تفجرت فضيحة شبكة لتهجير الفتيات المغربيات من خنيفرة نحو دول الخليج، الإمارات العربية المتحدة خصوصا، وذلك بمجرد أن تقدمت إحدى الضحايا بشكاية في الموضوع لدى وكيل الملك بابتدائية خنيفرة، وهي تفيد فيها أنها وقعت ضحية نصب واحتيال من طرف امرأة نشيطة في مجال استقطاب الفتيات الجميلات وتهجيرهن نحو العاصمة الإماراتية دبي لغاية امتهان الدعارة.
وفي إطار التحريات التي قامت بها السلطات الأمنية، تم التوصل إلى ما يفيد أن المرأة المشبوهة تقود شبكة لتهجير الفتيات بتواطؤ مع ابنتها وزوج هذه الأخيرة، وهو من أصل سوري ويحمل جنسية إماراتية، وهذان يقيمان بالعاصمة دبي، وأكدت مصادرنا أن المرأة «تقتنص» ضحاياها عن طريق إيهامهن بالحصول على عقود عمل بالبلد الخليجي المذكور، مقابل مبلغ مالي بمجرد ما يدفعنه للمعنية بالأمر يتم إخبارهن بحقيقة العمل الذي سيقمن به في بلد النفط وأمراء البترودولار الذين انفضحت سلوكياتهم في مجال الدعارة ببلادنا ، فاختاروا «الاتجاه المعاكس» في أن تنقل إليهم نساء بلادنا إلى ديارهم.
ولم يأت انكشاف أمر الوسيطة سهلا لولا الضحية (حنان) التي قالت أثناء التحقيق معها إن المرأة فاتحتها في ما إذا كانت ترغب في الحصول على عقد عمل باستقبالات أحد الفنادق بدولة الإمارات العربية مقابل 30 ألف درهم، وفي ظل الأزمة والفقر كان طبيعيا أن تقع الضحية بسهولة في مصيدة الوسيطة تحت أوهام تحسين وضعيتها ووضعية أسرتها، وفور تسليمها المبلغ المطلوب لم تتوقع أن تفاجأ بالخدعة عندما طالبتها المرأة بصور فوتوغرافية تظهر فيها عارية الجسد والمفاتن، الأمر الذي شدد شكوك الضحية في طبيعة الشغل الذي ينتظرها بدولة الإمارات، ولم تتخلف عن استفسار المرأة في الموضوع حيث أخبرتها هذه الأخيرة، وبأسلوب من الإثارة والإغراء، بحقيقة المهنة المراد القيام بها، مؤكدة لها أن ابنتها وزوجها سيتكلفان بتنصيبها بالمكان المخصص لها في هذا الميدان متى وصلت إلى الدولة الخليجية المعنية، ولم يكن من الضحية غير الإعراب عن رفضها المطلق للقبول بهذا العرض القدر، بحكم أنها متزوجة أولا ومحافظة على شرفها ثانيا.
وانطلاقا من هذا الموقف، أخذت الضحية في مطالبة الوسيطة بإرجاع المبلغ المالي الذي تسلمته منها لتصطدم في كل مرة بلغة التسويف والمماطلة التي على إثرها تقدمت بشكايتها لدى الجهات المختصة.
وأثناء مجريات التحقيق التي قامت بها الشرطة القضائية بخنيفرة، تم الوصول إلى ضحيتين أخريين (فتيحة) و(سعاد) نهجت الوسيطة في حقهما نفس الأسلوب، ولعل عناصر التحقيق تمكنت من الوقوف على فتيات أخريات يحلمن بحياة أفضل فوقعن ضحية المرأة، والمؤكد أن مِن بينهن مَن أبدين رغبتهن في ممارسة حتى الدعارة كسبيل للهروب من جحيم الفقر وتحسين ظروف عيشهن كلما نجحت الوسيطة في استغلال أزمتهن وجعلهن يحلمن بالعيش الرغيد، شأنها شأن باقي مافيات الدعارة المنظمة وتجار الرقيق الأبيض الذين يبدأون حديثهم مع ضحاياهن بتوفير عقود عمل في مهن شريفة كعاملات في استقبالات الفنادق ومحلات الحلاقة أو كمربيات بيوت ونادلات وعارضات أزياء ومرشدات سياحيات، إلا أن الضحايا بمجرد ما تطأ أقدامهن أرض البلد الخليجي المقصود حتى يجدن أنفسهن «معتقلات» بدور الدعارة في ظروف غير إنسانية، وعرضة للمتاجرة بأجسادهن في سوق النخاسة والمراقص الليلية، وكل رافضة لهذا الميدان تتعرض للعنف والاحتجاز والإجبار على تلبية رغبات وحوش الجنس.
والواضح أن تجارة تهريب الفتيات من المغرب إلى دول الخليج وأوروبا وإسرائيل، باتت من المهن المتفشية بقوة في الآونة الأخيرة إلى درجة أن العديد من ناشطات المجتمع المدني طالبن غير ما مرة بإنقاذ سمعة المغربيات والعمل فورا على صدور قرارات من أعلى المستويات لمواجهة ظاهرة شبكات الدعارة التي تترصد بالنساء المغربيات، وتجعل منهن «سلعة» مربحة أو آلة لإنتاج المتعة.
وبخصوص وسيطة خنيفرة، علم من مصادر متطابقة أنها اعتقلت وقدمت أمام العدالة بتهمة تنظيم الدعارة الدولية باستعمال صور خليعة في إطار شبكة منظمة، وأضافت ذات المصادر أن البحث لايزال جاريا في حق ابنتها وزوجها المقيمين بدولة الإمارات، وما إذا كانا هذان العنصران يعملان لحساب تنظيم دولي مختص في تهريب «الأجساد الناعمة» من المغرب، وقد رفع المحققون من وتيرة اهتمامهم بالملف إثر تأكدهم من أن زوج ابنة الوسيطة من أصل سوري ويحمل جنسية إماراتية