دعـــــــــــوة إلـــــــــــــى الحــــــــياة
الدريوش بعيون المجتمع المدني
الدريوش بعيون المجتمع المدني
إن دعوتي إلى الحياة ليست موعضة ،وليست هداية أيضا ، بل كل ما في الامر هو محاولة لإعادة الحياة إلى من افتقد حلاوتها بمدينة الدريوش كما في باقي المدن التي يعاني شبابها ليس من البطالة والفقر كما يروج في الجرائد والإذاعة المغربية وفي مجالس المنتخبين ، بل الإشكال أعقد من كل هذا وهو يعتبر من تبعات هذه البطالة وهذا الفقر إنه الأفيون الأسود أو ما يصطلح عليه بالمخدرات الصلبة ،هذه البلية التي اجتاحت الأسواق المغربية من دون استثناء حيث تلقت ترحيبا من قبل شباب في مقتبل عمر الزهور ، هذا الترحيب الذي تواطأت فيه معه حتى السلطات الوصية بكل ثقلها والمنتخبون وحتى المجتمع المدني بكل مكوناته حيث استحسن هذا الصمت وهذا السكون الهادئ كما لو أنه يأخذ هو أيضا جرعات تسكن المهمة التي أوكلت إليه .
ترى هل المجتمع المدني ابتلي بهذه الافة الخطيرة ؟ هل المنتخبون الجماعيون وجدوا في هذه المادة السامة ضالتهم ، أم أنهم ليس لهم دخل في المسائل التي تتعلق بالسلطة ؟ أليس هذا الشاب هو من ساهم في إيصالك إلى هذا المقعد لكي تمثله أما الهيئات الوصية بكل تشكيلاتها ولتدافع عنه في حالة الشدة كالتي يتواجد فيها الان ، ومن أجل إنقاذه من تبعات البلية التي تنجم عنها ؟ هذه الأسئلة وغيرها سنحاول الإجابة عليها في هذا الموضوع الحساس والذي يحتاج في حقيقة الامر إلى استنهاض كل الهمم الفعالة والتي لها غيرة على المنطقة من أجل إعادة الحياة إليها من جديد ، هذه الحياة التي ساهمنا كلنا في قتلها بصفتنا كمجتمع مدني وبصفتكم كسلطة وصية ، أوصياء ليس على أنفسكم وذويكم بل على المجتمع الذي جئتم لخدمته والأمانة الملقاة على عاتقكم .
إن الدعوة إلى الحياة ، شعار رفعته ليس من أجل قراءته قراءة حسية عاطفية ثم بعد ذلك نطلق صرخات الرحمة والتوبة والشفقة كالتي نطلقها في المساجد عندما يخطب الإمام فينا ، فما إن ينتهي من موعضته حتى تعود القلوب إلى ما كانت عليه قبل دخول عتبة المسجد كما لو أن شيئا لم يقع ، بل هو شعار يتجاوز منطق الإحساس والرأفة والشفقة ويتعداه إلى ما هو عقلي وفعلي وواقعي ، إلى مقاربة بيداغوجية ونهج ديداكتيكي يتداخل فيها ماهو مؤسساتي ( المؤسسات التعليمية) بما هو أسري ( التربية الأبوية والمراقبة الصارمة ) على اعتبار العلاقة الدائمة التي تربط هاتين المؤسستين بأبنائها ولحضورها الدائم في توجيههم ، ثم المجتمع المدني الذي سوف يلعب دور الوسيط مع السلطات الوصية ، هذه الوساطة التي تتجلى فيـما يلي :
1 : التتبع عن طريق رصد اليات بشرية مهمتها تقصي الحقائق .
2 : رفع تقارير إلى السلطات الوصية وذلك عبر جرد دقيق لها.
3 : تنظيم مضاهرات ووقفات سلمية تندد بالتقاعسات المتتالية للسلطات الوصية في الضرب على أيدي بائعي المخدرات القوية .
4 : التقرب والإحتكاك من مدمني هذه المواد السامة وذلك عبر خلق شبكة مهمتها التحسيس بمخاطر الأفيون الأسود حتى نتمكن على الأقل من إدراك مبتدئي وهواة هذة البلية .
إن هذه الوساطة التي سوف يلعبها المجتمع المدني بمختلف تلاوينه والمتمثلة في النقاط التي ذكرتها ، حتما سوف تؤدي إلى نتيجة مرضية على اعتبار أن السلطات الوصية لا تستطيع القيام بكل المهمات المنوطة بها و أيضا للركود الذي يشهده المجتمع نظرا للمعيقات اليومية التي يعيشها من أرتفاع في أسعار المواد الإستهلاكية إلى التفكير في ما يخبئه القدر وغير ذلك ، مما يجعل الجماهير الشعبية تتخلف عن كل ما هو نضالي وترفع شعارات من قبيل *العيش على حدة معا * أو شعار* وأنا مالي* وبالتعبير المنغمس في الدارجية المغربية كما عند بنشمسي في كتاباته* حيد على راسي أوشقف* . هذه الشعارات الإستهلاكية المحضة والتي تنم على نزعة احادية / فردية و هرطقة لا تجد سندا شرعيا تتوكأ عليه ، وعلى فوبيا داخلية متجددة ترسمها إقتصاديات متدهورة وسياسات متعاقبة ذات أبعاد مصلحية محضة ..تؤثر بشكل أو باخر على سيرورة وديناميكية العيش والحياة في وحدة متكاملة أساسها التعاون والإتحاد بين مختلف المكونات
عندما ينتهي المرء من إعداد موضوع يهتم بقضية الساعة وخصوصا إذا كانت هذه القضية تحتل المراتب الاولى في نظر المخزن و المجتمع المدني ثم المنتخبون، لا يجد هذا الكاتب إلا ان يعرج على بعض الإيضاحات والإستفسارات الدقيقة والتي تكون في غالب الاحيان على شكل أسئلة وإشكالات ينتظر منها إجابات من السلطات الوصية ، من قبيل
1 : هل يلزم لبناء مجتمع ديمقرطي حداثي على الشاكلة التي نادى بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، إلتزام صف الحياد وإعلان عدم الإختصاص من طرف السلطات الوصية في المسائل المصيرية التي تتعلق بالمخدر الأسود ، أم أنها تحبذ سكوت المجتمع المدني لتتلذذ برؤية أشباح بشرية عليها أسمال بالية تجمع بقايا أزبال طمعا في أخذ حقنة تهدئ بها روعها ، أم أن هذه السلطات ترى في هذه الأشباح المعين الأول لها في قضاء متاربها .
2: هل يمكن إعتبار هذا التغاضي من قبل السلطات والمنتخبون الجماعيون استحسانا ضمنيا لما تقدمه هذه الأشباح البشرية من خدمة لكونها لا ترمي إلى زعزعة الامن الداخلي للمنطقة ، ولكونها أيضا تساهم إلى حد ما في إسداء خدمات مجانية لها من قبيل جمع بقايا الازبال وغير ذلك .
3 : هل ينتظر المسؤولون الجماعيون والسلطات المحلية شكاية في الامر ، إن كان كذلك فالشارع الرئيسي بالدريوش مليء بالشكايات فأينما تولي وجهك فتم شكاية ، وجوه شاحبة بأجسام كالحة عليها أسمال بالية تغطس برأسها في أزبال مغربية ــ وما ادراك ما الازبال المغربية ــ أليست هذه بشكاية ، غير ان الفرق بينها وبين الشكاية الأخرى المكتوبة بكثير من الدلع والنفاق أنها شكاية صامتة من نوع خاص لا يقرأها إلا من يأتي الله بقلب حسن .
4 : ما رأي السلطات الوصية بكل مكوناتها وكذالك المجتمع المدني النائم في افتراض الجدل التالي : لنتصور مثلا ممثلا جماعيا أو في السلطة الوصية أو حتى شخصا جمعويا أصابت إبنه بلية الافيون الأسود الذي لا يرحم ، ماذا سيكون رد فعلكم ، لا محال أنكم سوف تقيمون الدنيا ولا تقعدونها لأن المصاب هو فلذتكم ، فلماذا لا يكون نفس الشعور ونفس الإحساس مع أبناء الشعب .
نجيـــب البوعزاتــــــي