السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
وقفت يوما خطيبا في المقهورستانيين مذكرا لهم بالقهرة التي يعيشونها بعبارات تثير الأسى و الوَجْد و تبعث الشئون ، ففاضت العيون و رقت القلوب و أُثيرت قَطاة الرأي و العقول.
و لما انتهيت من قولي تعلق بأهدابي مقهور و كان من الأوْزَاع ، و قال : أي عبد الوهاب المقهور ماذا تعني التقدمية ؟؟
فقلت له في بلادنا يا أخ القهرة تعني أن تعْنُو للأصِيد و لعَرَانين القوم بعدما يتبلد إحساسك ، و تكون كالكرة يقذفونك و يدفعونك كسَقَطِ المتاع ، و أن تطأطئ رأسك وتعمل بجد و نشاط و بدون تفكير على تنفيذ أي أمر يخترعه الآخرون ، و لا يأخذك ضَيْر و أنت تعطل جميع قواك و مواهبك البشرية عن العمل ، و تسير مع القطيع لا شأن لك في الوجهة التي يمّم شطرها .
فنظرت إليه فإذا به و كأن الهم أشجاه و غلبه الوجْد فنطق سائلا : و ما معنى الرجعية ؟؟
في بلادنا يا أخ القهرة تعني أن ترفض الذل و الهوان و تعتز بدينك و تستحب الهدى عن الضلالة و تأثر الرشد عن الغواية ، و تتعفف عن المعصية و تنهى عن المنكر و تأمر بالمعروف ، و لا تكن نفسك ظامئة إلى الإثم و لا فؤادك متعطش إلى الإجرام ، و أن تشعر ولو مرة واحدة فقط أنك إنسان ..حر وكريم ..
لم تكن كلماتي نقيعا باردا على فؤاده المحْرور ، و لم يجد فيها متنفسا لصدره و روحا لقلبه ، فنظر إليّ نظرة مقهور و انصرف.