلة تسكن بمركز هذه الجماعة الغريب أمرها، إذ كيف يعقل أن يكون مقر مركز ضخ مياه حوض ملوية بالجماعة، ولايستفيد سكان المركز من المياه الصالحة للشرب، بحيث إن السكان يجلبون الماء الصالح للشرب من عين حجرة السبع، أو من عين أمان امزيانن، أومن بعض العيون الأخرى بوادي ملوية، أو ينتظرون صهريج المياه، وهناك من يذهب حتى مدينة العيون، حوالي 40كلم، أو مدينة زايو بحثا عن الماء. ولايتوفر لديهم سوى مياه الغسيل المستخرج من السد، بل هناك من يشرب من مياه الوادي، مما قد يعرضه لأمراض مختلفة. وتبقى الدواب الوسيلة الانجح لجلب المياه والتنقل.
توجد بالمنطقة 3 مجموعات مدارس، موزعة على تراب الجماعة، إذ يلاحظ أن البنايات غير صالحة للتدريس، لعدة أسباب منها: عدم وجود أسوار لحمايتها من السرقة، مدرسة مركز الجماعة الموجودة منذ عهد الحماية أصبحت معرضة للانهيار، وبابها مفتوح على الدوام، وبدون حارس، أما الفرعيات الأخرى، فأغلبها مجرد بنايات مركبة، وجب تغييرها، والمياه منعدمة بجلها، وكذلك الصرف الصحي غير موجود. ويفيد بعض السكان أن ليس هناك مراقبة لما يقع، وأنهم يرسلون أبناءهم فقط لمحاربة الأمية. فهل ستستفيد تلك المدارس ـ إن صحت تسميتها مدارس ـ من المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم والبنايات التحتية بالجماعة؟
يعاني سكان الجماعة من انعدام مستوصفات تلبي أدنى متطلباتهم واحتياجاتهم الصحية، وهذاحال المنطقة، فلا يوجد سوى مستوصف واحد بمركز الجماعة، لكنه جل الأوقات مغلق، وحسب سكان المركز، فالطبيبة لاتأتي سوى مرتين في الأسبوع، الاثنين والخميس، لكن حتى الساعة 10صباحا فقط! وتنصرف بمجرد أن تفحص من وجدت آنذاك، ولاتنتظر أكثر. أما الممرض فهو جل الأسبوع غير موجود. ونشير إلى أنه في دورة اكتوبر2007 ، أدرجت نقطة تخص غياب الممرض عن المستوصف، من أجل فتح أبوابه وتحسين خدماته، لكن جواب الطبيب الرئيسي كان غير مقنع، وغير مسؤول، مما يدل على انعدام المراقبة الحقيقية من طرف مسؤولي وزارة الصحة، والدليل على ذلك أن الوضع ازداد تأزما منذ ذلك الوقت، ويضيف بعض السكان، أنهم يطلبون من وزيرة الصحة التدخل وإحداث دار للولادة بالمركز، حتى يتم التخفيف عن النساء الحوامل من مشاق الانتقال إلى المركزالصحي بالعيون، أو مدينة وجدة، ويطلبون أن تكون سكنى المسؤولين عن المستوصف بالمركز، حتى يتم تجاوز كل المشاكل.
أما بخصوص عملية التلقيح الأخيرة، فقد أفاد بعض السكان بسيدي ميمون، أن هناك ممثلين عن وزارة الصحة جاءوا إلى البادية بدون إخبارهم مسبقا، وهناك من استفاد من التلقيح، لكن هناك عدد كبير لم يستفد من العملية. هذا مع الإشارة إلى إنه لاتوجد صيدلية خاصة بمركز الجماعة.
هناك فقط مكلف بالإرساليات أيام الإثنين والأربعاء والجمعة، ينتقل بين مدينة العيون ومركز الجماعة.
لاوجود لأي ملعب رياضي أو دارللشباب، أوغير ذلك من الأندية التي تهتم بقضايا الشباب، والمرافق الرياضية! والغريب أنه في سؤال عن الرياضة، ضحك أحد الشباب قائلا: إنه حلم مستحيل.
وتوجد لبنة أولى لجمعية الوحدة للتنمية، في محاولة منها المساهمة في النهوض بالمنطقة ـ التنمية الاجتماعية والمحافظة على البيئة ـ صرح عضو منها أنهم وجدوا عدة عراقيل من طرف الجماعة التي أخبرتهم بأنها لا تتعامل إلا مع التعاونيات، فأين هي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ ومن يستفيد منها؟
توجد بالجماعة مناطق طبيعية متنوعة، بين جبال ومغارات وغابات، وكذلك السد، والذي كان من المفروض أن يستثمر من أجل السياحة الجبلية والغابوية، لكن أبت الجماعة إلا أن تهمشها، وتترك فقط بعض الخواص يستفيدون منها، خصوصا جمعية القنص السياحي، والقنص العادي، نظرا لوجود الحلوف والأرنب والحجل، إضافة إلى صيد الأسماك بسد مشرع حمادي. ونشير إلى أن الغابة تتنوع، من أشجار العرعار والصنوبر والكريش والدرو وعدة أعشاب طبية متنوعة، ورغم الحرائق الكثيرة التي عرفتها غابة المنطقة ـ تناريت ـ فما تزال عدة أماكن بالغابة يمكن تسميتها غابة عذراء، نظرا لصفائها وعدم تلوثها من طرف المخربين، لكن وجب الإسراع بحمايتها وذلك بتكليف حراس كثيرين لحراستها، وهناك جمعية تسمى «السلام للتنمية والمحافظة على البيئة والمحيط الغابوي » تطالب بمحاربة الغزابة الذين يتسببون في خراب المحمية(لحريق) ويمكن القول إن المنطقة رائعة وسياحية بامتياز، لكن الجماعة لا تعرف كيف تستفيد منها. وكخلاصة، وحسب بعض المصادر من داخل المجلس و خارجه، فإن سوء التسيير والتدبير، وعدم التفكير في مستقبل الجماعة ومصالح المواطنين، هو ما يميز المجلس، وقد عبر جل السكان عن استغرابهم واندهاشهم لما وصل إليه الوضع بالمنطقة، لقد كانوا ينتظرون إنصافهم ورفع مستوى عيشهم، وصون كرامتهم، لكنهم اليوم يتساءلون: هل ستصبح الجماعة في خبر كان، وتبقى الأرض بدون سكان؟!!
كانت الرحلة إلى جزء من تراب الجماعة ممتعة، رغم ما صادفناه من واقع مرير تعيشه ساكنة غارقة في اليأس من المستقبل، ومن المسؤولين عن تسيير شؤون الجماعة، إن موقع الجماعة يحتم أن تبقى كما كانت في الماضي: القلب النابض بالجهة الشرقية، كونها صلة وصل بين الشمال والجنوب، الشرق والغرب، ولتوفرها على مناظر طبيعية خلابة ومتنوعة: جبال وغابات ووديان، رغم أنها جفت بفعل قلة التساقطات، وعدم وضع استراتيجية محكمة للحفاظ على مياه الامطار الموسمية.
تقع جماعة مشرع حمادي المركز على الطريق الرابطة بين مدينة العيون سيدي ملوك والناظور وبركان، ويحد ترابها من الشمال الشرقي: جماعة رسلان، ومن الجنوب: جماعة عين لحجر، وغربا: جماعة مستكمار، ومن الشمال الغربي: إقليم الناظور. مساحتها تقدر بـ 838,50 كلم2 وحسب إحصائيات سنة 2004، يبلغ عدد سكان الجماعة 7435 نسمة، أي اأن العدد انخفض بحوالي 21 % مقارنة مع إحصاء سنة 1994 ! ويتبين أنها تعرف أعتى نسبة للهجرة بالمنطقة، مقارنة مع الجماعات الأخرى، لكن حسب بعض المعلومات والمعاينة بجل دواوير
الجماعة، فإن نسبة الهجرة قد تزيد على50%، والاحصائيات المعلنة هي فقط خاصة بالانتخابات، إذ إن هناك من يقطن بمدن أخرى، لكنه مسجل باللوائح الانتخابية للجماعة، لأسباب معروفة، منها القبلية. وتتكون الجماعة من القبيلة الأم: بني محيو، التي تتفرع إلى عدة قبائل معروفة، وهي كالتالي: بني عبدي، لمصامدة، لعشاش، اولاد بويغرومن، اولاد مرزوق، اولاد خلوف، اولاد سعيد. وكل هذه القبائل تتكون من عدة دواوير موزعة على كل تراب الجماعة.
تشتغل ساكنة المنطقة بالفلاحة وتربية الماشية، فأغلبية المساحة جبلية، والمناطق المخصصة للفلاحة محدودة، إذ تقدر بحوالي 9182 هكتارا، وقد تزيد إن كان الموسم الفلاحي جيدا. وتنتشر بالمنطقة أشجار الزيتون واللوز، التي هي الأساس بالنسبة للرواج الفلاحي إضافة إلى بعض المزروعات الأخرى كالقمح والشعير، وبعض أنواع القطنيات.
هناك سوقان بالجماعة، سوق مشرع حمادي المركز، المهجور منذ أزيد من 20 سنة! رغم احتياج السكان له لتقريب عدة ضروريات منهم، وخلق رواج اقتصادي بالمكان، لكونه قريب من مقر الجماعة، ونقطة وصل بالمنطقة. لكن بعض بناياته أصبحت اليوم ـ رغم صلاحياتها ـ عبارة عن مرحاض! و ملاذ للمتسكعين والمشردين وغيرهم. وسوق بوعمارة، وهو الآخر عبارة عن بنايات فارغة، شبه مهدمة، وبدون أبواب، من المفروض أن يعمل يوم السبت، لكنه منذ أزيد من عشر سنوات أصبح مهجورا، رغم أن السكان في أمس الحاجة إليه. وهناك قاعة خاصة بالجماعة، من المفروض أن تقرب الإدارة من المواطنين، لكن المجلس جعلها غريبة عن السكان، ويفيد أحد المستشارين أن مواطنا حاول أن يستغل حانوتا بالسوق، ليقرب من سكان دوار لهماهمة بعض حاجاتهم المنزلية، لكن رئيس الجماعة رفع دعوى قضائية ضده، مدعيا أنه هدم الحانوت، لكن الحقيقة غير ذلك ـ يضيف المستشارـ إن المشكل سياسي إضافة إلى أن جل أبواب السوق غير موجودة! وتُرك مهجورا، مما يعني أن هناك تناقضا في مواقف رئيس الجماعة وقراراته.
توجد بالجماعة طريقان معبدتان، واحدة تربط مدينة العيون سيدي ملوك بسوق الأحد، والثانية تربط بين مدينة العيون والجماعةـ طريق سيدي ميمون. والملاحظ أنه لا توجد بهما علامات تشوير، رغم وجود عدة منعرجات خطيرة بهما، ولا توجد بطريق سيدي ميمون حراسة لممر القطار، رغم خطورته.
جاء في تصرح مستشار جماعي: إن الطريق حرفت من سيدي ميمون إلى حجرة السبع، الواجب بناؤها إلى سيدي ميمون افديس، أي أنها زورت! وتم تغيير مسارها، وذلك بتغيير الحقائق، وقد تمت مراسلة وزارة التجهيز والمديرية الجهوية للتجهيز في هذا الموضوع.
أما الطريق التي تمر بمركز الجماعة، فهي غير صالحة، رغم وجود مركز الجمارك بها، ورغم وجود مركز لتصفية مياه سد مشرع حمادي، بحيت إنها أصبحت مهجورة، نظرا لوجود منعرجات تشكل خطرا على حياة مستعمليها، خصوصا شاحنات الوزن الثقيل، وقنطرة مشرع حمادي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على الجميع، لأنها لم تعد صالحة للمرور، ولايمكن مرور سيارتين بها في آن واحد، لذا وجب إعادة بنائها.
ويقول السكان، إنهم يعانون من مشكل المواصلات، بحيث إنهم ينتظرون أزيد من ساعة حتى تاتي شاحنة! في الغالب تكون وسيلتهم الوحيدة للسفر والتنقل إلى مكان آخر لقضاء أغراضهم، أما السيارات، فنادرا ما تمر عبر تلك الطريق، بعدما كانت حيوية لأزيد من نصف قرن، كانت مكان استراحة ولقاء، أما اليوم فأصبحت العزلة عنوانا رئيسيا لها. من نقطة عبور إلى الإقصاء. وقد عبر أحد الالمواطنين تجاوز الستين عاما، عن حسرته
وألمه من واقع المنطقة بالقول: «البلاد خلات ودرات والناس هجرات) ويضيف آخرون: إنه إذا ما تم منع الشاحنات من المرور عبر القنطرة، فإن المنطقة ستصبح معزولة كليا.
أين الماء أصل الحياة والكهرباء نور الليل؟
إن هاجس الماء الصالح للشرب أصبح الشغل الشاغل لجل ساكنة الدواوير المكونة للجماعة، فرغم التوصيات الداعية إلى فك العزلة عن ساكنة العالم القروي، وتزويدها بالماء الصالح للشرب، لاتزالت عدة دواوير بجماعة مشرع حمادي محرومة منه، ويتهددها العطش، خصوصا وأن فصل الصيف اقترب، واقتربت معه الحرارة التي غالبا ما تكون مخيفة، ويضاف إلى ذلك عدم إيصال الكهرباء لجل دواوير الجماعة، مما يؤدي إلى الهجرة السريعة للسكان هربا من العزلة والفقر، وفيما يلي بعض الأمثلة: دوار اولاد مرزوق، بعد طول انتظار لإيصال الماء الصالح للشرب إلى المنازل، أو تقريبه منها، وكذلك عدم كهربة الدواوير،اضطر أغلب السكان للهجرة، وترك منازلهم، في انتظار أن تتحرك الجماعة، وتفي بوعدها، وتلتزم بفك الغزلة عن العالم القروي، وقد سبق أن نشرت الجريدة استطلاعا عن دوار اولاد مرزوق، لكن لحد الآن لم يتغير أي شئء. دوار اولاد بوربعة، بعدما كانت تقطنه أزيد من 12 عائلة، كلها كانت تشتغل بالفلاحة والرعي، وبعد سنوات من الجفاف، وتهميش الجماعة لهم، وبعد طول انتظار الماء الصالح للشرب والطريق وكهربة الدواوير، هاجر أغلبهم، ولم يبق سوى من بقي له ماء في البئر، وتسلح بالصبر لمواجهة صعوبة الحياة بالبادية، ويقول بعض السكان: إنه وقت الفلاحة، هناك من يلتحق بالأرض ممن هاجر إلى المدينة وقت الحرث ووقت الحصاد، لكن المعاناة تبقى متمثلة في انعدام الماء الصالح للشرب ووسائل النقل، مما قد يضطرهم إلى ترك المحاصيل الزراعية، قليلة ام كثيرة، عرضة للتلف، نظرا لما يتطلب ذلك من مصاريف إضافية لا يستطيعون أداءها. دوار جابر اولاد تادموت، مهجور بسبب انعدام الماء والكهرباء، أزيد من عشر عائلات هاجرت. هناك من قصد الجبل، لكن عندما فقد الماء، اقتربوا من وادي بورديم، وعندما جف الوادي هاجروا إلى المدينة، لقد طال انتظارهم لمساعدات الجماعة، من أجل تحمل مشاق قلة المياه الصالحة للشرب، لكن وجدوا أبواب الجماعة مغلقة أمامهم، فرحلوا تاركين منازلهم، وتفيد معلومات من هذا الدوار أنه لم يبق به سوى عائلتين، تنتظران فقط جني المحاصيل الزراعية لتهاجرا بدورهما إلى مدينة العيون سيدي ملوك. دوار لعثامنة، منذ أزيد من شهرين وسكان هذا الدوار يعانون من العطش، رغم وجود الحنفيات داخل منازلهم، لكن الماء مقطوع عنهم، مما يضطرهم للتنقل حتى بوعمارة، ومدينة العيون، للبحث عن الماء الصالح للشرب، أي ما يفوق 8 كلمترات، للاشارة تم طلب إحداث ثقب مائي للتخفيف من معاناة السكان من طرف إحدى الجمعيات، لكن الرئيس رفض لأسباب سياسية، ويصرح أحد المواطنين بعين المكان أمام حنفية لا تعمل:« وقت الانتخابات يصولون ويجولون، لكن اليوم، ها نحن بدون ماء ولا كهرباء، بحيث إن الكهرباء أصبح حلما فقط». وقد وقد تم إخبار هؤلاء السكان بأن الكهرباء لن تصل إليهم! مما اضطر معه البعض إلى اللجوء إلى الطاقة الشمسية، وهي بديل ليس في مستطاع الجميع. إذ ما يزال أزيد من 50 عائلة صامدين فوق أراضيهم، رغم مرارة العيش وقسوة الحياة، لكن الشباب يرحل إلى المدن بحثا عن العمل ثم العودة لمساعدة أسرهم. دوار لهماهمة بوعمارة، رغم أن الماء الصالح للشرب قريب من هذا الدوار، إلا أنه يتم قطعه بين الفينة والأخرى، مما يجعل الناس يشربون مياه الأمطارالمدخرة. أما الكهرباء فما تزال الوعود هي السمة الطاغية بالجماعة في شأنه.
توجد حوالي 100 عائلة تسكن بمركز هذه الجماعة الغريب أمرها، إذ كيف يعقل أن يكون مقر مركز ضخ مياه حوض ملوية بالجماعة، ولايستفيد سكان المركز من المياه الصالحة للشرب، بحيث إن السكان يجلبون الماء الصالح للشرب من عين حجرة السبع، أو من عين أمان امزيانن، أومن بعض العيون الأخرى بوادي ملوية، أو ينتظرون صهريج المياه، وهناك من يذهب حتى مدينة العيون، حوالي 40كلم، أو مدينة زايو بحثا عن الماء. ولايتوفر لديهم سوى مياه الغسيل المستخرج من السد، بل هناك من يشرب من مياه الوادي، مما قد يعرضه لأمراض مختلفة. وتبقى الدواب الوسيلة الانجح لجلب المياه والتنقل.
توجد بالمنطقة 3 مجموعات مدارس، موزعة على تراب الجماعة، إذ يلاحظ أن البنايات غير صالحة للتدريس، لعدة أسباب منها: عدم وجود أسوار لحمايتها من السرقة، مدرسة مركز الجماعة الموجودة منذ عهد الحماية أصبحت معرضة للانهيار، وبابها مفتوح على الدوام، وبدون حارس، أما الفرعيات الأخرى، فأغلبها مجرد بنايات مركبة، وجب تغييرها، والمياه منعدمة بجلها، وكذلك الصرف الصحي غير موجود. ويفيد بعض السكان أن ليس هناك مراقبة لما يقع، وأنهم يرسلون أبناءهم فقط لمحاربة الأمية. فهل ستستفيد تلك المدارس ـ إن صحت تسميتها مدارس ـ من المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم والبنايات التحتية بالجماعة؟
يعاني سكان الجماعة من انعدام مستوصفات تلبي أدنى متطلباتهم واحتياجاتهم الصحية، وهذاحال المنطقة، فلا يوجد سوى مستوصف واحد بمركز الجماعة، لكنه جل الأوقات مغلق، وحسب سكان المركز، فالطبيبة لاتأتي سوى مرتين في الأسبوع، الاثنين والخميس، لكن حتى الساعة 10صباحا فقط! وتنصرف بمجرد أن تفحص من وجدت آنذاك، ولاتنتظر أكثر. أما الممرض فهو جل الأسبوع غير موجود. ونشير إلى أنه في دورة اكتوبر2007 ، أدرجت نقطة تخص غياب الممرض عن المستوصف، من أجل فتح أبوابه وتحسين خدماته، لكن جواب الطبيب الرئيسي كان غير مقنع، وغير مسؤول، مما يدل على انعدام المراقبة الحقيقية من طرف مسؤولي وزارة الصحة، والدليل على ذلك أن الوضع ازداد تأزما منذ ذلك الوقت، ويضيف بعض السكان، أنهم يطلبون من وزيرة الصحة التدخل وإحداث دار للولادة بالمركز، حتى يتم التخفيف عن النساء الحوامل من مشاق الانتقال إلى المركزالصحي بالعيون، أو مدينة وجدة، ويطلبون أن تكون سكنى المسؤولين عن المستوصف بالمركز، حتى يتم تجاوز كل المشاكل.
أما بخصوص عملية التلقيح الأخيرة، فقد أفاد بعض السكان بسيدي ميمون، أن هناك ممثلين عن وزارة الصحة جاءوا إلى البادية بدون إخبارهم مسبقا، وهناك من استفاد من التلقيح، لكن هناك عدد كبير لم يستفد من العملية. هذا مع الإشارة إلى إنه لاتوجد صيدلية خاصة بمركز الجماعة.
هناك فقط مكلف بالإرساليات أيام الإثنين والأربعاء والجمعة، ينتقل بين مدينة العيون ومركز الجماعة.
لاوجود لأي ملعب رياضي أو دارللشباب، أوغير ذلك من الأندية التي تهتم بقضايا الشباب، والمرافق الرياضية! والغريب أنه في سؤال عن الرياضة، ضحك أحد الشباب قائلا: إنه حلم مستحيل.
وتوجد لبنة أولى لجمعية الوحدة للتنمية، في محاولة منها المساهمة في النهوض بالمنطقة ـ التنمية الاجتماعية والمحافظة على البيئة ـ صرح عضو منها أنهم وجدوا عدة عراقيل من طرف الجماعة التي أخبرتهم بأنها لا تتعامل إلا مع التعاونيات، فأين هي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؟ ومن يستفيد منها؟
توجد بالجماعة مناطق طبيعية متنوعة، بين جبال ومغارات وغابات، وكذلك السد، والذي كان من المفروض أن يستثمر من أجل السياحة الجبلية والغابوية، لكن أبت الجماعة إلا أن تهمشها، وتترك فقط بعض الخواص يستفيدون منها، خصوصا جمعية القنص السياحي، والقنص العادي، نظرا لوجود الحلوف والأرنب والحجل، إضافة إلى صيد الأسماك بسد مشرع حمادي. ونشير إلى أن الغابة تتنوع، من أشجار العرعار والصنوبر والكريش والدرو وعدة أعشاب طبية متنوعة، ورغم الحرائق الكثيرة التي عرفتها غابة المنطقة ـ تناريت ـ فما تزال عدة أماكن بالغابة يمكن تسميتها غابة عذراء، نظرا لصفائها وعدم تلوثها من طرف المخربين، لكن وجب الإسراع بحمايتها وذلك بتكليف حراس كثيرين لحراستها، وهناك جمعية تسمى «السلام للتنمية والمحافظة على البيئة والمحيط الغابوي » تطالب بمحاربة الغزابة الذين يتسببون في خراب المحمية(لحريق) ويمكن القول إن المنطقة رائعة وسياحية بامتياز، لكن الجماعة لا تعرف كيف تستفيد منها. وكخلاصة، وحسب بعض المصادر من داخل المجلس و خارجه، فإن سوء التسيير والتدبير، وعدم التفكير في مستقبل الجماعة ومصالح المواطنين، هو ما يميز المجلس، وقد عبر جل السكان عن استغرابهم واندهاشهم لما وصل إليه الوضع بالمنطقة، لقد كانوا ينتظرون إنصافهم ورفع مستوى عيشهم، وصون كرامتهم، لكنهم اليوم يتساءلون: هل ستصبح الجماعة في خبر كان، وتبقى الأرض بدون سكان؟!!
