من يسمع التصريحات التي يدلي بها وزراء حكومة عباس لميكروفونات التلفزة عقب انتهاء اجتماعاتهم الوزارية التي لا تفضي الى أي نتيجة ، يعتقد أن المغرب بلد يسير فعلا بخطوات ثابثة نحو الديمقراطية ، بينما الواقع يقول عكس ذلك تماما ، فوزير العدل مثلا صرح قبل يومين لنشرة أخبار الثامنة بأنهم صادقوا في المجلس الوزاري على عدد من مشاريع القوانين لمحاربة الرشوة ، وأصر السيد الوزير على أن المغرب سيتخلص من هذه الآفة عما قريب ، بينما الصحيح هو أن داء الرشوة قد استفحل في المغرب لدرجة مخيفة ، وعم البحر والبر والجو ، لدرجة يستحيل حتى الحصول على وثيقة ادارية بسيطة دون أن تدفع مبلغا اضافيا فوق الرسوم القانونية ، ولكي يعلم وزير العدل أن المغرب أصبح مرتعا خصبا لهذه الآفة الهدامة نذكره بأن منظمة "ترانسبرانسي " كانت قد صنفت المغرب عام 1999 في الرتبة الخامسة والأربعين على لائحة الدول الساعية الى محاربة الرشوة ، وعادت في نهاية سنة2006 لتصنفه في الرتبة الخامسة والسبعين !! لاحظوا معي هذه النتيجة الباهرة التي استطاعت الحكومة المغربية أن تحققها في محاربة الرشوة ، عوض أن نتقدم بضع خطوات الى الأمام تراجعنا ثلاثين درجة الى الوراء ، فهل هذا هو مفهوم محاربة الرشوة لدى وزير العدل ؟
والواقع أن محاربة الرشوة ليس شيئا مستحيلا كما قد يتخيل البعض ، يكفي فقط أن يكون لدى المسؤولين المغاربة قليل من الارادة الحقيقية لمحاربتها ، هذا ما نحتاجه فقط ، نحتاج الى وزراء ومسؤولين لديهم ارادة حقيقية للعمل ، أما التصريحات الخشبية التي يدلون بها لميكروفونات التلفزيون فلا حاجة لنا بها ، لانها بكل بساطة ستتلاشى في الهواء ، ولن نصدق في النهاية الا ما نراه على أرض الواقع
وهنا سأغتنم الفرصة لتذكير وزير العدل بأن زميله السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي عبد الرحمان اليوسفي سبق له أن وعدنا بتخليق الحياة العامة ومحاربة الرشوة أثناء توليه منصب الوزير الأول على رأس حكومة التناوب في صيغتها الأولى ، وظل السيد اليوسفي يردد شعار تخليق الحياة العامة منذ سنة 1997 الى أن تم تطييره من على رأس الحكومة عام 2002 وعاد الى بيته في مدينة "كان" الفرنسية دون أن يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه!! وأتي محمد بوزوبع رحمه الله والان الراضي ويتحدث عن مشاريع القوانين التي صادق عليها المجلس الوزاري لماربة الرشوة وكأننا مجرد فئران تجارب يجرب فيها الوزراء مدى فعالية تصريحاتهم ،
محاربة الرشوة أيها السادة لا تحتاج الى كل هذه الجعجعة
محالربة الرشوة تحتاج الى شيء احد وهو الارادة الحقيقية ، وعندما تكون لديكم هذه الارادة فانكم ستستطيعون محاربة الرشوة وستحاربون أيضا كل أشكال الفساد التي دمرت هذا البلد ، وما دامت هذه الارادة غير متوفرة لديكم فان الشيء الوحيد الذي نطلبه منكم هو أن تعفونا من تصريحاتكم الخشبية التي لم يعد يصدقها أحد