الدراسات تؤكد انخفاض الإنتاج نتيجة وجود نساء ضمن العمال
· نشأة مفهوم عمل المرأة
بدأت حركة خروج المرأة للعمل خارج البيت بصورة كبيرة في العالم الغربي بعد الثورة الصناعية والتي أدت لهجرة الرجال للمدن, فحلت المرأة محله في الأرياف.
ثم لما ظهرت النقابات العمالية, قام أصحاب الأعمال باستخدام المرأة لمواجهة هذه النقابات, وكان هذا الأمر- كما يؤكد الباحثون والمؤرخون- بتخطيط من عناصر يهودية , لتحطيم المجتمعات من خلال تحطيم الأسرة, ومن ثم السيطرة عليها.
ومما زاد من تشغيل المرأة الحروب الكبيرة التي أدت إلى تجنيد الشباب, وكذا وسائل الإعلام التي روجت لعمل المرأة وعدته حرية وخروجاً عن عهود الجمود الفكري والتخلف الاجتماعي التي ظلت فيها المرأة خادماً مطواعاً تدير شؤون المنزل ولا شأن لها ، كذلك كان خروج المرأة للمتاجرة بها وتسخيرها للشهوات الدنيئة والدعارة والفساد.
يقول د.صالح العساف في كتابه (المرأة الخليجية في مجال التربية والتعليم) إن دخول المرأة
لميدان العمال جاء نتيجة لخطط مدروسة من قبل الرأسمالية التي ولدت على يد اليهود وذلك لإنشاء مجتمع عالمي بلا دين ولا أخلاق, وكانت وسيلتهم الكبرى للوصول إلى غايتهم الخبيثة تحرير المرأة.
وقد قيل إن مفهوم عمل المرأة والاهتمام به يرجع إلى بداية الثورة الصناعية في أوروبا, وذلك عندما بدأ عمال المصانع يضربون عن العمل نتيجة لإرهاقهم بساعات عمل طويلة وذات أجر محدود. بسبب ذلك دخلت المرأة ميدان العمل لتغطي نقص الأيدي العاملة في المصانع, خوفاً من توقف العمل والخسارة المالية المترتبة على ذلك.
· المرأة والعمل في الغرب
إن المرأة في الغرب لم تنزل إلى ميدان العمل, إلا بعد أن تخلى الرجل عن سد حاجاتها، فصارت مرغمة على العمل.
يقول د. يوسف موسى - رحمه الله - : ولعل من الخير أن أذكر هنا أني حين إقامتي بفرنسا كانت تخدم الأسرة التي نزلت في بيتها فترة من الزمن فتاة يظهر عليها مخايل وعلائم كرم الأصل , فسألت ربة الأسرة لماذا تخدم هذه الفتاة ؟ أليس لها قريب يجنبها هذا العمل؟ فكان جوابها : إنها من أسرة طيبة في البلدة ولها عم غني موفور الغني, ولكنه لا يعنى بها ولا يهتم, فسألت : لماذا لا ترفع الأمر للقضاء للحكم لها عليه بالنفقة؟ فدهشت السيدة من هذا القول وعرفتني أن ذلك لا يجوز لها قانوناً.
وحينئذ أفهمتها حكم الإسلام في هذه الناحية فقلت : من لنا بمثل هذا التشريع لو أن هذا جائز قانوناً عندنا لما وجدت فتاة أو سيدة تخرج من بيتها للعمل في شركة أو مصنع.
إن الأب في الدول الغربية لا تكلفه الدولة ولا الأعراف الإنفاق على ابنته إذا بلغت الثامنة عشرة من عمرها, لذا فهو يجبرها على أن تجد عملاً إذا بلغت هذه السن, أو أن تدفع له أجرة الغرفة التي تسكنها.
ولقد نتج عن عمل المرأة في الغرب أن تفككت الأسر, وتشرد الأطفال وهذا ما دعا علماء الغرب ومفكريه لرفع أصواتهم عاليا منذرين محذرين مجتمعاتهم من الهاوية نتيجة عمل المرأة خارج بيتها.
تقول أنا رود : لأن تشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين. إنه عار على بلاد الإنجليز جعل بنتها مثلاً للرذائل فما لنا لا نسعى وراء جعل البنت تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية.
ويقول الكيس كاريل : لقد ارتكب المجتمع العصري غلطة جسمية باستبداله تدريب الأسرة بالمدرسة استبدالا تاما .
و د. وين دنيس يقول : إن ذكاء الطفل ينمو وقدرته على الكلام تقوى إذا نشأ بين أبويه ولم يترك للمربيات والشغالات والمدرسات.
وبرتراند رسل يؤكد : أن الأسرة انحلت باستخدام المرأة في الأعمال العامة وبين أن الاختيار الواقعي أظهر أن المرأة تتمرد على تقاليد الأخلاق المألوفة, وتأبى أن تظل وفية لزوجها إذا تحررت اقتصادياً.
· سلبيات عمل المرأة
لقد صاحب خروج المرأة للعمل تغيرات اجتماعية في نظم العائلة وعلاقة الزوج بالزوجة وعلاقة الأبناء بالوالدين.
وقد أثبتت بعض البحوث العلمية تعارض عمل المرأة مع طبيعة حياتها كأم وزوجة نتيجة لتأثر حالتها الانفعالية والجسمية واستعانتها بالآخرين لتربية أبنائها.
وتوجد دلائل علمية على أن طول فترة الرضاعة الطبيعية تؤدي إلى زيادة الميول الاجتماعية ، لذا فالطفل يحتاج إلى الأم الهادئة المتفرغة لعملية الإرضاع ليكتسب الراحة النفسية والنمو الطبيعي.
إضافة إلى ما سبق فهناك سلبيات أخرى جراء خروج المرأة من بيتها للعمل ومنها :
أن غياب الأم فترات العمل الطويلة يقلل من فترة الرضاعة, ويقل من إدرار اللبن, وقد تضطر بعض النساء إلى فطام الطفل في سن مبكرة, لأن عملها لا يتيح لها فرصة تغذية نفسها التغذية الملائمة لفترة الرضاعة.
أن خروج المرأة للعمل يضعف الروابط والألفة بين أفراد الأسرة وربما يؤدي إلى تفككها وانهيارها, وقد ثبت ازدياد نسب الطلاق في المجتمعات التي يكثر فيها خروج المرأة للعمل.
· عمل المرأة في الإسلام
الإسلام دين يكرم المرأة ويحميها ويريدها مصونة عفيفة, لأن في ذلك حماية للمجتمع بأسره , فالمرأة مستقر الإنسان ومستودع سره وحاضنته ومرضعته ومربيته فإذا كانت صالحة قدمت للمستقبل جيلاً صالحاً.
والبيت هو مملكة المرأة ومنطلقها الحيوي والقرآن والسنة يأمران المرأة بالقرار في بيتها, فقد جعل الله عز وجل لكل من الزوجين حقوقاً, وألزمه بواجبات ليكتمل بناء الأسرة والمجتمع , فالرجل يقوم بالكدح والعمل والاكتساب والنفقة, والمرأة تقوم بالرضاعة والحضانة وتربية الأولاد, وتركها واجبات المنزل ضياع للبيت بمن فيه. وتفكك للأسرة حسياً ومعنوياً.
وفي عصر الرسالة والخلافة الراشدة اشتركت النساء مع الرجال في أمور عدة كاقتباس العلم, فكان من النساء راويات للأحاديث والآثار, وأديبات وشاعرات ومصنفات في العلوم والفنون.
وكانت نساء النبي صلى الله عليه وسلم ونساء أصحابه رضوان الله عليهم يخرجن في الغزوات مع الرجال , يسقين الماء , ويجهزن الطعام , ويضمدن الجراح , ويحرضن على القتال, مع الستر والعفاف.
إن هناك أعمالاً ضرورية وملحة, لا بد أن تقوم بها المرأة كالتعليم, فلو منعنا المرأة من تعليم بنات جنسها فمن سيعلمهن؟! هل نتركهن جاهلات أم هل نجعل الرجال يعلمونهن وفي هذا خطر.
وكذلك التطبيب, والتمريض, فتدريس المرأة لبنات جنسها أقل خطراً من ترك الرجال يعلمونهن .
وأيضاً تقديم الخدمات الاجتماعية والخيرية للنساء أعمال ينبغي أن تقوم بها المرأة لنحقق اكتفاء ذاتيا ويصبح لدينا قوة نسائية كبيرة متخصصة.
إن مفهوم عمل المرأة في الإسلام أشمل وأعمق مما ينادي به دعاة تحريرها من قصره على العمل المأجور فقط, فالأمومة عمل, وتربية الأولاد عمل وأعمال البيت عمل, والمحافظة على قيم المجتمع عمل..
· عمل المرأة في البلاد الإسلامية
أن خروج المرأة في بلاد الإسلامية كان تبعية وتقليداً وإعجاباً بما صوره لها المنخدعون بحرية المرأة الغربية المزعومة واستقلالها الاقتصادي الزائف.
فتأثر نساء المسلمين بنساء الغرب وزاد الخروج للعمل, وزاد بالتالي السفور والاختلاط المؤديان للفساد والشر بالمجتمع.
إن الإسلام يريد للمرأة أن تكون حليف زوجها تؤيده وتنشطه وترغبه في واجباته وأعماله, وأن تكون ربة بيت ومربية أجيال وأنس زوج, وأن تكون متعلمة ومثقفة, وأن تكون قوية في دينها, صادقة في حياتها, صابرة راضية .
لقد كان من نساء المسلمين في الأجيال الفاضلة عالمات ومعلمات وعاملات, لهن فضلهن وقدرهن.
قال عروة بن الزبير رضي الله عنه : ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها .
وكان الصحابة يعرفون لأمهات المؤمنين حقهن ويعملون بنصحهن, ويسألونهن عما جهلوه من أمور دينهم .
وكان من النساء عاملات حتى في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم فقد ضارب رسول الله بمال خديجة رضي الله عنها, وثبت أن امرأة من الأنصار جاءت إلى رسول الله وهو جالس عند المروة, فقالت يا رسول لله أني امرأة أبيع واشتري فربما أردت أن أبيع سلعة فتسام بأكثر, فقال صلى الله عليه وسلم : لا تفعلي , إذا أردت أن تشتري السلعة فاستامي بهذا الذي تريدين أن تأخذي به أعطيت أو منعت.
إن المرأة في الإسلام راعية في مال زوجها ومسؤولة عن رعيتها.
وقد كان نساء الصاحبة رضي الله عنهم يقمن بأعمال شاقة في البيوت , كما ثبت عن فاطمة رضي الله عنها وعن أسماء رضي الله عنها, فكان يطبخن ويغسلن ويعجن ويطحن ويخبزن ويعلفن الخيول.
· أسباب العمل وتنمية المجالات البيتية
المرأة هي هي في الماضي والحاضر وفي كل زمان ومكان, فقد توجد الرغبة عند بعضهن بالكسب المادي من أجل الشعور باستقلال الشخصية أو الشعور بمتعة العمل ولذته.
وقد تميل المرأة إلى العمل تحسباً لتقلبات الدهر ونوائبه, كحالات الترمل, أو الطلاق, أو قد يرى الزوجان الضرورة في رفع مستوى الأسرة المادي.
في الماضي, كنت هذه الرغبة مشبعة بمهن تمارسها المرأة في بيتيها.
بيد أن التطور الحديث غير بعض الأمور, وأصبحت بعض المهن الوظيفية تمارس خارج البيت.
لذا, فمن الأفضل أن يسعى المجتمع إلى تنمية المجالات التي تستطيع فيها المرأة أن تمارس العمل التكسبي أو خدمة مجتمعها وهي في بيتها.