السيوف |
سلاح يتكون من نصل طويل ذي حافة حادة مدببة مثبت في مقبض . وقد كانت السيوف المستعملة في العصور القديمة مصنوعة من الحجر أو العظام أو الخشب. وتعد السيوف البرونزية هي أول أنواع السيوف المعدنية وقد عرفها المصريون منذ أزمنة سحيقة حوالي عام 2000 قبل الميلاد. ثم ثبت تفوق السيوف المصنوعة من الحديد التي ظهرت في فترات تالية في أجزاء مختلفة من العالم واستمر استخدام هذه السيوف حتى حلول العصور الحديثة عندما تطورت صناعة الصلب وظهر النصل الصلب. وتبع ذلك متطلبات ووسائل الحرب الحديثة التي جعلت من السيوف أسلحة قتال مهجورة. وقد كان السيف دائما سلاحا شخصيا ذا فعالية في الحرب اليدوية ومن ثم فقد كان مرتبطا بالتميز الشخصي. ومن ثم، كانت سيوف القادة السياسيين والعسكريين والنبلاء والمحاربين المتميزين مزخرفة حيث كانت المقابض مزركشة بطريقة أنيقة متميزة (وأحيانا كانت ترصع بالمجوهرات) بينما يتم حشو النصل بالذهب. و الفضة أو يطرق حديد النصل بحيث يبدو بريقه. وللسيف قيمة رمزية قد ألحقت به أيضا. حيث تكثر السيوف ذات السمات الخارقة للطبيعة في الأساطير وكتب الأدب. وقد كان الأبطال والمحاربون البارزون يمتلكون هذه السيوف. ومن الشائع أن يمين الشرف والولاء كانت تقسم على السيف. ويعد تسليم السيف علامة على الهزيمة أو الاستسلام، أما كسر السيف فقد كان دليلا على التجريد من رتبة معينة. ولقد مثل السيف عبر الحضارة الإسلامية نموذجا للبطولة والشرف. ومن ثم فقد أولوه عناية خاصة وذكروه كثيرا في أدبياتهم وأشعارهم. ولم تجر عادة العرب أن يسموا تشكيل الحديد لصناعة السيوف كيمياء، ولكن العمليات التي كانت تجرى على الحديد من حمي في النار، ونفخ النار لزيادة استعمالها، وتنقية هذا المعدن من خبيثه، واستخلاصه من المواد المختلطة به، وسقي الحديد وسبكه، وطبعه وعمله، جعل صناعة السيوف من باب الصنعة. وفي القرن الثالث الهجري / التاسع الميلادي أفرد الكندي رسالة خاصة عن السيوف وأجناسها بعنوان: رسالة السيوف ، قسم فيها السيوف حسب الحديد الذي تطبع منه إلى قسمين: معدني وما ليس بمعدني. "والمعدني ي نقسم قسمين: إلى الشابرقاني، وهو المذكر الصلب القابل للسقي بطبعه، ؛ وإلى النرماهن، وهو المؤنث الرخو الذي ليس بقابل للسقي بطبعه. وقد يطبع في كل واحد من هذا الحديد مفردا، وفيهما معا مركبين .. فأما الحديد الذي ليس بمعدني فهو الفولاذ، ومعناه المصفى، ويصنع من المعدني بأن يلقى عليه في السبك شيء يصفيه ويشد رخاوته، حتى يصير متينا يقبل السقي، ويظهر فيه فرنده" . والسيوف الفولاذية أصناف ثلاثة: العتيق وهو الجيد، والمحدث وهو الرديء، وما ليس بعتيق ولا محدث وهو الوسط بينهما. والسيوف العتيقة ثلاثة أقسام توصف حسب المناجم التي يستخرج منها الحديد، أو البلد والموضع الذي يوجد فيه. وهذه الأقسام هي اليمانية، والقلعية، والهندية. وأجود السيوف تصنع من الحديد الأنثى ولكن " قد يطبع من الذكر السيوف، وهي سيوف يابسة تنكسر سريعا إذا لقيت الكرائه وتسرع في اللحم إلا أنها لا يستوي سقيها لأن الذكر من الحديد تكون فيه عروق لينة نرماهن فتقع في شفارها كثيرا، فلا تقبل هذه العروق السقي، فتبتر عند الضرب. فأما ما قبل منها السقي فتبتر عروقها إذا لقيت الكرائه أو تنكسر؛ فليس يكاد أحد أن يطبع منها إلا جاهل بها، أو ضرورة في موضع لا يمكن فيه غير الحديد الذكر. وهذه السيوف لا فرند لها في طرح ولا غيره. وهي جاسية لا تنثني ولا تهتز، ولا صفاء لحديدها ولا ماء، شديدة السن، مختلفة الشفار لها مواضع خشنة ومواضع لينة". وتنقسم السيوف أصنافا من جهة شكلها وصنعتها، فمنها أرض السيف: ويعني الموضع من الحديد الذي لا فرند فيه، فيقولون: أحمر الأرض ، وأخضر الأرض، وأكدر الأرض. ومنها قبل الطرح أو بعد الطرح ويعني الدواء الذي يلقي على الحديد ليظهر له فرند. ومنها السيف الأحمر، وهو المجلي الذي لم يطرح عليه الدواء بعد. والمادة التي تستخدم في الحمي لها أثر في صفاء السيف ولونه. فأهل سرنديب كانوا لا يحمون السيوف بفحم القصب بل بفحم الخشب اللين، وبفحم الخلاف فيخرج فرنده أصفر اللون . أما البغداديون فكانوا يضعونه في رماد الحمام الحار. بينما أهل خراسان كانوا يطبعون السيف بفحم البلوط. ويعالج السيف الذي يثلم حده من كثرة الض رب فلا يقطع "بأن يؤخذ رماد الحمام بعد أن تأتي على الرماد ساعات من النهار وتلين ناره، فيدس السيف في الرماد؛ ويتعاهد بالنظر، فإذا صار طاووسي اللون وضع على شفرتيه من الزيت شيء، ويترك حتى يبرد في موضع لا يصيبه الماء ولا الريح، فإنه إن أصابته الريح اعوج ولم يؤمن عليه الكسر. فإنه بعد هذا العلاج يقطع، ويؤمن عليه الكسر". وتقدر أطوال السيوف وعروضها بالأشبار والأصابع. وللسيوف أطوال مقننة متعارف عليها، مثل الخفاف الفلجورية التي "تكون سواذج لا شطب فيها، مختلفة في الطول ما بين الثلاثة أشبار و أربع أصابع إلى أربعة أشبار. وإنما أقروها على هذا الطول مخافة أن تنقص أوزانها". والوزن يكون بالأرطال، فالسيوف العراض طولها ثلاثة أشبار ونصف، وأوزانها ما بين الرطلين ونصف إلى ثلاثة أرطال إلا ربعا. وتحدد أثمان السيوف حسب أوزانها، ونوع الفولاذ وجودته ورداءته، فالسيف القلعي الذي وزنه ثلاثة أرطال إلا ربعا ثمنه ضعف السيف الصباحي الذي فيه عروق أما السيف اليماني فيساوي خمسة أضعاف القلعي. وكانت السيوف الكوفية مشهورة قاطعة، وهي أقطع من الفارسية وأصبرها على الكريهة، ويبلغ ثمنها ثلاثة أضعاف الفارسية، إذا تساوى السيفان في الوزن. وعلى الرغم أن السيوف الآن أصبحت تاريخا ولا توجد إلا في المتاحف، إلا أن بعض الملوك مازالوا يمنحون المراتب العسكرية والفروسية بأن يربتوا على أكتاف من يمنحونهم الدرجة بالسيف. كما أن الظهور بالسيوف في المناسبات الوطنية مازال يمثل نموذجا للرقي والتميز في حضارات الدول. |