احتجاج بالبرلمان ورفض بين العديد من المحجبات يواجه إصرار بعض المكاتب الأمنية بمدينة الدار البيضاء المغربية على تطبيق شرط مثير للجدل يتعلق ببطاقة التعريف الجديدة، وهو كشف الأذنين والوجه كاملا بما في ذلك مقدمة الشعر.
فيما أجاز الشيخ عبد الباري الزمزمي الفقيه المعروف هذا الشرط في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت" ما دام يساعد على حفظ أمن المواطنين واستقرارهم.
ورفضت النائبة البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية بسيمة الحقاوي الإجراء الجديد، وقالت في مداخلة بجلسة البرلمان أواخر الأسبوع الماضي: "لم أجد شيئا في القانون الذي صادقنا عليه يتحدث عن ضرورة أن يسلم طالب البطاقة صورة كاشفة للأذنين".
وأوضحت أن المرسوم الوزاري الذي ينظم العملية، وصدر مؤخرا، نص على شرط كشف الأذنين ومقدمة الشعر، بالرغم من أن المشروع الأصلي لم يتضمن ذلك.
وكان "ظهير ملكي" صدر آخر نوفمبر 2007 لتنظيم عملية إصدار بطاقة التعريف الجديدة دون أن يفرض شروطا خاصة بالصورة، غير أن مرسوما وزاريا صدر الشهر التالي اشترط كشف الوجه والأذنين، ومنع وضع ما يشوب تحديد ملامح الوجه، كالنظارات القاتمة. وقد بدأت عملية إطلاق البطاقة الجديدة في أول أبريل الجاري.
وأبدت الحقاوي في تصريحات صحفية دهشتها من كون "بعض الدول الأوروبية، مثل سويسرا، لا تضع مثل هذه الشروط، بل إن من ضمن نماذج الصور التي تضع للراغبين في بعض الوثائق، صورة المرأة المحجبة".
وتشير تقارير إعلامية إلى أن تطبيق الشرط الجديد يقتصر على بعض المدن الكبيرة مثل الدار البيضاء وطنجة، وليس في كامل المغرب.
وتتضمن البطاقة "البيومترية" الجديدة كافة البيانات المتعلقة بصاحبها، حيث سيتم تخزين كل ذلك في رقاقة دقيقة موجودة بالبطاقة ذات البصمة الرقمية المحددة (وحدها أجهزة خاصة تستطيع قراءة بياناتها وتعديلها(بجانب البيانات المدونة على سطح البطاقة، والتي يمكن قراءتها بالعين المجردة.
وسيمتد العمل بالبطاقة الجديدة لمدة عشر سنوات كما هو جار به العمل في الوقت الحاضر بالبطاقات العادية، ولذلك يؤكد المسئولون بالداخلية أن الاختيار وقع على مادة "البوليستر الصلب" لتصنيعها؛ حتى لا تتعرض للتلف قبل انتهاء المدة.
وتتضمن هذه البطاقات كذلك "رقم هوية خالص" لقطع الطريق على شبكات التزوير، ولتتأكد المصالح الأمنية أنها صادرة عن الدولة.
يجوز للضرورة
وعبرت بعض المحجبات عن رفضهن للشرط الجديد، معتبرات أنه غير قانوني، ويمس بحق المرأة المغربية في المعتقد الديني.
في المقابل رأى الشيخ عبد الباري الزمزمي الفقيه المعروف والنائب البرلماني عن النهضة والفضيلة "أنه يجوز إذا دعت الضرورة إلى ذلك كشف المرأة لأذنيها ومقدمة شعرها لإبرازها في الصورة التي تتطلبها البطاقة الجديدة".
وقال الزمزمي في تصريحات لـ"إسلام أون لاين.نت": إن مثل هذا الإجراء "لا حرج فيه إذا رأت سلطات الأمن أنه يساعد على حفظ أمن المواطنين من المخربين والمجرمين".
وأوضح أن هذا الجواز يدخل في باب قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور:31]، حيث اعتادت بعض النساء الانشغال بأمور الحياة فينسين عن غير قصد الاهتمام بحجابهن، فيتكشف بعض مقدمة شعرهن.
المنتقبات
وإذا كان الإجراء لا يمثل مشكلة كبيرة بالنسبة للواتي يرتدين حجابا عاديا يكشف عن الوجه، فإن ردة فعل المنتقبات تبقى حتى الآن غير معلومة.
فالشرط الجديد يعني بالضرورة أن يكشفن نقابهن ويبرزن وجههن بالكامل أمام عدسة التصوير، حتى يتسنى لهن استخراج البطاقة الجديدة.
وعن ذلك قال الزمزمي إنه يجوز أيضا للأمن أن يفرض على المنتقبات كشفن وجههن؛ حيث إن "النقاب ليس فرضا على المرأة المسلمة كما هو الشأن بالنسبة للحجاب الذي يظهر الوجه واليدين، وهذا ما عليه جمهور علماء المسلمين".
وتزايدت أعداد المنتقبات بالمغرب خلال السنوات الأخيرة، وقام بعض اللصوص والخارجين عن القانون بالتخفي عن أنظار الأمن في زي النقاب.
وعقب فرار 9 عناصر من جماعة "السلفية الجهادية" من سجن القنيطرة بداية أبريل الجاري، أصدرت السلطات أمرا لجميع وحدات الأمن بكشف وجه أي امرأة منتقبة في طريقهم؛ خشية أن يستغل السجناء هذا الزي للتخفي عن أنظارالشرطة والدرك، بحسب مصادر أمنية.
حق الخصوصية
البطاقة الجديدة أثارت كذلك تخوفات حقوقيين من أن تنتهك خصوصيات المواطنين، فللمرة الأولى بالمغرب، ستعمل البطاقات "البيومترية" وفق نظام يسمح بقرائتها عن بعد من طرف أجهزة خاصة، وذلك بفضل شبكة موجات كهرومغناطيسية.
وقادت منظمة "ترانسبارانسي" فرع المغرب حملة لإنجاز قانون يحقق توازنا بين حرية الوصول للمعلومة وبين حق الشخص في الحفاظ على خصوصياته بتقنين عملية استخلاص تلك المعلومات.
وسبق لعز الدين أقصبي رئيس المنظمة السابق أن صرح بأن مؤسسته ستنظم سلسلة لقاءات مع السياسيين والأحزاب ونواب البرلمان؛ لحثهم على التسريع بإخراج المنظومة القانونية المؤطرة لعمل البطائق البيومترية الجديدة، بما يحفظ كرامة المواطن وحقوقه الخاصة.
نقلناه لكم