...
بينما أنا ذات أصيل ٍ أتجول في شوارع المدينة وأبحث عن أفضل مكان ٍ لأرقب غروب ذلك اليوم ، فهذه هوايةٌ لي منذ زمن .
فجأة تعطلت سيارتي عطلاً لا يعيقها عن المسير فأتجهت بها إلى المهندس ، الذي فرح بمصيبتي أشد فرح . وأخذ يثرثر بلهجة سوسية أفهم منها وأترك ..
لكنني خلصت معه في النهاية بأن أذهب وأعود بعد ساعتين لأجد سيارتي قد أُصلحت .. ، وخطرت ببالي فكرة ،، سأترجل مشياً على الأقدام .
وبدأت بهواية أخرى هي المشي ، وابتعدت كثيراً عن زحمة السيارات وصخب الأبواق والمنبهات . وفجأة إعترض طريقي كلب يشوب بياضه شيء من حمرة . ودون سابق إنذار ، بدأ الكلب بالنباح ، وهاجمني ، فقلت ألا أيها الكلب : أفسح لي طريقي ، وابتعد عن وجهي لأبلغ وجهتي .
فنبح نباحاً عظيماً ، أخرج كل قطط السراديب من هنيء سكونها ونعيم نومها ، وجعلها تعيش أزمة قلق الجوار . أو قلق الدور ، حيث أيقنت بأن الدور قادم عليها لا محالة ولا محاولة .
فخطرت ببالي فكرة ،، لنتحاور ، أو لنتحادث ، فقد استفيد ولو بعض شيء ، كل مافي هذا الوجود من بشر وشجر وحجر وغيره ، كل شيء لابد أن يسديك فائدة لحياتك ، ثم أليست الحياة مدرسة .
فصحت بأعلى صوتي : ياكلب ...
فغضب مني وهاج قائلاً ... بل الكلب أنت قبحك الله .
قلت : هدئ من سخطك ودعنا نتفاوض ، ثم ماذاك ألست كلباً ..
قال : قل لي يا أيها الكلب ، بـ ال التعريف التي تستخدمونها . إن إطلاقك لإسمي هكذا يحيله توبيخاً لا مناداةً .
- ماهذه الحدة يا سيد ..
- أنتم معشر البشر من أذلنا نحن الحيوانات . وأحال اسمائنا لأوصاف توبيخ ٍ وتقريع . ماذنب الذئب وماعلاقته . بفساد أولادكم وتحرشهاتهم الجنسية ، كيف تحيلونه يريد أن يأكل أغنامكم القاصية تقصدون بذلك بناتكم في كل محفل ٍ ومجمع . الحقيقة التي لا تعونها أن الحمار فيكم معشر البشر ليس هو البليد كما تزعمون ، بل الإنسان الصبور الخدوم ، والكلب ليس بالبذيء ، بل الوفي الصديق .
في الماضي ، لم يغضب سلطانكم من ابن الجهم إذ ناداه بــ
أنت كالكلب في حفظك للود ::: وكالتيس في قرعك للخصوم
لكن حاشيته أحمروا سخطاً وغضبا ، أتعلم أننا نعز شاعركم هذا ونفتخر به إذ أنه لا زال متمسكاً بقصائده الحيوانية -وهذا شرف له-
حيث أنه عاد بعد عام للسلطان ليقول :
عيون المها بين الرصافة والجسر ::: يسلبن لب الفتى من حيث يدري ولا يدري
فما زال يرفع من شأن الحيوان .
على كل حال نحن نشكر فيكم معشر العرب ، إبن المقفع حيث ترجمنا في كليلة ودمنة ، وأحمد شوقي إذ أنطقنا في قصائده .
نحن نشكر لهم شيء من اهتمامهم ، مع الكثير من التحفظ في كل ذلك ، فالغزال والمها والظبي التي ماحضرت أمسية غنائية ولا شعرية إلا وتغزلتم بهم .
- وهل هناك امسيات ياسيدي الكلب ؟! .
- ليست في بلادكم هذه ، لقد حضرت كثيراً في بلد الكنانة وفي الشام ، التي قال عنها شاعركم : بلد الخلاعة والمجانة والهوى *** ومحل كل فتوة وفتاء .
ثم أني أرجوك أن تستمع لنباحي هذا ، أليس من أدب الحوار .. الإنصات . ولا تحاول يا آدمي أن تغير الموضوع الرئيس .
- تفضل ، انبح ، وكل أذآن صاغية .
- ياسيدي البشري ، أنتم أغبياء لدرجة كبيرة ، تشبهون أجمل ما في الأرض من عذارى بحيوانات صحراوية ضامرةٌ جوعاً وعطشا . تقولون بأنهن يجفلن كما الظبا .
قلي يا آدم ، هل تحب في معشوقتك ، بأنها تجفل كما ريم الفلا ، أم تحب منها بأن تدعوك هي لإحياء ليلة سعيدة بالنباح . أقصد بالغناء . واعذرني على الترجمة فأحياناً يأخذني الحماس لنطق الكلمات بلساني الأم .
لا تحاول إقناعي ، لقد كنت البارحة أمام بيت شاعركم العظيم ، وجدته يكتب قصيدة ً لمحبوبته ، أو لإحدى محبوباته بالأصح ، ذكر أنها كالريم ، وكالشادن ، وكالظبي ، وكالغزال . وحينما سألته ، هل تعرف هذه الحيوانات يا أبا الشعر . قال : لا ، ولكن العرب تتغزل هكذا ، لماذا تريدون تقليد أبائكم دائماً ، مع أنه لا شبه بينكم في الحياة ولا حتى في اللغة .
وتحفظ آخر ، هل أنجز البشر من عرب وعجم تحكيم بلادهم وتسيير أمورها حتى يتولون تنظيم شؤون الغابة . أسألك بربي ، من قال بأن الأسد ملك ، وأن الثعلب منافق ، صدقني ، أنا أعرفهم جميعاً لا أضعف ولا أبسط من ثعلب .
والأسد الذي أحطتموه بهالة ٍ إعلامية وبلغتم به 150 لقباً إنما هو لا شيء ، صدقني لست مغروراً ، ولكن الأسد لا شيء . هل سمعت بالكنجر الأسترالي ، الذي لا يستقر في مكان ، من خفة ٍ ورجة ٍ فيه ، ويحمل ابنه في جيبه . أنه أفضل لدي من هذا الملك الأسد المبجل عندكم .
صدقني لا علاقة لنا بالتركيب السياسي في دولتكم ولا بمشاكلكم ، حتى يحيلنا هذا المثقف إلى أمثلة غير صريحة لواقعه ، سأخبرك بشيء جديد ، أتعلم أننا من قتل ابن المقفع ، نعم قتله الخليفة العادل بعد أن نظر في أمرنا بعين العدل ، وليحيا العدل .
- يا أخي ، عفواً ، يا كلب . أو يا أيها الكلب ، دعنا من الشعراء فهم باعة كلام وحكم ، دونما تنفيذ . وهذا ما أثبته القراءن ثم أثبتته كل دراسات الشعر والشعراء من تناقض ٍ، وكذب ٍ وقولا يجانب فعلا .
- (وبضحك ٍ نباحي ٌ قال : ) يا آدم إذا كان هذا هو حالنا مع مثقفيكم فإن العامة يسبون بعضهم بأسمائنا ، - وأطرق الكلب قليلاً ثم عاود القول : ماسمك ياهذا فقد لمست من حديثي معك وجلوسك هنا معي بأنك آدميٌ متواضعٌ ومنفتح على الآخر مهما كان جنسه ومتقبل للحوار .
- قلت : هذه مجاملة ، أحتى أنتم معشر الكلاب تداهنون ، أسمي نايف .
- فضحك كثيراً وقال : قبحت يانايف . إذاً أنا أفضل منك بكثير ، أما تعلم بأنني ذُكرت في القراءن غير مرة .
- نعم أعرف ، ولكن ليست كلها مدحاً ، فأحدها كانت بأنك تلهث مهما كنت .
- حريٌ بك يانايف كشخص درس من الطب شيئاً أن يعرف مايسمى بفسيولوجيا الجسم ، لن يضرني أن تكن هذه شيء من فسيولوجيا جسدي . أنتم معشر البشر لأجسادكم فسيولوجيا غريبة ، لا نتفق معها أبداً ، كيف تمشون برجلين فقط ، وكيف تستبدلونهما بمركبات ٍ وطائرات .
- يا سيدي هذه نعمٌ من الله علينا ، فالحمدلله .
- وأنت ياسيدي ، هذه خلقة الله لنا ، فالحمدلله .
وتابع قائلاً وأنا أهم بالقيام : يانايف إننا نسمي أكبر جامعاتنا باسم أحمد بهجت ، الذي لمس مدى إحساسنا في هذه الحياة وأنطقنا بلغاتنا وبمشاعرنا الحقة ، وأبدع في كتابه قصص الحيوان في القراءن . لم يترجم الكتاب إلى لغات أوربا وحسب ، بل تُرجم إلى لغات الحيوانات كلها .
- سعيد بلقائك ياهذا الكلب .
- وأنا أسعد يانايف .
- هل لديك ماسنجر أو سكايبي لنتحادث
- لا .......
- Ok .Then , Keep in touch
بينما أنا ذات أصيل ٍ أتجول في شوارع المدينة وأبحث عن أفضل مكان ٍ لأرقب غروب ذلك اليوم ، فهذه هوايةٌ لي منذ زمن .
فجأة تعطلت سيارتي عطلاً لا يعيقها عن المسير فأتجهت بها إلى المهندس ، الذي فرح بمصيبتي أشد فرح . وأخذ يثرثر بلهجة سوسية أفهم منها وأترك ..
لكنني خلصت معه في النهاية بأن أذهب وأعود بعد ساعتين لأجد سيارتي قد أُصلحت .. ، وخطرت ببالي فكرة ،، سأترجل مشياً على الأقدام .
وبدأت بهواية أخرى هي المشي ، وابتعدت كثيراً عن زحمة السيارات وصخب الأبواق والمنبهات . وفجأة إعترض طريقي كلب يشوب بياضه شيء من حمرة . ودون سابق إنذار ، بدأ الكلب بالنباح ، وهاجمني ، فقلت ألا أيها الكلب : أفسح لي طريقي ، وابتعد عن وجهي لأبلغ وجهتي .
فنبح نباحاً عظيماً ، أخرج كل قطط السراديب من هنيء سكونها ونعيم نومها ، وجعلها تعيش أزمة قلق الجوار . أو قلق الدور ، حيث أيقنت بأن الدور قادم عليها لا محالة ولا محاولة .
فخطرت ببالي فكرة ،، لنتحاور ، أو لنتحادث ، فقد استفيد ولو بعض شيء ، كل مافي هذا الوجود من بشر وشجر وحجر وغيره ، كل شيء لابد أن يسديك فائدة لحياتك ، ثم أليست الحياة مدرسة .
فصحت بأعلى صوتي : ياكلب ...
فغضب مني وهاج قائلاً ... بل الكلب أنت قبحك الله .
قلت : هدئ من سخطك ودعنا نتفاوض ، ثم ماذاك ألست كلباً ..
قال : قل لي يا أيها الكلب ، بـ ال التعريف التي تستخدمونها . إن إطلاقك لإسمي هكذا يحيله توبيخاً لا مناداةً .
- ماهذه الحدة يا سيد ..
- أنتم معشر البشر من أذلنا نحن الحيوانات . وأحال اسمائنا لأوصاف توبيخ ٍ وتقريع . ماذنب الذئب وماعلاقته . بفساد أولادكم وتحرشهاتهم الجنسية ، كيف تحيلونه يريد أن يأكل أغنامكم القاصية تقصدون بذلك بناتكم في كل محفل ٍ ومجمع . الحقيقة التي لا تعونها أن الحمار فيكم معشر البشر ليس هو البليد كما تزعمون ، بل الإنسان الصبور الخدوم ، والكلب ليس بالبذيء ، بل الوفي الصديق .
في الماضي ، لم يغضب سلطانكم من ابن الجهم إذ ناداه بــ
أنت كالكلب في حفظك للود ::: وكالتيس في قرعك للخصوم
لكن حاشيته أحمروا سخطاً وغضبا ، أتعلم أننا نعز شاعركم هذا ونفتخر به إذ أنه لا زال متمسكاً بقصائده الحيوانية -وهذا شرف له-
حيث أنه عاد بعد عام للسلطان ليقول :
عيون المها بين الرصافة والجسر ::: يسلبن لب الفتى من حيث يدري ولا يدري
فما زال يرفع من شأن الحيوان .
على كل حال نحن نشكر فيكم معشر العرب ، إبن المقفع حيث ترجمنا في كليلة ودمنة ، وأحمد شوقي إذ أنطقنا في قصائده .
نحن نشكر لهم شيء من اهتمامهم ، مع الكثير من التحفظ في كل ذلك ، فالغزال والمها والظبي التي ماحضرت أمسية غنائية ولا شعرية إلا وتغزلتم بهم .
- وهل هناك امسيات ياسيدي الكلب ؟! .
- ليست في بلادكم هذه ، لقد حضرت كثيراً في بلد الكنانة وفي الشام ، التي قال عنها شاعركم : بلد الخلاعة والمجانة والهوى *** ومحل كل فتوة وفتاء .
ثم أني أرجوك أن تستمع لنباحي هذا ، أليس من أدب الحوار .. الإنصات . ولا تحاول يا آدمي أن تغير الموضوع الرئيس .
- تفضل ، انبح ، وكل أذآن صاغية .
- ياسيدي البشري ، أنتم أغبياء لدرجة كبيرة ، تشبهون أجمل ما في الأرض من عذارى بحيوانات صحراوية ضامرةٌ جوعاً وعطشا . تقولون بأنهن يجفلن كما الظبا .
قلي يا آدم ، هل تحب في معشوقتك ، بأنها تجفل كما ريم الفلا ، أم تحب منها بأن تدعوك هي لإحياء ليلة سعيدة بالنباح . أقصد بالغناء . واعذرني على الترجمة فأحياناً يأخذني الحماس لنطق الكلمات بلساني الأم .
لا تحاول إقناعي ، لقد كنت البارحة أمام بيت شاعركم العظيم ، وجدته يكتب قصيدة ً لمحبوبته ، أو لإحدى محبوباته بالأصح ، ذكر أنها كالريم ، وكالشادن ، وكالظبي ، وكالغزال . وحينما سألته ، هل تعرف هذه الحيوانات يا أبا الشعر . قال : لا ، ولكن العرب تتغزل هكذا ، لماذا تريدون تقليد أبائكم دائماً ، مع أنه لا شبه بينكم في الحياة ولا حتى في اللغة .
وتحفظ آخر ، هل أنجز البشر من عرب وعجم تحكيم بلادهم وتسيير أمورها حتى يتولون تنظيم شؤون الغابة . أسألك بربي ، من قال بأن الأسد ملك ، وأن الثعلب منافق ، صدقني ، أنا أعرفهم جميعاً لا أضعف ولا أبسط من ثعلب .
والأسد الذي أحطتموه بهالة ٍ إعلامية وبلغتم به 150 لقباً إنما هو لا شيء ، صدقني لست مغروراً ، ولكن الأسد لا شيء . هل سمعت بالكنجر الأسترالي ، الذي لا يستقر في مكان ، من خفة ٍ ورجة ٍ فيه ، ويحمل ابنه في جيبه . أنه أفضل لدي من هذا الملك الأسد المبجل عندكم .
صدقني لا علاقة لنا بالتركيب السياسي في دولتكم ولا بمشاكلكم ، حتى يحيلنا هذا المثقف إلى أمثلة غير صريحة لواقعه ، سأخبرك بشيء جديد ، أتعلم أننا من قتل ابن المقفع ، نعم قتله الخليفة العادل بعد أن نظر في أمرنا بعين العدل ، وليحيا العدل .
- يا أخي ، عفواً ، يا كلب . أو يا أيها الكلب ، دعنا من الشعراء فهم باعة كلام وحكم ، دونما تنفيذ . وهذا ما أثبته القراءن ثم أثبتته كل دراسات الشعر والشعراء من تناقض ٍ، وكذب ٍ وقولا يجانب فعلا .
- (وبضحك ٍ نباحي ٌ قال : ) يا آدم إذا كان هذا هو حالنا مع مثقفيكم فإن العامة يسبون بعضهم بأسمائنا ، - وأطرق الكلب قليلاً ثم عاود القول : ماسمك ياهذا فقد لمست من حديثي معك وجلوسك هنا معي بأنك آدميٌ متواضعٌ ومنفتح على الآخر مهما كان جنسه ومتقبل للحوار .
- قلت : هذه مجاملة ، أحتى أنتم معشر الكلاب تداهنون ، أسمي نايف .
- فضحك كثيراً وقال : قبحت يانايف . إذاً أنا أفضل منك بكثير ، أما تعلم بأنني ذُكرت في القراءن غير مرة .
- نعم أعرف ، ولكن ليست كلها مدحاً ، فأحدها كانت بأنك تلهث مهما كنت .
- حريٌ بك يانايف كشخص درس من الطب شيئاً أن يعرف مايسمى بفسيولوجيا الجسم ، لن يضرني أن تكن هذه شيء من فسيولوجيا جسدي . أنتم معشر البشر لأجسادكم فسيولوجيا غريبة ، لا نتفق معها أبداً ، كيف تمشون برجلين فقط ، وكيف تستبدلونهما بمركبات ٍ وطائرات .
- يا سيدي هذه نعمٌ من الله علينا ، فالحمدلله .
- وأنت ياسيدي ، هذه خلقة الله لنا ، فالحمدلله .
وتابع قائلاً وأنا أهم بالقيام : يانايف إننا نسمي أكبر جامعاتنا باسم أحمد بهجت ، الذي لمس مدى إحساسنا في هذه الحياة وأنطقنا بلغاتنا وبمشاعرنا الحقة ، وأبدع في كتابه قصص الحيوان في القراءن . لم يترجم الكتاب إلى لغات أوربا وحسب ، بل تُرجم إلى لغات الحيوانات كلها .
- سعيد بلقائك ياهذا الكلب .
- وأنا أسعد يانايف .
- هل لديك ماسنجر أو سكايبي لنتحادث
- لا .......
- Ok .Then , Keep in touch