مند 11 ايلول (سبتمبر) 2001 والأمة العربية والاسلامية تتعرض لهجمات عسكرية وإعلامية، جعلتها غارقة في ويلات لاتعد ولاتحصي من فقر وتهميش وجهل وحروب... وأمام هذه الأحداث وتأزم الوضع القائم، يجد المواطن العربي نفسه تائها بين مشاكل بلده:تفاحش الفوارق الطبقية، الارتشاء، التجهيل، القمع، ومشاكل أمته حيث تتشابه الأوضاع، فصور التقتيل والاعتقال والنساء المنتحبات والشيوخ الباكون... في العراق لاتختلف عن مثيلاتها في فلسطين. ولاشك أن المواطن العربي الذي أنهكته الأزمات المتتالية، يطرح أسئلة كثيرة أهمها: لماذا كل هذه المآسي ومن المسؤول عنها؟ قد لايجد المواطن العربي صعوبة في معرفة مصدر هذه المآسي الذي هو الحالم العربي الذي لانجد وصفا يلائمه سوي أنه حاكم بارانوي. والبارانويا هي سمة لشخصية تتميز بالصفات التالية: تضخم الذات، الجمود العاطفي، الشك والخطأ في الحكم.
فقد بلغ حكامنا من الأنانية وتضخم الذات درجة مرضية (بفتح الميم والراء): فهم يجلسون علي عروشهم حتي يأتي الله بقدره، ولايتزحزحون قيد أنملة عن الحكم مهما كلفهم ذلك من مشاكل، ومهما كلف شعوبهم من تخلف وانحطاط. وتبرز نزعتهم المركزية الذاتية في إقصائهم وتهميشهم للطاقات البشرية الهائلة والفاعلة، بسجنها ونفيها وقتلها، والسجون العربية شاهدة علي كل أساليب التعذيب والوحشية التي تعرضت لها نخبة المثقفين والمفكرين والشعراء....، فإلغاء الآخر المعارض صفة يشترك فيها جميع حكام العرب، حتي يبعدوا كل المخاطر التي قد تحدق بعروشهم وعروش أبنائهم، إذ أصبح ثوريت الحكم مبدأ للملكيات والجمهوريات علي حد سواء. وهذا الإصرار علي الاحتفاظ بالسلطة جعلهم أكثرالحكام استبدادا وطغيانا.
أما الجمود العاطفي، فيظهر في عدم رغبتهم في إعادة النظر في مهامهم وفي طريقة تسييرهم للحكم، والبحث عن أسباب تخلف مجتمعاتهم، فهم يعتبرون أن الشعوب تخطئ باستمرار، وهم دائما علي صواب، ولا أدل علي ذلك من حاكم رفضه شعبه وعبر عن رفضه عبر اعتصامات واحتجاجات، ولم يتراجع عن قراره بالبقاء في الحكم.
وسمة أخري من سمات الحاكم البارانوية هي الشك، فهو لايشك في الأعداء، ولكن يشك في الشعب، فكلما ظهرت حركات إصلاحية تتوخي إنقاذ البلاد، إلا وشك الحاكم في مسيريها، فيلقي بهم في غياهب السجون حتي يكونوا عبرة لغيرهم: فقد دفع العديد من الأحرار في هذه الأمة، ثمن تضحياتهم باهضا عندما كانوا يدعون إلي الوقوف ضد الاختراق الأمريكي والصهيوني لأمتنا، ومع ذلك، لازال حكامنا يتشبثون بأهداب العرش الصهيوني والأمريكي، ونراهم الآن يتلهفون للحصول علي رضا بوش وأولمرت.
ومن سمات البارانويا الأخري التي، نجدها لدي الحكام العرب، فهي الخطأ في الحكم، فهم يوهمون أنفسهم وشعوبهم بأن الضامن لاستمرار استقرار بلدانهم هو تواجدهم في الحكم، ويزرعون فكرة أن إي محاولة لازاحة الحاكم لن تؤدي إلا إلي التفرقة والتقسيم والفوضي: فسابقا كان أعداؤهم هم الاشتراكيون، والآن، وجدوا أعداء آخرين هم الاسلاميين، يزجون بهم في السجون... ولم يتراجعوا عن أحكامهم ليعترفوا بأن الخطر الحقيقي الذي يهددهم آت من أمريكا وإسرائيل.
وتبلغ البارانويا ذروتها في هذيانات بعض الحكام العرب، عندما يدعي أحدهم أن الفلسطينيين في المهجر في حاجة إلي التعويض حتي لايفكرون في الرجوع إلي وطنهم، أما الآخر، فقد دعا الايطاليين إلي تحليل حمضهم النووي لكي يعثر علي أبناء شعبه المفقودين في الحروب الغابرة.
الدكتورة سميرة شمعاوي
باحثة في العلوم النفسية والاجتماعية
فقد بلغ حكامنا من الأنانية وتضخم الذات درجة مرضية (بفتح الميم والراء): فهم يجلسون علي عروشهم حتي يأتي الله بقدره، ولايتزحزحون قيد أنملة عن الحكم مهما كلفهم ذلك من مشاكل، ومهما كلف شعوبهم من تخلف وانحطاط. وتبرز نزعتهم المركزية الذاتية في إقصائهم وتهميشهم للطاقات البشرية الهائلة والفاعلة، بسجنها ونفيها وقتلها، والسجون العربية شاهدة علي كل أساليب التعذيب والوحشية التي تعرضت لها نخبة المثقفين والمفكرين والشعراء....، فإلغاء الآخر المعارض صفة يشترك فيها جميع حكام العرب، حتي يبعدوا كل المخاطر التي قد تحدق بعروشهم وعروش أبنائهم، إذ أصبح ثوريت الحكم مبدأ للملكيات والجمهوريات علي حد سواء. وهذا الإصرار علي الاحتفاظ بالسلطة جعلهم أكثرالحكام استبدادا وطغيانا.
أما الجمود العاطفي، فيظهر في عدم رغبتهم في إعادة النظر في مهامهم وفي طريقة تسييرهم للحكم، والبحث عن أسباب تخلف مجتمعاتهم، فهم يعتبرون أن الشعوب تخطئ باستمرار، وهم دائما علي صواب، ولا أدل علي ذلك من حاكم رفضه شعبه وعبر عن رفضه عبر اعتصامات واحتجاجات، ولم يتراجع عن قراره بالبقاء في الحكم.
وسمة أخري من سمات الحاكم البارانوية هي الشك، فهو لايشك في الأعداء، ولكن يشك في الشعب، فكلما ظهرت حركات إصلاحية تتوخي إنقاذ البلاد، إلا وشك الحاكم في مسيريها، فيلقي بهم في غياهب السجون حتي يكونوا عبرة لغيرهم: فقد دفع العديد من الأحرار في هذه الأمة، ثمن تضحياتهم باهضا عندما كانوا يدعون إلي الوقوف ضد الاختراق الأمريكي والصهيوني لأمتنا، ومع ذلك، لازال حكامنا يتشبثون بأهداب العرش الصهيوني والأمريكي، ونراهم الآن يتلهفون للحصول علي رضا بوش وأولمرت.
ومن سمات البارانويا الأخري التي، نجدها لدي الحكام العرب، فهي الخطأ في الحكم، فهم يوهمون أنفسهم وشعوبهم بأن الضامن لاستمرار استقرار بلدانهم هو تواجدهم في الحكم، ويزرعون فكرة أن إي محاولة لازاحة الحاكم لن تؤدي إلا إلي التفرقة والتقسيم والفوضي: فسابقا كان أعداؤهم هم الاشتراكيون، والآن، وجدوا أعداء آخرين هم الاسلاميين، يزجون بهم في السجون... ولم يتراجعوا عن أحكامهم ليعترفوا بأن الخطر الحقيقي الذي يهددهم آت من أمريكا وإسرائيل.
وتبلغ البارانويا ذروتها في هذيانات بعض الحكام العرب، عندما يدعي أحدهم أن الفلسطينيين في المهجر في حاجة إلي التعويض حتي لايفكرون في الرجوع إلي وطنهم، أما الآخر، فقد دعا الايطاليين إلي تحليل حمضهم النووي لكي يعثر علي أبناء شعبه المفقودين في الحروب الغابرة.
الدكتورة سميرة شمعاوي
باحثة في العلوم النفسية والاجتماعية