عندما يدوس حسن أمين البنا بحذر شديد على دواسة البنزين في سيارته الاجرة بلونها الاصفر الفاقع تنبعث رائحة غريبة من انبوب العادم .. رائحة وجبات سريعة مقلية في الزيت.
وفي مواجهة نقص مزمن في الوقود بسبب الحصار الاسرائيلي واضراب الموزعين الفلسطينيين احتجاجا على وضع سقف للامدادات يقوم سائقو السيارات الاجرة في قطاع غزة بملء خزانات الوقود بزيت طهي الطعام وغالبا ما يقومون بجمع الزيوت المتخلفة من الباعة في الشوارع.
وقال البنا (40 عاما) في موقف سيارات الاجرة الرئيسي في مدينة غزة "الامر يختلف عن القيادة بوقود الديزل .. يحتاج الأمر لوقت لتشغيل السيارة في الصباح."
وقال "انني اعرف انه أمر سيء لسيارتي لكن علي ان ادفع تكاليف اطعام أطفالي ولذلك ما الذي يمكنني عمله ..."
المضخات في محطات البنزين في غزة أصبحت مهجورة منذ عدة اسابيع لكن توجد أكوام من صناديق زيت الطهي المصنوع من فول الصويا وبعضه مهرب من مصر عند موقف سيارات الاجرة في المدينة الرئيسية في الاراضي الفلسطينية الفقيرة.
ويقول السائقون انهم يخلطون زيت الطهي بزيت التربنتينة قبل وضعه في خزان الوقود. والزيت المستعمل أفضل من الطازج لذلك هم يستجدون أو يشترون الزيوت المستعملة المتخلفة من الباعة الجائلين الذين يبيعون الفلافل.
وقال يحيى كرم (21 عاما) وهو يضع كراتين الزيت في اكوام إلى جانب سيارات الاجرة التي تنتظر "اعددت هذه الاكوام في الاسبوع الماضي عندما شاهدت سائقي سيارات الاجرة يضعون زيت الطهي في سياراتهم."
وأضاف "انني ابيع نحو 70 كرتونة زيت يوميا.. واعتقد ان معظم سائقي سيارات الاجرة الذين مازالوا في الشوارع يقومون بتشغيل سياراتهم بهذه الطريقة."
وخفضت إسرائيل بشدة كمية الوقود التي تضخها في قطاع غزة في إطار تشديد القيود على القطاع بعد أن سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) عليه في يونيو/حزيران الماضي.
ونضبت الامدادات المحدودة منذ ان اضربت رابطة اصحاب محطات الوقود الفلسطينية هذا الشهر للاحتجاج على القيود ومنعوا استلام مليون لتر من وقود الديزل والبنزين في الخزانات في جانب غزة من الحدود.
والقيود التي تفرضها اسرائيل على زيت الطهي أقل صرامة من القيود التي تفرضها على الوقود وان كانت منظمات الإغاثة تقول ان الامدادات بدأت تقل الآن بعد استخدامها في تسيير السيارات. كما ان الاسعار ترتفع.
ونددت المنظمات الدولية بالحصار الإسرائيلي لكن الدولة اليهودية تقول ان هدفها هو كبح جماح الناشطين الفلسطينيين الذين يطلقون صواريخ على إسرائيل ويستهدفون معابرها الحدودية.
ويشتري بعض السائقين وقود الديزل الذي يتم تهريبه من خلال الانفاق من مصر في السوق السوداء. لكن سعر اللتر يبلغ 20 شيقلا اسرائيليا (5.76 دولار) وهو ما يعادل ثلاثة أمثال السعر في اسرائيل ويتجاوز قدرة معظم سكان غزة الذين يعيش أكثر من نصفهم في فقر.
ويقوم اخرون بتشغيل سياراتهم باسطوانات غاز الطهي لكن هناك نقص في هذه الامدادات أيضا. ويتنقل كثيرون باستخدام الحمير أو الدراجات.
ونقص الوقود اصاب أيضا نظام الصرف الصحي المتهالك في القطاع وتدفقت مياه الصرف الصحي على شوارع مدينة غزة الاربعاء عندما توقفت مضخة رئيسية عن العمل بسبب نفاد وقود الديزل لمولدات الدعم أثناء انقطاع الكهرباء.
وبدأ احمد البلتاجي الذي يعمل في منفذ لبيع الفلافل عند موقف للسيارات الاجرة في بيع مخلفات الزيت للسائقين منذ عشرة أيام.
وقال البلتاجي "انه يجعل رائحة السيارات مثل رائحة مطبخ .. انك تشعر ان الفلافل تتبعك."
وقال "في الاسبوع القادم سيستخدمون الماء."