ظلت القصور الملكية في المخيلة الشعبية موصومة بالبدخ، يتصورها أغلب المغاربة فضاءات عامرة بالعبيد والجواري على امتداد أكثر من أربعة عقود.
ولازال خدم وعبيد دار المخزن محاطين بالكثير من الأسرار إلى حد الآن فالبلاط بالمغرب ظل يحجب أسراره وراء طقوس تقليدية عتيقة نسجت حولها أساطير وحكايات همت قاطني دار المخزن والعاملين بها، وساهمت كثيرا في إسباغ قدر كبير من الإبهار والهيبة على القصور والعاملين بها. ولازالت الأسطورة والإشاعة والخيال يطبعون أحاديث عموم الناس حول خدم وعبيد دار المخزن.
ففي عهد الملك الراحل الحسن الثاني كان المرء يحتار أحيانا، تارة يعاين ملكا متفتحا متشبعا بالثقافة الغربية في آخر صيحاتها وبالحداثة ، وتارة أخرى يعاين ملكا متشبثا بأعرق التقاليد وعاملا على إعادة إحياء، بقوة وحماس كبير، تقاليد عتيقة اندثرت أو كادت، أو مرسخا لاعتقادات قد تبدو أنها تتنافى مع العقل والنهج "الديكارتي" الذي كان يطبع تفكيره ومنهجه بامتياز؛ وهي ذات التقاليد التي احتفظ بها الملك محمد السادس بعد اعتلائه عرش البلاد
وعموما إن غنى المغرب يبدو بجلاء في حياة القصور التي تكلف ميزانية الدولة ما يناهز 2500 مليون درهم سنويا، يعمل فيها مئات من الخدم والعبيد، فكيف يعيش هؤلاء بداخلها؟ وما هي مهامهم وعلاقتهم بالمجتمع المغربي؟ هذه عينة من الأسئلة التي نحاول تجميع عناصر الأجوبة عليها بمغامرتنا في مجال دروبه بمثابة رمال متحركة تبلغ كل من يحاول الاقتراب منها