اعتبر الرأس صومعة الحواس، وقيل بأن الذكاء لا يقاس من الرأس إلى أخمص القدمين، بل من الرأس إلى السماء، وأن لا شيء، تقريبا، في الكتب، بل كل شيء في رأس القارئ. ويخرج الإنسان إلى الدنيا، من الرحم، مقدما رأسه لا رجليه. ويرى المغاربة بأن "الثلث الخالي فالدنيا هو راس بنادم (اكحل الراس)". ولأهمية الرأس جعله المغاربة كناية عن كل الذات والنفس، حيث يقولون: "احضي راسك"، و"ادّيها فراسك"، و"اتهلّا فراسك"... وكل رأس بذاتها، لأن "الراس المشروك ما كايتمشط"، ولأنه "ما اخلق الله الريوس مفرقة غير باش ترتاح".
والرأس جزء من الجسم، يقع في أعلى الجسد بالنسبة للإنسان، وفي مقدمته بالنسبة للحيوان الذي يمشي على أربع قوائم. ويقال بأن "البني كايبدى من الساس، والهديم من الراس". ويشمل الرأس الدماغ والفم وأعضاء الحس الرئيسية، وهي العينان والفم والأذنان. ويقول المغاربة: "واحل ليه راسو بين ودنيه"، كما تساءلوا: "اشكون اسبق للراس العينين ولاّ الضراس؟".
وهيكل الرأس العظمي يُسمى الجمجمة، وهي تتكون من منطقة الوجه والقحف، وهذا الأخير غطاء لوقاية الدماغ. وقد قالوا: "تخلّي الراس، وتنزل (وتجي) فين بغات"، و"ما عندك باس إيلا عاش الراس"، و"إيلا ابقى الراس ما يعدم شاشية". وقال الشاعر:
يقول لي الأمير بغير علم – تقدم حين جد به المراس
فما لي إن أطعتك من حياة – وما لي غير هذا الرأس رأس
: وعند الميلاد يكون حجم الرأس كبيرًا للغاية، بالقياس إلى باقي الجسم. فالرأس يبلغ طوله حوالي ربع الطول الإجمالي للجسم عند الميلاد ويكون محيط الرأس عند المولود الطبيعي 35 سم, ويصبح 50 سم بعمر سنتين, وعند الشخص الكبير يكون محيط الرأس حوالي 54 إلى 55 سم. وعندما يكون كبيرا، بشكل غير طبيعي، يسمي المغاربة صاحبه "بوقال"، ويقولون: "الراس الكبير ديال الهم والتدبير". وقيل بأن للأسد رأس كبيرة لكي لا يستطيع إخراجها من بين قضبان القفص. ويقال بأن الرأس دائرية حتى تمكن من تغيير اتجاه التفكير. ويقول المغاربة: "الراس اللّي ما يدور كدية".
ومن الرؤوس، هناك "الراس القاسح": "راسو ما يهرسوه شواقر"، و"الراس السخون": "إيلا سخن راس كايبرد راس"، و"راس الحمق": "براس الحمق تايتقاس الواد" و"الزيادة في راس الحمق"، و"الراس الخاوي": "الراس الخاوي اعمارة القهاوي".
وعن محتويات الرأس، يقولون: "ماية حاجة (مطرقة) فالراس والراس واحد"، و"حرف يدخل للراس ولا الهضرة فالناس"، و"الفاس اوقع فالراس"، و"الراس اللّي فيه الوسواس، ما يخلي ما يمساس"، و"الراس اللّي ما فيه نشوة مقطوع هو".
ومن باقي الأمثال الشعبية حول الرأس: "الراس راسي يدخل ولاّ يخرج"، و"راسي ديالي والناس حايرين به"، و"راسي يا راسي"، و"الراس اللّي تبغي تقطعو ملّس عليه"، و"انطح (اضرب) راسك مع الحيط"، و"الدنبة رجعات راس" (صرات الأذناب أمام الرؤوس: يقال في قلب الأوضاع)، و"قد الشاشية قد الراس"، و"راسي وراسك في شاشية واحدة"، و"الراس بلا نشوة كدية"، و"راس بلا كيف يستاهل السيف"، و"راسها شايب وفيه الغرايب"، و"كايضحك بحال الراس المشوط"، و"صداع الراس"، و"ما عندو لا راس ولا ساس"، و"لا راس ولا ساس"، و"اللّي دار راسو فالنخالة ينقبو الدجاج".
سال تلاميذ زميلا لهم، جاء إلى المدرسة وقد لف رأسه بضمادة جراح، عما حدث له. فقال: كنت في الحديقة مع أخي، فحطت نحلة على رأسي..فقاطعه زملاؤه مستغربين: أكل هذا من فعل نحلة؟ فقال: كلا، عندما صرخت، خوفا منها، ضربها أخي بعصا!
حسن أوالفقر