تكبر مدينة طنجة وتكبر معها مشاكلها، بل تتزايد عددا وتتعقد من حيث طبيعة تركيبتها، بسبب العدد الهائل من الوافدين عليها، ومن كل المدن والمناطق المغربية. هؤلاء اختاروا طنجة ومن حقهم ذلك. اختاروا هذه المدينة العجيبة التي خرجت إلي الوجود الاقتصادي والمالي بسرعة فائقة. وما نظن أن أهلها كانوا يتوقعون الطفرة التي عرفتها مدينتهم اليوم في ميدان العقار، الذي بات الاستثمار فيه حسب رأي تجار المخدرات، أكثر فائدة وأضمن للربح الوفير من الحشيش!
لم تكن مدينة البوغاز التي انتشر فيها البناء والعمران بشكل لم يسبق له مثيل مستعدة لاحتضان كل هذا التوسع الإسمنتي القاتل. ولم تكن حياة الناس تحتمل كل هذا الضجيج والازدحام والإيقاع اليومي السريع. وما يدريك؟ فقد يضطر سكان طنجة إلي القيام مبكرا مع الفجر لكسب قوتهم اليومي لأن الزمن غير الزمن والحال غير الحال.
ومن يعجبه الخمول والكسل لم يعد له مكان بالمدينة التي ولدت فوق أديم أرضها أحلامه!
نعم، مدينة البوغاز مقبلة علي تحول عميق في صورتها العامة، سيما بعد استكمال البنية التحتية من طرق، وسكة حديدية، وموانئ ذات مرافئ ضخمة، وذات مواصفات دولية. كل هذا رشح ويرشح المدينة لتصبح قطبا اقتصاديا وتجاريا، يستقطب الأطر واليد العاملة من مختلف اتحاد المغرب ومن خارجه، الأمر الذي يستدعي ترتيبا خاصا واستعدادا مسؤولا لضمان استقرار وإيواء جماعات السكن الجديدة التي سيكون عددها بالآلاف، وتوفير ما يلزم من مرافق صحية واجتماعية وتربوية وترفيهية، خاصة في القصر الصغير ومحيط الميناء (طنجة المتوسط)؛ إذ لا يمكن أن نبني مدنا بلا روح، أو ننشي كارتيلات شبيهة بالملاجئ السيئة الذكر، وما أكثرها!. إذا كنا نطمح فعلا في جلب رؤوس الأموال والاستثمار الوطني والأجنبي، لا بد لنا من الذهاب رأسا إلي جوهر المشكلة، ونعني توفير المسكن لكل الطاقات العاملة والأطر والخبرات التي ستشد الرحال إلي طنجة في المستقبل القريب. ولعل أول شيء يشغل بال الناس في بلادنا، ولا سيما في المدن الكبري هو السكن. من هنا ضرورة البحث عن الحلول الواقعية لهذه المشكلة ومن الآن. وأي انتظار أو تسويف أو مماطلة، لن تنتج عنه سوي تعقيدات، لا يستطيع أحد أن يتكهن بنتائجها.