من طرف محمد ايهاب الأحد مايو 04, 2008 5:51 pm
رفيق الدرب
أن تصمت فيشك الناس أنك أحمق، خير من أن تتكلم فتتأكد هذه الشكوك !! مارك توين
بعض الناس يخالون أنفسهم الأذكى بهذا العالم ، و في كل مرة يتحدثون فيها ترى مكراً واضحاً على وجوههم ، مكر سيء في أبشع تجلياته ، هو مكر الغباء وحده لا مكر شيء آخر ، فلطالما إعتبرت كل من يحاول إستغباء الآخرين مجرد عنصر (إكس ) وصل قمة الغباء وتربع على عرشها ، و(إكس . (X يعرفها جيدا علماء الرياضيات و البيولوجيا و القيمون على مستودعات الاموات و ملاجئ الأطفال و العجزة ، ولها لدى كل واحد من هؤلاء معنى معين .
وبالنسبة لي تظل هناك حقيقة واحدة لا تناقش وهي كون الله وهبنا عقولاً مهمتها التفكير والتدبر ، و عليه فكل من يعمد إستغباء تلك العقول فإنما هو يسخر من صنيع الله في خلقه.
والإستغباء إذا اردنا تعريفه فهو ذاك الفعل الذي يكون لصاحبه قصد معين او نية مسبقة مع العمد والاصرار من وراء إقترافه ، فحين يظهر سياسي ما مثلا على شاشة التلفزيون الحكومي ليخبرنا أن تسعة من المعتقلين الإسلاميين قد إخترقوا الارض وفروا من أشهر السجون بالمغرب ، ثم يطلب منا بعد ذلك أن نصدقه فحينها يكون كمن ينومنا مغناطيسياً ثم يأمرنا بأن نلقي بعقولنا نحو حاويات الازبال ، لأن وحده حيوان الخلد المختص في حفر الأنفاق بما أعطاه الله من مخالب وأسنان قوية.
وحين تُنظم إنتخابات تشريعية (ماكيطية ) تُستنزف فيها ملايين الدراهم من جيوب الفقراء من دافعي الضرائب ثم تُسفر لنا بنهايتها عن وزير أول من ذوي السوابق العدلية فإنا هناك حتما من يُصر على إستغباء عقولنا.
عندما يُطبلون ويزمرون لإصلاح تعليمي و يبدأ العمل به وتخصص له ميزانيات من جيوب البسطاء ، ثم بعد أقل من عقد يأتي تقرير البنك الدولي ليخبرنا أننا بذيل القائمة و أننا نتجه نحو الأسوأ ، فهذا يجعلنا نشك بأن إستغباء عقولنا فعل مخطط له.
حين ترى الأمور توكل لغير أهلها ، وترى أن المختص في علم النفس اصبح وزيراً للعدل ، وكراب الخمور وزيرأ للداخلية ، والممثلة على المسرح وزيرة للثقافة ، و ترى المحامية وزيرة للصحة ، ثم ترى جنرالاً عسكرياً يرأس إتحاداً لكرة القدم ، و أن الناطق الرسمي مصابٌ بداء التأتأة حينها تتأكد مرة اخرى أنهم يسخرون من عقولنا.
حين يخبرونك أن الوطن يعيش جفافاً و ترى مدير الارصاد يحذر من شح المطر ، ثم ترى نفس الوطن يحتضن مهرجانا دولياً للفلاحة فحتماً وحتماً غليظةً هناك من يستلذ بإستغباء عقولنا.
حين تسمع عن شيخ يبلغ أربعة وتسعين سنة يموت بالسجن بعد أن حوكم بتهمة إهانة المقدسات ( الله - الوطن - الملك ) ، وتسمع عن شيخ آخر قضى 10 اشهر بنفس التهمة ، حين يُعذب شاب ويُختطف ثم يحكم عليه بثلاث سنوات نافذة لأنه إختار إسم واحد من أمراء العائلة المقدسة ليكون إسماً مستعاراً له على موقع الفايس بوك ، وبعد كل هذا وذاك ترى آلاف المسؤولين الذين يهينون الوطن بشكل رسمي ، يخدعون الملك ويسبون الرب والشعب ، و لا هم يحاكمون و لا هم يحزنون بل في مكاتبهم وفللهم يمرحون ،فحينها ألا تتفق معي أن هناك من يستغبي عقولنا ؟
حين ترى آلاف الأطرالمعطلة تنهال الهراوات بالرباط على ظهورها ثم يأتي مؤخراً نبأ تعيين وزير العلاقة مع البرلمان لإبنه مستشارُ تقنياً بنفس وزارته ، وخبر سابق عن تعيين وزيرة الثقافة لزوجها بديوان وزارتها ، و حين ترى الاصهار والانساب والجيران والمعارف قد إستعمروا وإستولوا على كل الكراسي ومعها الطاولات حتى ، ثم ترى طاقات الوطن تجتر مرارة العوز و العطالة، فتأكد حينها أننا شعب مغلوب ، تقود أموره حكومة من الحمقى والأغبياء.