قبل أربع سنوات أجري استطلاع للرأي في بريطانيا ، دعي من خلاله البريطانيون لاختيار الشخصية التي يرغبون أن تحتل واجهة عملتهم الوطنية ( الجنيه ) .
سكان المملكة المتحدة لم يختاروا الملكة إليزابيث الثانية ، أو ولي عهدها الأمير تشارلز ، أو أحدا آخر من العائلة الملكية ، بل اختاروا وبأغلبية ساحقة نجم كرة القدم الشهير دافيد بيكام .
في المغرب جميع الأوراق والقطع النقدية تحمل وجه شخصية واحدة ... إنه الملك .
ومنذ أن وصل محمد السادس إلى الحكم أصبحت القطع النقدية التي لا تحمل صورة الملك هي تلك التي لا تصل قيمتها إلى درهم كامل ، يعني عشرة دريال وربعا دريال وجوج دريال ، أو ما يطلق عليه المغاربة الصرف الصغير . ربما لكون هذه القطع التافهة لا تستحق أن تحمل صورة الملك ، ما دام أنها بدون قيمة تقريبا .
فحتى المتسول عندما تعطيه قطعة نقدية من فئة نصف درهم ينظر إليك بعينين مليئتين بالاستنكار ! لذلك لا يعقل أن توضع صورة وجه الملك على واجهة هذه القطع النقدية التافهة .
وحتى لو أجري استطلاع للرأي في المغرب كذلك الذي أجري في بريطانيا ، فلا أحد يعرف من هي الشخصية التي سيختارها المغاربة لتزيين واجهة عملتهم الوطنية . أكيد أن الأذواق تختلف ، هناك مثلا من سيختار أحد لاعبي كرة القدم الذين شرفوا المغرب عام 1976 عندما أحرزوا كأس إفريقيا للأمم ، وهناك من سيختار أحد المناضلين الحقوقيين الذي بذلوا مجهودا جبارا من أجل وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان وطي صفحة الماضي ، بحال إدريس بنزكري الله يرحمو . وهناك بطبيعة الحال من سيختار الملك ، أما الشباب فلا شك أن اختيارهم سيذهب لصالح نجوم فرق الراب والهيب هوب ، وعلى رأسهم بيك !
لكن من هي الجهة التي لديها ما يكفي من الشجاعة لإجراء استطلاع خطير كهذا . ففي المغرب ليس مسموحا أبدا أن تتم مقارنة الملك بأبناء الشعب "العاديين" ، وقد رأينا كيف تعرضت أسبوعية "الجريدة الأخرى " لانتقادات عنيفة من طرف الجهات الموالية للسلطة ، وحتى من طرف الإعلام الرسمي والشبه رسمي للدولة ، بعد إجرائها لاستطلاع حول رجل السنة في المغرب ، وكانت المفاجأة كبيرة جدا عندما جاء الراحل إدريس بنزكري في المرتبة الأولى متقدما على ... الملك محمد السادس . يا لها من مفاجأة عظيمة !
العجيب في المغرب هو أن العملة الوطنية ليست وحدها التي تحمل صورة الملك . كل المؤسسات العمومية الكبرى عندنا تحمل بدورها اسم الملك . هادي هي بالاسم والصورة ، تيمنا بشعار بالصوت والصورة ، الذي ترفعه إذاعة سوا .
هكذا نجد مثلا أن أكبر مسجد في المملكة يحمل اسم الحسن الثاني ، علما أن الأموال الطائلة التي بني بها هذا المسجد الضخم الذي يعتبر ثالث أكبر مسجد في العالم بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي ، تم استخراجها من جيوب المغاربة وليس من جيب الحسن الثاني !
ونجد أيضا أن أكبر شارع في العاصمة يحمل اسم محمد الخامس ، وأكبر مركب رياضي في المغرب يحمل بدوره اسم محمد الخامس ، وحتى منظمات المجتمع المدني لا تشذ عن هذه القاعدة ، فأكبر مؤسسة اجتماعية في المغرب تحمل اسم منظمة محمد الخامس للتضامن ، والجامعات الرياضية بدون استثناء تحمل صفة الملكية ، بمعنى أن كل القطاعات عندنا لا بد أن تشم فيها رائحة العائلة الملكية الحاكمة ! بدءا من الشوارع الكبرى والمركبات الرياضية ، مرورا بمنظمات المجتمع المدني ، وصولا إلى المساجد وأماكن العبادة ! وبحال والو يكون عندنا عما قريب حزب سياسي تحت يافطة "الحزب الملكي" بقيادة السيد فؤاد عالي الهمة !
حقا إن الملك في المغرب يسود ويحكم ويبسط سيطرته المطلقة على كل شيء !
قد يرى البعض أنه لا بأس أن تحمل العملة الوطنية والمؤسسات العمومية اسم الملك أو أحد أفراد العائلة الحاكمة . آيه ، ما فيها باس ، ولكن هادشي عندنا فايت القياس .
هناك شخصيات مهمة ووازنة في كل الميادين ، تستحق أن تطلق أسماؤها على المؤسسات العمومية الكبرى ، تقديرا واحتراما لمكانتها ، وعلاش لا الأوراق والقطع النقدية ما تكونش فيها وجوه شخصيات مغربية كبيرة ، بحال علال الفاسي وعبد الكريم الخطابي والمختار السوي والمهدي المنجرة على سبيل المثال .
لكن أسماء هذه الشخصيات البارزة مع الأسف لا يتم إطلاقها سوى على الحارات الضيقة والأزقة التي تنبعث منها الروائح النتنة ، وكأن الذين يضعون هذه الأسماء الكبيرة في مثل هذه الأماكن يريدون توجيه رسالة واضحة إلى هؤلاء مفادها أن لا قيمة لهم .
وقبل أيام تم وضع حجر الأساس لبناء الأكاديمية الوطنية لكرة القدم بالرباط . الأكاديمية لا تحمل اسم أحد نجوم كرة القدم المغربية ، بل تحمل اسم الرياضي الأول : محمد السادس !
وعندما تنتهي الأشغال بهذه الأكاديمية سوف يكتبون على اللوحة الرخامية التي ستزين واجهتها : " أكاديمية محمد السادس لكرة القد " . إيوا سير انت ضيم .
ألم يكن من الأفضل أن تحمل هذه الأكاديمية اسم الجوهرة السوداء العربي بنمبارك ، أو أحمد فرس ، أو اسم الحكم الدولي المغربي سعيد بلقولة الذي شرف المغرب في نهاية كأس العالم بفرنسا عام 1998 قبل أن يرحل إلى دار البقاء ؟
أم أن أبناء الشعب الذين رفعوا راية الوطن في المحافل الدولية لا يستحقون حتى أن تحتل أسماؤهم واجهات المؤسسات العمومية للدولة ؟
مع الأسف لدينا رجالات بصموا تاريخ الوطن ببصمات من ذهب ، لكن أسماء هؤلاء مع الأسف غير قابلة للاستعمال ، فقط لأن أصحابها من أبناء الشعب العاديين .
سكان المملكة المتحدة لم يختاروا الملكة إليزابيث الثانية ، أو ولي عهدها الأمير تشارلز ، أو أحدا آخر من العائلة الملكية ، بل اختاروا وبأغلبية ساحقة نجم كرة القدم الشهير دافيد بيكام .
في المغرب جميع الأوراق والقطع النقدية تحمل وجه شخصية واحدة ... إنه الملك .
ومنذ أن وصل محمد السادس إلى الحكم أصبحت القطع النقدية التي لا تحمل صورة الملك هي تلك التي لا تصل قيمتها إلى درهم كامل ، يعني عشرة دريال وربعا دريال وجوج دريال ، أو ما يطلق عليه المغاربة الصرف الصغير . ربما لكون هذه القطع التافهة لا تستحق أن تحمل صورة الملك ، ما دام أنها بدون قيمة تقريبا .
فحتى المتسول عندما تعطيه قطعة نقدية من فئة نصف درهم ينظر إليك بعينين مليئتين بالاستنكار ! لذلك لا يعقل أن توضع صورة وجه الملك على واجهة هذه القطع النقدية التافهة .
وحتى لو أجري استطلاع للرأي في المغرب كذلك الذي أجري في بريطانيا ، فلا أحد يعرف من هي الشخصية التي سيختارها المغاربة لتزيين واجهة عملتهم الوطنية . أكيد أن الأذواق تختلف ، هناك مثلا من سيختار أحد لاعبي كرة القدم الذين شرفوا المغرب عام 1976 عندما أحرزوا كأس إفريقيا للأمم ، وهناك من سيختار أحد المناضلين الحقوقيين الذي بذلوا مجهودا جبارا من أجل وضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان وطي صفحة الماضي ، بحال إدريس بنزكري الله يرحمو . وهناك بطبيعة الحال من سيختار الملك ، أما الشباب فلا شك أن اختيارهم سيذهب لصالح نجوم فرق الراب والهيب هوب ، وعلى رأسهم بيك !
لكن من هي الجهة التي لديها ما يكفي من الشجاعة لإجراء استطلاع خطير كهذا . ففي المغرب ليس مسموحا أبدا أن تتم مقارنة الملك بأبناء الشعب "العاديين" ، وقد رأينا كيف تعرضت أسبوعية "الجريدة الأخرى " لانتقادات عنيفة من طرف الجهات الموالية للسلطة ، وحتى من طرف الإعلام الرسمي والشبه رسمي للدولة ، بعد إجرائها لاستطلاع حول رجل السنة في المغرب ، وكانت المفاجأة كبيرة جدا عندما جاء الراحل إدريس بنزكري في المرتبة الأولى متقدما على ... الملك محمد السادس . يا لها من مفاجأة عظيمة !
العجيب في المغرب هو أن العملة الوطنية ليست وحدها التي تحمل صورة الملك . كل المؤسسات العمومية الكبرى عندنا تحمل بدورها اسم الملك . هادي هي بالاسم والصورة ، تيمنا بشعار بالصوت والصورة ، الذي ترفعه إذاعة سوا .
هكذا نجد مثلا أن أكبر مسجد في المملكة يحمل اسم الحسن الثاني ، علما أن الأموال الطائلة التي بني بها هذا المسجد الضخم الذي يعتبر ثالث أكبر مسجد في العالم بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي ، تم استخراجها من جيوب المغاربة وليس من جيب الحسن الثاني !
ونجد أيضا أن أكبر شارع في العاصمة يحمل اسم محمد الخامس ، وأكبر مركب رياضي في المغرب يحمل بدوره اسم محمد الخامس ، وحتى منظمات المجتمع المدني لا تشذ عن هذه القاعدة ، فأكبر مؤسسة اجتماعية في المغرب تحمل اسم منظمة محمد الخامس للتضامن ، والجامعات الرياضية بدون استثناء تحمل صفة الملكية ، بمعنى أن كل القطاعات عندنا لا بد أن تشم فيها رائحة العائلة الملكية الحاكمة ! بدءا من الشوارع الكبرى والمركبات الرياضية ، مرورا بمنظمات المجتمع المدني ، وصولا إلى المساجد وأماكن العبادة ! وبحال والو يكون عندنا عما قريب حزب سياسي تحت يافطة "الحزب الملكي" بقيادة السيد فؤاد عالي الهمة !
حقا إن الملك في المغرب يسود ويحكم ويبسط سيطرته المطلقة على كل شيء !
قد يرى البعض أنه لا بأس أن تحمل العملة الوطنية والمؤسسات العمومية اسم الملك أو أحد أفراد العائلة الحاكمة . آيه ، ما فيها باس ، ولكن هادشي عندنا فايت القياس .
هناك شخصيات مهمة ووازنة في كل الميادين ، تستحق أن تطلق أسماؤها على المؤسسات العمومية الكبرى ، تقديرا واحتراما لمكانتها ، وعلاش لا الأوراق والقطع النقدية ما تكونش فيها وجوه شخصيات مغربية كبيرة ، بحال علال الفاسي وعبد الكريم الخطابي والمختار السوي والمهدي المنجرة على سبيل المثال .
لكن أسماء هذه الشخصيات البارزة مع الأسف لا يتم إطلاقها سوى على الحارات الضيقة والأزقة التي تنبعث منها الروائح النتنة ، وكأن الذين يضعون هذه الأسماء الكبيرة في مثل هذه الأماكن يريدون توجيه رسالة واضحة إلى هؤلاء مفادها أن لا قيمة لهم .
وقبل أيام تم وضع حجر الأساس لبناء الأكاديمية الوطنية لكرة القدم بالرباط . الأكاديمية لا تحمل اسم أحد نجوم كرة القدم المغربية ، بل تحمل اسم الرياضي الأول : محمد السادس !
وعندما تنتهي الأشغال بهذه الأكاديمية سوف يكتبون على اللوحة الرخامية التي ستزين واجهتها : " أكاديمية محمد السادس لكرة القد " . إيوا سير انت ضيم .
ألم يكن من الأفضل أن تحمل هذه الأكاديمية اسم الجوهرة السوداء العربي بنمبارك ، أو أحمد فرس ، أو اسم الحكم الدولي المغربي سعيد بلقولة الذي شرف المغرب في نهاية كأس العالم بفرنسا عام 1998 قبل أن يرحل إلى دار البقاء ؟
أم أن أبناء الشعب الذين رفعوا راية الوطن في المحافل الدولية لا يستحقون حتى أن تحتل أسماؤهم واجهات المؤسسات العمومية للدولة ؟
مع الأسف لدينا رجالات بصموا تاريخ الوطن ببصمات من ذهب ، لكن أسماء هؤلاء مع الأسف غير قابلة للاستعمال ، فقط لأن أصحابها من أبناء الشعب العاديين .