أذكر أنني نشرت قبل أشهر مقالا في احد المواقع المغربية تناولت فيه موضوع العلاقة الجنسية المريضة بين الرجل والمرأة في العالم العربي ، حيث دافعت بشدة عن حق المرأة في الحصول على نصيبها كاملا من المتعة التي يجب أن تقسم بالتساوي والتراضي بين الزوجين ، عوض أن يقضي الرجل وطره وينام على جنب الراحة مثل حيوان بلا أحاسيس ، تاركا زوجته تتلوى من شدة الحزن والحسرة وتكمل بأصبعها !
حينها تلقيت سيلا جارفا من التهم المجانية الرخيصة ، وكثيرا من السباب واللعنات والشتائم ، بل هناك حتى من شك في إيماني ، وذهبت الوقاحة بآخرين إلى نعتي بابن العاهرة ! ورغم أني قلت للجميع بأني لم يسبق لي أن مارست الجنس في حياتي لحد الآن – وأنا فخور بذلك - ، وقلت لهم أيضا أني ضد ممارسة الجنس خارج إطار الزواج جملة وتفصيلا ، إلا أنهم مع ذلك لم
يرحموني !
وبما اني وجدت بعض التعليقات على مقالي الاخير في هدا الموقع شبيهة شيئ ما بالاتهامات التي تلقيتها في موقع ايلاف أعود اليوم وبحماس كبير وعزيمة أقوى لنفس الموضوع ، أي قضية الجنس ، الذي يبدو أنه ما زال يشكل بعبعا مرعبا للكثيرين ، ويسعى الجميع إلى حشره رغم أنفه داخل صندوق الطابوهات الذي لا يحق لأحد أن يتجرأ على فتحه ، رغم أن سكان الأرض أجمعين يشقون ويتعبون ويكدون ويجتهدون ويستيقظون في الصباحات الباكرة كي يتوجهوا إلى أماكن عملهم التي يعرقون فيها بلا توقف من أجل تلبية حاجيات بطونهم في المقام الأول وفروجهم الجائعة في المقام الثاني ! فلولا البطن والفرج لكانت الدنيا بخير وعلى خير ولنام الجميع على جنب الراحة بلا هم ولا غم . لكن العرب مع الأسف الشديد يتحدثون فقط عن بطونهم التي تتألم من شدة الجوع وأمراض الجهاز الهضمي ، بينما لا يستطيعون فتح أفواههم للحديث عن مشاكلهم وعقدهم الجنسية التي لا تنتهي حتى داخل عيادة الطبيب ! حيت كايحشمو زعما . ولكن الذي لا يريد الكثيرون أن يجهروا به هو أن الفئة العربية التي تعاني من العقد الجنسية ليس هو الرجل العربي ذو الشارب الكث والصدر المليء بالشعر الخشن ، وإنما المرأة العربية المسكينة هي التي تكتوي بنيران عدم الشبع الجنسي لوحدها ، فالرجل العربي في نهاية المطاف يصل إلى مراده بأي طريقة من الطرق ، فكل الطرق بالنسبة إليه تؤدي إلى روما ، وروما هنا هي النشوة الجنسية في أقصى درجاتها ! والمرا يلا ما قدراتش توصل لروما ، ما عليها غير تصبر .
والحقيقة أني لا أعرف ما الذي يجعل الحديث عن الثقافة الجنسية لدى العرب أمرا محرما أكثر من شرب الخمر ، رغم أنه يستحيل أن تعثر اليوم على فتاة أو شاب لم يسبق له أن شاهد مجلة أو فيلما بورنوغرافيا ولو عن طريق الصدفة ! في ظل الانفتاح الهائل الذي هبت علينا رياحه بفضل القنوات الفضائية والإنترنت ، بل إن الأسر العربية لم تعد اليوم تجد حرجا في مشاهدة أغاني العري التي تقوم ببطولتها فنانات الكليب أو الكلب العربي ، مثل هيفاء وهبي وروبي وغيرهن من فنانات بوس الواوا . لكن في المقابل ليس هناك أب واحد يستطيع الجلوس مع ابنه المراهق ليناقش معه مشاكله الجنسية التي تؤرق باله وتجعل النوم لا يقترب من عيونه إلا في الساعات الأولى من الصباح ، حتى أن كثيرا من الشباب الذين وصلوا إلى مرحلة البلوغ لا يستطيعون أن يسألوا آباءهم عن كيفية الاغتسال من الجنابة عندما يحتلمون بالليل ، حيت عيب وحشومة الواحد يسول الواليد ديالو ولا مو على شي حوايج بحال هادشي !
وليست هناك أم واحدة تستطيع أن تجلس وجها لوجه مع ابنتها المراهقة التي جاءها الحيض دون أن تعرف ماذا يجري داخل أحشائها لتشرح لها الأمر ببساطة تعيد الأمان والطمأنينة إلى نفسها . مثلما ليس لدينا أساتذة ومعلمون يستطيعون أن يتحدثوا عن الجنس إلى الطلاب والتلاميذ بشكل صريح وواضح دون أن يخفوا وجوههم التي تعلوها حمرة الخجل وسط كتاب ، وكل هذا طبعا لا يعني أن العرب يحتشمون ويستحيون ، بل يعني أنهم منافقون من الدرجة الممتازة . فهم يدعون العفة والطهارة في العلانية ، ويفعلون في السر أشياء يخجل الشيطان من اقتراف مثلها !
وكم ضحكت كثيرا عندما قرأت النتائج التي نشرها محرك ( كوكل) في السنة الماضية عن أكثر الكلمات التي يبحث عنها العرب في الإنترنت ، حيث إن الكلمة التي يبحث عنها السعوديون الذين يقطنون في بلاد الحرمين الشريفين ويدعون التمسك بالإسلام الوهابي المتشدد ولا يضيعون أي صلاة في وقتها هي كلمة ( سيكس) أو جنس بالعربية تاعرابت ! ويأتي المغاربة في الرتبة الثالثة في لائحة الباحثين عن الجنس بين صفحات الويب . حيت هوما عندهوم شوية ديال الحرية وبإمكانهم أن يعثروا على السيكس ديال بصح في كل مكان عوض الاكتفاء بمشاهدة صور الحسناوات الأوروبيات التي لا حياة ولا روح فيها !
وحتى لا يعتقد أصحاب التفسيرات السريعة الذين ينظرون إلى الأشياء بنظرة الأعور أن هذه الشهوة الجنسية الجامحة قد اجتاحت العرب بسبب الفضائيات الغربية التي تقدم سيولا من الأفلام الخليعة لكل من يتوفر على بطاقة تشفير ، فسوف نقول لهم بأن أجدادنا بدورهم كانوا مولعين بالجنس ، ربما أكثر منا نحن أبناء جيل الثمانينات! وإذا عدنا إلى الحكايات الشعبية التي تركها أسلافنا الذين يرقدون الآن في قبورهم الباردة سوف نجدها مليئة بالنكت التي تتناول موضوع الجنس من كل جانب أكثر مما يتناوله الأطباء المتخصصون داخل عياداتهم الخاصة ! المشكل يكمن فقط في أن العرب يتحدثون عن الجنس في شكل نكت ساخرة وسخيفة أيضا ، لكنهم لا يملكون ما يكفي من الشجاعة للحديث عنه بشكل علمي . فجدودنا تحدثوا بشكل ساخر عن المرأة الشهوانية التي تملك تسعا وتسعين شهوة . وسخروا بشكل حاد من الرجال الذين لا يستطيعون فض غشاء بكارة عرائسهم في ليالي الدخلة المرعبة ، وسخروا أيضا من المرأة التي تتوفر على مهبل مثل كل النساء وفوقه ينتصب قضيب صغير . أي أنها ذكر وأنثى في نفس الآن ! وفوق كل هذا فمن يعود إلى كتب التاريخ القديمة التي تتناول سير الرجال العظماء الذين بصموا تاريخ العرب سيكتشفون أن كثيرا منهم كانوا يعانون من انحرافات جنسية خطيرة ، حيث إن منهم من يفضل النوم مع الغلمان الذين يربيهم داخل قصوره خصيصا لهذا الغرض ويترك الجواري . ومع ذلك يصر بعض كتاب التاريخ المنافقين على تقديمهم للتلاميذ في المقررات الدراسية في صورة ملائكة معصومة من الخطأ . وهناك شعراء اعترفوا بشذوذهم الجنسي في قصائدهم الشعرية الصريحة ، تماما كما يعترفون بإدمانهم على شرب الخمر .
المهم أن الجنس كان من بين أولويات الرجل العربي منذ عشرات القرون ، ورغم كل هذا الزمن الطويل فهم يصرون على وضعه داخل صندوق حديدي مثل عفريت خطير ، حتى أن هناك من يقول بأن الجنس والخمر هما اللذان طردا العرب من الأندلس . فعندما اكتشف الاسبان أن الفاتحين العرب مولعون بالخمر والنساء كانوا يأتون إليهم ببراميل من النبيذ وكثير من الشقراوات الحسناوات ، وهكذا ترك العرب مهمة حمل السيوف والدفاع عن المكتسبات وانشغلوا بمهمات أخرى أكثر أهمية ، ومن تم كان طردهم سهلا جدا تماما مثل إخراج الشعرة من العجين .
فلماذا نرفض الحديث عن الجنس بشكل واضح وصريح ما دام يأتي في الرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد البطن ؟ ولماذا لا نريد أن نبحث عن حلول علمية لمشاكلنا الجنسية المتفاقمة بعيدا عن الصمت والنفاق ؟ ولماذا يصر الرجل العربي على احتكار المتعة الجنسية لوحده ويحرم المرأة من حقها ؟ أسئلة سنلقي عليها كثيرا من الأضواء الكاشفة في الحلقات القادمة بحول الباري جل وعلا ...