يرى البعض في عودة الأطر المحسوبة على إدريس البصري إلى احتلال المواقع الهامة في وزارة الداخلية قبيل الانتخابات الجماعية المقبلة ، دليلا على رغبة الدولة المغربية في إعادة “الهيبة” إلى نفسها ، بعد تسع سنوات من “الحرية المحدودة” التي حملها العهد الجديد إلى المغاربة .
وكنا نتمنى أن تنكسر حدود هذه الحرية وتكبر ، حتى تصير كالحرية التي يتمتع بها مواطنو البلدان الديمقراطية ، ولكننا مع الأسف اكتشفنا ، أن مالين الشي ، عوض أن يزيدوا من جرعة الحرية فضلوا أن يعيدوا رجال الحرس القديم إلى الواجهة ، كي يقولوا للمغاربة ربما ، بأن الحرية مثلما هو الشأن بالنسبة للصبر لها أيضا حدود !
ويكفي في الواقع أن نلقي نظرة شاملة على الوضع العام في المغرب ، حتى نتأكد من أن أكبر شيء يخشاه المسؤولون المغاربة المتحكمون في زمام الأمور بالبلد هو الحرية . علاش ؟ لأن الحرية ما كايجي منها غير الصداع ديال الراس ! صداع الرأس طبعا هو أن يسمع المسؤولون ما لا يرضيهم ، ويشاهدوا ما يجعل النوم يطير من عيونهم .
وللأسف مثل هذه الأشياء لا توجد عندنا في المغرب ، لأننا ببساطة شديدة لا نعيش في بلد ديمقراطي بالمعنى الحقيقي لكلمة ديمقراطي !
ففي الدول الديمقراطية الحقيقية يسمع المسؤولون الذين يسيرون شؤون المواطنين كل دقيقة وكل ساعة ما لا يرضيهم عبر أمواج الإذاعة وشاشة التلفزيون ، ويقرؤون الأخبار التي تصيب بصداع الرأس عبر الجرائد ، ويشاهدون المظاهرات والاحتجاجات الصاخبة التي تطير النوم من عيونهم بمجرد أن يفكروا في رفع ثمن الحليب أو الخبز بسنتيمات قليلة .
لذلك يخافون جدا من كل هذه الجهات ، لكونهم يدركون جيدا أن الذي يقرر في مصيرهم السياسي هو الشعب وليس التعيينات التي تأتي من “السماء” مثلما يحصل عندنا في المغرب .
فبفضل هذه “السياسة السماوية” أصبحت الآية عندنا مقلوبة بنسبة 180 درجة . الإعلام الحر الذي يشكل السلطة الرابعة مهدد على الدوام بسيف القضاء الموضوع على رقبته ، لذلك لا فرق بين الصحافيين الذين يشتغلون في هذا الإعلام وبين من يسير في حقل مليء بالألغام القاتلة ، والإعلام الرسمي يعلم الجميع أن الدولة هي التي تتحكم فيه وتفعل به ما تشاء . بينما صوت الشعب يكاد يصير منعدما ، ولا أحد يسمعه إلا عندما يخرج الناس في مظاهرة لمساندة الشعب العراقي أو الفلسطيني !
وحتى مساندة فلسطين والعراق بالصراخ ورفع الشعارات ليس مسموحا به لكل المغاربة ، وقد رأينا كيف تم منع مسيرات احتجاجية في مدن مغربية كثيرة ، تحت ذريعة الحفاظ على الأمن العام ، وكأن المغاربة مجرد قطيع من الحيوانات بمجرد أن يخرجوا إلى الشارع لا يهنؤون حتى يغرقوه في فوضى لا متناهية .
والحال أن هؤلاء الذين يمنعون المغاربة من التظاهر والاحتجاج في الشوارع ، سواء لفائدة القضايا القومية أو للدفاع عن حقوقهم الشخصية ، وهو حق يمنحهم إياه دستور المملكة ، لا يهمهم الأمن العام ، وإنما الذي يهمهم بالدرجة الأولى هو أمن مصالحهم الخاصة .
لذلك تظل ذريعة “الحفاظ على الأمن العام” مجرد أكذوبة مفضوحة يضحكون بها على ذقون المغاربة !
وماذا يمكن أن يقول هؤلاء لبريطانيا ، إحدى الدول الديمقراطية العريقة ، التي أنشأت لمواطنيها ساحة اسمها “الهايد بارك” يذهب إليها كل الساخطين على الوضع العام في البلد ، ( بريطانيا ماشي المغرب ) ليصبوا جام غضبهم على أعضاء الحكومة وكافة المسؤولين ، بمن فيهم الملكة إليزابيث الثانية !
إنهم خائفون ، ويريدون أن ينشروا ثقافة الخوف بين الناس ، حتى أنهم قاموا بمنح تلاميذ المدارس عطلة مجانية من ثلاثة أيام عقب العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة ، وبداية ظهور المظاهرات والاحتجاجات . وقالوا بأنهم يخشون على التلاميذ وعلى زجاج نوافذ المؤسسات التعليمية ، لكن بعض ألسنة السوء قالت بأن الهدف من ذلك هو الحيلولة دون تأثر أبناء المزاليط بثقافة المقاومة ، والدليل حسب أصحاب ألسنة السوء هذه ، هو أن الدراسة منعت فقط في المدارس العمومية ، بينما تلاميذ المدارس الخاصة تابعوا دراستهم بشكل عادي ، لأن هؤلاء عندما يكبرون غالبا ما تساعدهم البيئة والثقافة التي تربوا وسطها على أن يولوا وجوههم جهة الغرب وليس الشرق ! لذلك فلا خوف عليهم ما دام أن المقررات الدراسية التي يدرسونها هي نفسها التي يدرسها تلاميذ مدارس باريس والمدن الفرنسية الأخرى .
تصوروا معي حال دولة تخاف من أطفالها الصغار كيف ستكون علاقتها مع “رجالها” .
ويا ليتهم يمنعوننا من الاحتجاج فقط لهان الأمر ، الخطير أنهم يسعون الآن إلى أن ينتزعوا منا حتى حريتنا الشخصية ، وذلك بإرغامنا على التصويت في الانتخابات الجماعية القادمة ، واللي ما بغاش يصوت ما غاديش يعجبو حال .
ورغم أن وزير الداخلية شكيب بنموسى نفى ، في لقاء مع زعماء الأحزاب السياسية ، عزم الدولة على فرض أي عقوبات زجرية على المواطنين الذين لن يتسجلوا في اللوائح الانتخابية ، إلا أنه استدرك بأن قانون الانتخابات المقبلة يتحدث عن “الإلزامية باعتبارها حقا من حقوق المواطنة” . يعني أنه ليست هناك عقوبات ، ولكن خاصكم تسجلو بزز منكم ! اللي فهم شي حاجة يهز صبعو .
كاليك المغرب الديمقراطي الحداثي . باش ؟ بالفم طبعا !
محمد الراجي
Lesoir2006@gmail.com
وكنا نتمنى أن تنكسر حدود هذه الحرية وتكبر ، حتى تصير كالحرية التي يتمتع بها مواطنو البلدان الديمقراطية ، ولكننا مع الأسف اكتشفنا ، أن مالين الشي ، عوض أن يزيدوا من جرعة الحرية فضلوا أن يعيدوا رجال الحرس القديم إلى الواجهة ، كي يقولوا للمغاربة ربما ، بأن الحرية مثلما هو الشأن بالنسبة للصبر لها أيضا حدود !
ويكفي في الواقع أن نلقي نظرة شاملة على الوضع العام في المغرب ، حتى نتأكد من أن أكبر شيء يخشاه المسؤولون المغاربة المتحكمون في زمام الأمور بالبلد هو الحرية . علاش ؟ لأن الحرية ما كايجي منها غير الصداع ديال الراس ! صداع الرأس طبعا هو أن يسمع المسؤولون ما لا يرضيهم ، ويشاهدوا ما يجعل النوم يطير من عيونهم .
وللأسف مثل هذه الأشياء لا توجد عندنا في المغرب ، لأننا ببساطة شديدة لا نعيش في بلد ديمقراطي بالمعنى الحقيقي لكلمة ديمقراطي !
ففي الدول الديمقراطية الحقيقية يسمع المسؤولون الذين يسيرون شؤون المواطنين كل دقيقة وكل ساعة ما لا يرضيهم عبر أمواج الإذاعة وشاشة التلفزيون ، ويقرؤون الأخبار التي تصيب بصداع الرأس عبر الجرائد ، ويشاهدون المظاهرات والاحتجاجات الصاخبة التي تطير النوم من عيونهم بمجرد أن يفكروا في رفع ثمن الحليب أو الخبز بسنتيمات قليلة .
لذلك يخافون جدا من كل هذه الجهات ، لكونهم يدركون جيدا أن الذي يقرر في مصيرهم السياسي هو الشعب وليس التعيينات التي تأتي من “السماء” مثلما يحصل عندنا في المغرب .
فبفضل هذه “السياسة السماوية” أصبحت الآية عندنا مقلوبة بنسبة 180 درجة . الإعلام الحر الذي يشكل السلطة الرابعة مهدد على الدوام بسيف القضاء الموضوع على رقبته ، لذلك لا فرق بين الصحافيين الذين يشتغلون في هذا الإعلام وبين من يسير في حقل مليء بالألغام القاتلة ، والإعلام الرسمي يعلم الجميع أن الدولة هي التي تتحكم فيه وتفعل به ما تشاء . بينما صوت الشعب يكاد يصير منعدما ، ولا أحد يسمعه إلا عندما يخرج الناس في مظاهرة لمساندة الشعب العراقي أو الفلسطيني !
وحتى مساندة فلسطين والعراق بالصراخ ورفع الشعارات ليس مسموحا به لكل المغاربة ، وقد رأينا كيف تم منع مسيرات احتجاجية في مدن مغربية كثيرة ، تحت ذريعة الحفاظ على الأمن العام ، وكأن المغاربة مجرد قطيع من الحيوانات بمجرد أن يخرجوا إلى الشارع لا يهنؤون حتى يغرقوه في فوضى لا متناهية .
والحال أن هؤلاء الذين يمنعون المغاربة من التظاهر والاحتجاج في الشوارع ، سواء لفائدة القضايا القومية أو للدفاع عن حقوقهم الشخصية ، وهو حق يمنحهم إياه دستور المملكة ، لا يهمهم الأمن العام ، وإنما الذي يهمهم بالدرجة الأولى هو أمن مصالحهم الخاصة .
لذلك تظل ذريعة “الحفاظ على الأمن العام” مجرد أكذوبة مفضوحة يضحكون بها على ذقون المغاربة !
وماذا يمكن أن يقول هؤلاء لبريطانيا ، إحدى الدول الديمقراطية العريقة ، التي أنشأت لمواطنيها ساحة اسمها “الهايد بارك” يذهب إليها كل الساخطين على الوضع العام في البلد ، ( بريطانيا ماشي المغرب ) ليصبوا جام غضبهم على أعضاء الحكومة وكافة المسؤولين ، بمن فيهم الملكة إليزابيث الثانية !
إنهم خائفون ، ويريدون أن ينشروا ثقافة الخوف بين الناس ، حتى أنهم قاموا بمنح تلاميذ المدارس عطلة مجانية من ثلاثة أيام عقب العدوان الإسرائيلي على مدينة غزة ، وبداية ظهور المظاهرات والاحتجاجات . وقالوا بأنهم يخشون على التلاميذ وعلى زجاج نوافذ المؤسسات التعليمية ، لكن بعض ألسنة السوء قالت بأن الهدف من ذلك هو الحيلولة دون تأثر أبناء المزاليط بثقافة المقاومة ، والدليل حسب أصحاب ألسنة السوء هذه ، هو أن الدراسة منعت فقط في المدارس العمومية ، بينما تلاميذ المدارس الخاصة تابعوا دراستهم بشكل عادي ، لأن هؤلاء عندما يكبرون غالبا ما تساعدهم البيئة والثقافة التي تربوا وسطها على أن يولوا وجوههم جهة الغرب وليس الشرق ! لذلك فلا خوف عليهم ما دام أن المقررات الدراسية التي يدرسونها هي نفسها التي يدرسها تلاميذ مدارس باريس والمدن الفرنسية الأخرى .
تصوروا معي حال دولة تخاف من أطفالها الصغار كيف ستكون علاقتها مع “رجالها” .
ويا ليتهم يمنعوننا من الاحتجاج فقط لهان الأمر ، الخطير أنهم يسعون الآن إلى أن ينتزعوا منا حتى حريتنا الشخصية ، وذلك بإرغامنا على التصويت في الانتخابات الجماعية القادمة ، واللي ما بغاش يصوت ما غاديش يعجبو حال .
ورغم أن وزير الداخلية شكيب بنموسى نفى ، في لقاء مع زعماء الأحزاب السياسية ، عزم الدولة على فرض أي عقوبات زجرية على المواطنين الذين لن يتسجلوا في اللوائح الانتخابية ، إلا أنه استدرك بأن قانون الانتخابات المقبلة يتحدث عن “الإلزامية باعتبارها حقا من حقوق المواطنة” . يعني أنه ليست هناك عقوبات ، ولكن خاصكم تسجلو بزز منكم ! اللي فهم شي حاجة يهز صبعو .
كاليك المغرب الديمقراطي الحداثي . باش ؟ بالفم طبعا !
محمد الراجي
Lesoir2006@gmail.com