اصدرت مجلة فوربس Forbes الأمريكية المتخصصة والأكثر شهرة في عالم الاقتصاد، نشرة ذكرت فيها ثمانية أخطاء اقتصادية كبري حصلت في العالم، منها بيع جزيرة ألاسكا في عام 1867 الي أمريكا من قبل القيصر الروسي الكسندر الثاني، حيث كانت تسيطر عليه مخاوف أن يفقد هذه الجزيرة بالقوة، ودفع الأمريكيون في ذلك الوقت 7.2 مليون دولار. وبيع جزيرة منهاتن في منطقة نيويورك الأمريكية من قبل سكانها الأصليين مقابل بعض المجوهرات. ومنها أيضا في عام 1980 بيع شركة سياتل لمنتجات الكمبيوتر نظام دوس DOS بمبلغ خمسين الف دولار الي بيل غيتس Bill Gates صاحب شركة ميكروسوفت Microsoft، في حين تبلغ قيمة هذه البرامج في الوقت الحالي 253 مليار دولار. وتستمر القائمة لتكمل هذه الأخطاء. واذا كانت فوربس Forbes قد أحصت ثمانية أخطاء اقتصادية في العالم، فهناك ثمانية أخطاء سياسية مرتكبة في الوطن العربي، لم تستطع مراكز الأبحاث في الشرق الأوسط رصدها، ولو تم تفاديها، أو اتخاذ قرار صائب لجهتها، لجنّبت المنطقة، ويلات الحروب، وضحايا، وأموالا طائلة، وظهور الأصوليات الدينية، وبروز تيارات ما كان لها أن تفرض نفسها علي مجاميع وأفراد مجتمعاتنا.
أما الخطآن الأول والثاني فهما رفض العرب لقراري الأمم المتحدة رقم 181 و194، الأول عام 1947 الذي يقر بتقسيم فلسطين الي دولتين: فلسطينية ويهودية، والثاني عام 1948 عن حق عودة اللاجئين، ووجوب حماية الأماكن المقدسة، القدس، بما فيها الناصرة ـ والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول اليها وفقاً للحقوق القائمة والعُرف التاريخي، ووجوب اخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لاشراف الأمم المتحدة الفعلي.
كان ادوارد سعيد بين أوائل الفلسطينيين الذين حاججوا بأن الرفض العربي لـ الاعتراف بوجود اسرائيل كان موقفا عقيما، وقد أشار باستمرار الي اسرائيل باسم اسرائيل ، رافضا المصطلح الطقسي الكيان الصهيوني وكان يكرر مرارا اليهود هناك ليبقوا والفلسطينيون هناك ليبقوا ، لقد اعتقد ادوارد سعيد بأن الدليل الوحيد عن حالة الحرب الدائمة والعنف الدائم هو الطرح السياسي، في جدليته ونقده المستمر. فهل ما قاله ادوارد سعيد، هو ضالة الفلسطينيين ومعهم العرب اليوم؟
الخطأ الثالث: تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن شاه ايران، مما أدي الي ظهور الاسلام الشيعي المتخلف، والمناهض لحركة الحداثة والتنوير، وبوجهه الفارسي الذي يرمي الي توظيف المذهبية للسيطرة علي منطقة الشرق الأوسط.
الخطأ الرابع: هو عدة أخطاء متراكبة تبدأ من غزو العراق للكويت وتداعياته، مما أدي الي دخول العسكر الأمريكي الي المنطقة، وظهور تنظيم القاعدة كتيار أصولي يتحدي أمركة المنطقة. كان يمكن تفادي الحرب فيما لو دُفع للرئيس العراقي صدام المبلغ الذي كان يطالب به الدول التي أغْوته ودفَعته الي الحرب مع ايران.
الخطأ الخامس: انتقال المرجعية الشيعية ومركز قرارها من النجف في العراق، علي طبق من ذهب، الي قُم في ايران، ظناً بأن هذا القرار مؤقت لحماية أتباع المذهب الشيعي من بطش صدام حسين، وكاد تعود هذه المرجعية عندما سقط نظام صدام، لكن اغتيال السيد محمد باقر الحكيم بعد عودته الي العراق، حال من عودتها الي النجف الأعظم. وجاء ظهور السيد مقتدي الصدر، الذي ما فتئ يصرح بأن مرجعيته وولاءه لايران وليس لعَلم الدولة التي ينتمي اليها! لتبقي بلاد فارس هي الحافظة للمرجعية دون منافس، كذلك احكمت ايران سيطرتها علي المراقد المقدسة وادارتها في النجف وكربلاء لتمكين المرجعية في قُم. وهكذا تكون ايران هي المستفيدة من الحرب الدائرة والمستمرة في العراق. ونستطيع أن نسمي الحرب المشتعلة والتي تدور رحاها هناك بـ حرب المرجعيات . علماً بأن من يمتلك القرار المرجعي الأعلي، يكون قد امتلك القرار السياسي والمالي معاً للمذهب الشيعي في العالم!
الخطأ السادس: في آب / أغسطس 1993 رفضت سورية التوقيع علي اتفاقية السلام مع اسرائيل في عهد رابين. اليوم يتمحور المطلب السوري حول مسألة إن عادت المفاوضات، فيجب أن تبدأ من النقطة التي توقفت عندها المفاوضات، والتي تسمي اليوم بوديعة رابين .
الخطأ السابع: بند في الفقرة الرابعة من اتفاقية الطائف والذي عقد في السعودية لانهاء الحرب الأهلية اللبنانية، جاء في هذا البند: وعليه فان لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً أو مستقراً لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سورية، وان سورية الحريصة علي أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته .
وكانت هذه الفقرة هي التي تستند عليها سورية بعد انسحاب قوات الردع لتبقي القوات السورية ولمدة 29 عاماً في لبنان. ومنه مررت سورية قرارا بتمديد فترة الرئيس اللبناني اميل لحود لكي يدعم مباشرة اتفاقية بين لبنان وسورية، وقعت في ايار/ مايو عام 1991، سميت باتفاق العلاقات الاخوية التعاونية والتنسيقية بين سورية ولبنان. علي اساسها ووفقا لمطلب الرئيس اللبناني، تبقي القوات السورية في وادي البقاع حتي تباشر حكومة لبنان حقوقها الوطنية في كل البلاد وتنسحب اسرائيل من جنوب لبنان .
الخطأ الثامن: الحرب الأمريكية علي العراق، التي قدمت خدمة كبري لايران في نشر وتصدير الثورة، وبشكل مريح، وقوت الهلال الشيعي العراقي السوري اللبناني، ووسعت هذا المد قريباً الي دول منطقة الخليج. ولعل دول المنطقة وعلي رأسها أمريكا نادمة علي هذه الحرب والتي أخطأت هدفها، وكبدتها الخسائر البشرية والمالية التي أدت لتفاقم الأزمة المالية العالمية.
أخيرا، هل لدي العرب القدرة علي توجيه أصابع الاتهام لأنفسهم أولاً، قبل اتهام الغير؟ وتفادي الأخطاء القادمة في المستقبل والتي ربما تكون هي الأفدح؟ جواب تحمّل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤوليته بغياب الديمقراطية عن المنطقة، ذلك ما صرح به الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن نفسه عندما قال: ان أمريكا والغرب ارتكبا أخطاء علي مدي ستين عاماً بدعم الأنظمة الديكتاتورية .
عبد اللطيف المنيّر ـ امريكا
أما الخطآن الأول والثاني فهما رفض العرب لقراري الأمم المتحدة رقم 181 و194، الأول عام 1947 الذي يقر بتقسيم فلسطين الي دولتين: فلسطينية ويهودية، والثاني عام 1948 عن حق عودة اللاجئين، ووجوب حماية الأماكن المقدسة، القدس، بما فيها الناصرة ـ والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول اليها وفقاً للحقوق القائمة والعُرف التاريخي، ووجوب اخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لاشراف الأمم المتحدة الفعلي.
كان ادوارد سعيد بين أوائل الفلسطينيين الذين حاججوا بأن الرفض العربي لـ الاعتراف بوجود اسرائيل كان موقفا عقيما، وقد أشار باستمرار الي اسرائيل باسم اسرائيل ، رافضا المصطلح الطقسي الكيان الصهيوني وكان يكرر مرارا اليهود هناك ليبقوا والفلسطينيون هناك ليبقوا ، لقد اعتقد ادوارد سعيد بأن الدليل الوحيد عن حالة الحرب الدائمة والعنف الدائم هو الطرح السياسي، في جدليته ونقده المستمر. فهل ما قاله ادوارد سعيد، هو ضالة الفلسطينيين ومعهم العرب اليوم؟
الخطأ الثالث: تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن شاه ايران، مما أدي الي ظهور الاسلام الشيعي المتخلف، والمناهض لحركة الحداثة والتنوير، وبوجهه الفارسي الذي يرمي الي توظيف المذهبية للسيطرة علي منطقة الشرق الأوسط.
الخطأ الرابع: هو عدة أخطاء متراكبة تبدأ من غزو العراق للكويت وتداعياته، مما أدي الي دخول العسكر الأمريكي الي المنطقة، وظهور تنظيم القاعدة كتيار أصولي يتحدي أمركة المنطقة. كان يمكن تفادي الحرب فيما لو دُفع للرئيس العراقي صدام المبلغ الذي كان يطالب به الدول التي أغْوته ودفَعته الي الحرب مع ايران.
الخطأ الخامس: انتقال المرجعية الشيعية ومركز قرارها من النجف في العراق، علي طبق من ذهب، الي قُم في ايران، ظناً بأن هذا القرار مؤقت لحماية أتباع المذهب الشيعي من بطش صدام حسين، وكاد تعود هذه المرجعية عندما سقط نظام صدام، لكن اغتيال السيد محمد باقر الحكيم بعد عودته الي العراق، حال من عودتها الي النجف الأعظم. وجاء ظهور السيد مقتدي الصدر، الذي ما فتئ يصرح بأن مرجعيته وولاءه لايران وليس لعَلم الدولة التي ينتمي اليها! لتبقي بلاد فارس هي الحافظة للمرجعية دون منافس، كذلك احكمت ايران سيطرتها علي المراقد المقدسة وادارتها في النجف وكربلاء لتمكين المرجعية في قُم. وهكذا تكون ايران هي المستفيدة من الحرب الدائرة والمستمرة في العراق. ونستطيع أن نسمي الحرب المشتعلة والتي تدور رحاها هناك بـ حرب المرجعيات . علماً بأن من يمتلك القرار المرجعي الأعلي، يكون قد امتلك القرار السياسي والمالي معاً للمذهب الشيعي في العالم!
الخطأ السادس: في آب / أغسطس 1993 رفضت سورية التوقيع علي اتفاقية السلام مع اسرائيل في عهد رابين. اليوم يتمحور المطلب السوري حول مسألة إن عادت المفاوضات، فيجب أن تبدأ من النقطة التي توقفت عندها المفاوضات، والتي تسمي اليوم بوديعة رابين .
الخطأ السابع: بند في الفقرة الرابعة من اتفاقية الطائف والذي عقد في السعودية لانهاء الحرب الأهلية اللبنانية، جاء في هذا البند: وعليه فان لبنان لا يسمح بأن يكون ممراً أو مستقراً لأي قوة أو دولة أو تنظيم يستهدف المساس بأمنه أو أمن سورية، وان سورية الحريصة علي أمن لبنان واستقلاله ووحدته ووفاق أبنائه لا تسمح بأي عمل يهدد أمنه واستقلاله وسيادته .
وكانت هذه الفقرة هي التي تستند عليها سورية بعد انسحاب قوات الردع لتبقي القوات السورية ولمدة 29 عاماً في لبنان. ومنه مررت سورية قرارا بتمديد فترة الرئيس اللبناني اميل لحود لكي يدعم مباشرة اتفاقية بين لبنان وسورية، وقعت في ايار/ مايو عام 1991، سميت باتفاق العلاقات الاخوية التعاونية والتنسيقية بين سورية ولبنان. علي اساسها ووفقا لمطلب الرئيس اللبناني، تبقي القوات السورية في وادي البقاع حتي تباشر حكومة لبنان حقوقها الوطنية في كل البلاد وتنسحب اسرائيل من جنوب لبنان .
الخطأ الثامن: الحرب الأمريكية علي العراق، التي قدمت خدمة كبري لايران في نشر وتصدير الثورة، وبشكل مريح، وقوت الهلال الشيعي العراقي السوري اللبناني، ووسعت هذا المد قريباً الي دول منطقة الخليج. ولعل دول المنطقة وعلي رأسها أمريكا نادمة علي هذه الحرب والتي أخطأت هدفها، وكبدتها الخسائر البشرية والمالية التي أدت لتفاقم الأزمة المالية العالمية.
أخيرا، هل لدي العرب القدرة علي توجيه أصابع الاتهام لأنفسهم أولاً، قبل اتهام الغير؟ وتفادي الأخطاء القادمة في المستقبل والتي ربما تكون هي الأفدح؟ جواب تحمّل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤوليته بغياب الديمقراطية عن المنطقة، ذلك ما صرح به الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن نفسه عندما قال: ان أمريكا والغرب ارتكبا أخطاء علي مدي ستين عاماً بدعم الأنظمة الديكتاتورية .
عبد اللطيف المنيّر ـ امريكا
