يكفي أن يحط بك قطار المرض ـ لا قدر الله ـ في محطة المركز الصحي بالدريوش
لتتأكد باليقين التام أن المواطنة الحقة إنما هي وعي وسلوك ممارس قبل أن تكون ادعاءً باطلاً..ولذلك لزم أن ننعت ما نعيشه في جماعة الدريوش بالشاهد الأشهد على الحداثة المعطوبة بدءاً وتأكيداً..نعم
إننا وبصيغة الجمع والإجماع نعاين بألم رقص عقارب الحداثة المعطوبة..وعلى
إثر تراقص العقارب يتحقق استمرار معاناة أطر وموظفي المركز الصحي مع حشود
غفيرة من أشباه المرضى.. وخاصة هؤلاء الذين يتوافدون على عتبات المركز
الصحي على مدار أيام العمل لعلة أو لغير علة. وتتفاقم المكابدات والمعاناة
مع عقلية القطيع على مر الأيام والأزمان.فقد يحصل أن يتحول بهو المركز
الصحي بالدريوش إلى حمام نسائي تتصاعد منه أدخنة النميمة والغيبة وتسكنه
الثرثرة التي ظلت عادة نسائية بامتياز..تلك العادة السيئة التي قد تلد
سلوك معطوبا من شأنه أن يفقد المرفق العمومي حرمته...ومع تصاعد الأصوات
النسائية وتعمدهن إظهار نزوع التمارض يتحقق التشويش المتعمد والدائم على
الأطر الصحية في عقر دارها..فكثيرا ما تتصاعد المواويل النسائية..والسبب
الرئيسي في ذلك يعود ضبطا إلى تزاحم المرضى بلا سبب على باب السيد الطبيب
الوحيد،الذي مهما آمن بنداء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية،لن يستطيع
إرضاء النفس البشرية العاشقة لإيقاع التشكي.خاصة في ظل استهلال منطق
الوضعية المأزومة بعادة التألم والتشكي، و المتمثلة أساسا في الاكتفاء
بخدمات طبيب واحد ووحيد لما قد يزيد عن خمسين ألف نسمة ترابط في وضع بيئي
وجغرافي تتعرش فيه الأمراض المزمنة والعاتية الفتاكة...كل هذا الحشد
الغفير من المرضى يتشافى ويتعافى على يد رحيمة لطبيب وحيد و أنفس كريمة
للأطر الصحية المساعدة له ممرض رئيسي /وممرضتين وممرضين)..أكل هذا الحمل
على ظهر صغير البعير.!؟ومع
ذلك فهي تدور بسلام ببركة الشيخ وأتباعه..طاقم صحي محتشم أمام رقم الخمسين
ألف نسمة.غير أنه مدعو بالإلزام وعلى الدوام تحت يقظة الضمير المهني
والإنساني إلى تدبير أحوال الصحة الفردية والجماعية.وذلك بمباشرة مجمل
التخصصات جريا وراء دفن لعنة الألم ، ناهيك عن حالات التأهب القصوى
المصاحبة لأوضاع فجائية في غياب قسم المستعجلات والإنعاش وافتقاد الأجهزة
الطبية الأساسية لمثل هذه الحالات العصية..دون ان نغفل ما قد يتعرض له
الإطار الصحي بهذا المركز من إهانات مضمرة على ألسنة لاسعة تتقصد الاتهام
بالباطل.. إذ تنشط حركة اللسع والسخط والشتم في أحيان كثيرة. وتتناسل
الواوات و..و..و..و..و.. فتصل إلى حد الإتهام بالرشوة في أحيان كثيرة ..
هكذا إذن نستطيع أن ندرك باليسر الهين أن الحداثة الحقةإنما هي سلوك ووعي ممارس قبل أن تكون طلاء وضاحاً وصباغة براقة..