في 10 يوليو 1927 اعلنت اسبانيا نهاية حرب الريف ولكن الطريق لذلك مهدتة قنابل الغازات السامة المحظورة ....
الحرب الكيميائية مصطلح يطلق بمعناه الواسع على استخدام الكيمياء لتنفيذ اغراض الحرب في حالتي الهجوم والدفاع . وقد استخدم هذا المصطلح حديثا للاشارة الى استعمال الغازات السامة واساليب الوقاية منها . وكان اول استخدم للغازات السامة في الحرب العالمية الاولى . عندما اطلق الكلور عام 1915. بانابيب الكلور. وعمد الالمان حينئذ الى استنباط الاساليب الوقائية ، وقد اعدت جميع الدول المتحاربة في الحرب العالمية الثانية المضاد الكيميائي ، لكن الغازات لم تستخدم انذاك . وكل اسلحة الحروب مدمرة للحياة الانسانية ، الا ان الاسلحة الكيميائية تنفرد عن غيرها من الاسلحة الدمار بكونها لاتؤثر الا على الاحياء ، ولذلك مازالت الاسلحة الكيميائية تثير قدرا ملحوظا من الاستياء والانفعالات ، ويمكن تفهم رد الفعل هذا ، فهو يعكس البغض الذي ينظر به الى هذه الاسلحة ، والاحباط الناجم عن الفشل في حظرها حظرا كاملا ، وصعوبة تقدير اهميتها الحالية.
سقط عدد كبير من الريفيين صرعى وفقد العديد بصرهم جراء ضربهم بالغازات السامة
هذا السلاح الفتاك لم يتوانى الإسبان في استخدامه ضد ثورة الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي . ليتحقق لهم السيطرة كليا على مجموع التراب الريفي ، وفي هذا المقام نذكر معركتين استخدم فيهما الاستعمار الاسباني الغازات السامة على سبيل المثال لا الحصر .
1: معركة تفرسيت
في شهر سبتمبر سنة 1922 ، بعدما توغل العدو في الأراضي الريفية راى الامير محمد بن عبد الكريم الخطابي ان الوقت قد حان لضرب الإسبان ، بنفس الخطة التي ضربهم بها اولا بـ أنوال ، فامر المجاهدين بالدخول ليلا ما بين مراكز العدو الموجودة بجبل ( تيزي عزا ) وبين المركز العام الذي كان يدفع التموين لتلك المراكز الموجودة بتفرسيت ، فامتثل المجاهدون لأمر الأمير ودخلو ليلا واستقروا في موضعين الاول يسمى بوحفورا والثاني يسمى اغميرن ، تحت قيادة رئيس اركان الحرب الريفي السيد : عبد السلام الحاج محند البوعياشي فلما شعر الإسبان بالامر ارتعدوا وتحققوا بأن ما حل بإخوانهم قبلا بـ انوال سيحل بهم في تفرسيت ، فجمعوا جميع قواهم التي كانت بـ مليلية ونواحيها وابرقوا الى اسبانيا طالبين الاستعجال بإرسال النجدة الكافية لحمايتهم والا فسيكون مصيرهم الهلاك المحقق .
وعند ذلك ، ابتدأوا الهجوم لرفع الحصار على المراكز المذكورة وعددها ثمانية ، استعملوا جميع قواهم التي كانت ترد عليهم من اسبانيا عن طريق البحر الى مليلية ومنها عن طريق البر الى خطوط القتال.
وكانت المعارك حامية الوطيس مدة خمسة ايام دون أن يستطيع العدو اختراق صفوف الجيش الريفي وتبليغ المؤونة الى المراكز المحصورة وفي اليوم الاخير الذي هو يوم الخميس ، لما راى العدو انهزاماته المتوالية في كل معركة ..وعجزه عن تبليغ المؤونة الى المراكز المحصورة ، وتحققت بأ، وقعة انوال تتجدد وتتكرر مرة اخرى وأن المراكز التي كانت محصورة على وشك السقوط في قبضة إمجاهذن ان لم تبلغها المؤونة .
عند ذلك قام الاسبان بفعلتهم الجبانة ، على سقوط وابل من قنابل الغازات السامة التي لم يستعملها قط في المعارك السابقة وقد كان ذلك بفضل اسراب من طائراته ، وكذلك بواسطة المدافع وبذلك سقط عدد كثير من المجاهدين صرعى كما فقد الاخرون بصرهم بسبب ذلك الغاز اللعين .وبذلك سقط عدد كثير من الشعب الريفي صرعى كما فقد الاخرون بصرهم بسبب ذلك الغاز اللعين .
ورغم هذه المحاولة الاجرامية التي قام بها العدو ، فقد خرج المجاهدون من هذه المعركة منتصرين ، وبالتالي تكون مدينة تفرسيت الموجودة على بعد ثمانية كيلومترات عن مدينة ميضار هي اولى ضحايا هذا الغاز الذي استعمله الاسبان لدحر ثورة الامير بن عبد الكريم الخطابي . أ
فقد كان لهذا السام المحظور دوليا( الايبريت ) حافز لتشكيل مرض خطير يصيب عموم الاجيال السابقة واللاحقة ويتجلى ذلك كما يؤكده الباحثون المهتمون بهذا الشأن ( بوجود مضاعفات صحية يعاني منها سكان منطقة الريف ويتجلى ذلك في ظهور مرضى السرطان الناجم عن استعمال غازات سامة.
2: معركة سيدي احساين
بعد انتصار الخطابي في معركة تفرسيت، احرز انتصارا اخر في معركة ميضار ... معركة ميضار التي هزم فيها الخطابي الجيش الاسباني وكذلك جيش عبد الملك محي الدين عبد القادر الجزائري هذا الخائن الذي سخر كل مؤهلاته العسكرية والفكرية لخدمة امة اسبانيا .
هذا الخائن دمره الخطابي واسياده في معركة ميضار . وقد تأتي هذا النصر بفضل القائد المغوار المجاهد محمد ازداد ابن ميضار المجاهدة .
بعد معركة ميضار بنحو ثلاثة اشهر ، وبعد اتصال الامير ببعض اعيان قبيلة بني سعيد وبني وليشك سرا . دبرا مع هؤلاء الاعيان مؤامرة في شأن قيام تلك القبيلتين بالثورة على العدو واجلائه عن بلادهما فطلبوا من الامير بأن يدخل المجاهدون ليلا الى داخل بلادهم وعند ذلك ينظم رجال تلك القبيلتين الى صفوف المجاهدين .
وفعلا امر الامير قيادة الحرب التي كانت اسندت الى احمد بودرة بالدخول الى قبيلة بني سعيد . فدخلتفعلا ب 700 مجاهد حاملين معهم مايحتاجون اليه من سلاح والمواد الغذائية واستقروا بموقع يسمى ( سيدي شعيب الخلا ) قرب مركز العدو الذي كان يوجد بسيدي احساين .
وقد كان العدو على علم بتلك المؤامرة بواسطة بعض الجواسيس فاستعد لها في الخلفاء واستقدم قوة عظيمة من مليلية في تلك الليلة الى قبيلة بني سعيد وفي الصباح الباكر قبل أن يأخذ المجاهدون مراكزهم ليحصنوها بحفر الخنادق واتخاذ المواقع .
فأجاهم العدو وبهجوم عنيف واحاط بالمجاهدين من كل جهة فكانت المعركة حامية الوطيس طيلة اليوم كله استعمل العدو اكثر مما في وسعه للقضاء على المجاهدين الذين دخلوا الى قلب قبيلة بني سعيد بمشاركة طائراته التي كانت تسقط على المجاهدين وابلا من القنابل السامة والمحرقة ومدافعه الثقيلة والخفيفة والرشاشات وغير ذلك من الاسلحة التي كان يملكها .
فلما رأى الامير الخطابي مانتج عن هذه المحاولة من الخطورة مالزمته تلك القبائل من الركود والهدوء التام حيث انهم لم يحركا ساكنا للتأثير على العدو، وعند ذلك امر الامير الخطابي جنوده بالخروج ليلا ، بعد اختراقهم صفوف العدو الذي ضرب الحصار عليهم وكبدوا العدو خسائر جسيمة تقدر بالف وخمسمائة جندي من القتلى واستشهد من المجاهدين نحو 50 مجاهدا ، كما اسر المجاهد الغيور شعيب حدو ( الركيزة ) السعيدي وقد كان وراء اسر هذا البطل الكبير مؤامرة الخائنين ، اللذين اسراه ودفعه للعدو (موح عمر اشن علال بوخيل ) فهما اللذان اعلما الاسبان بقدوم الخطابي الى بني سعيذ ولم يكفيهم ذلك فقاموا بالقبض على المجاهد اشعيب حدو .
وبالتالي تصبح قبيلة بني اسعيذ هي ثاني منطقة تذوق ويلات الغازات السامة والقنابل الحارقة المحظورة دوليا .
في 10 من يوليوز سنة 1927 ، اعلنت اسبانيا رسميا عن القضاء على التمرد ونهاية الحرب في منطقة الحرب .
كان هذا الانتصار نشوة ذاقتها اسبانيا على حساب ماسي ومعاناة الريفيين هذا الانتصار ماكان ليكون لولا الفعلة الجبانة التي استعملتها اسبانيا في حربها ضد ثورة الخطابي .
منطقة الريف لا تزال تعاني من أثار الغازات ويتجلى ذلك في انتشار أمراض السرطان