[size=24] [center]]
دواء العشق لابن القي
مباسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ,,,فالعشق مرض إذا تمكن واستحكم عز على الأطباء دواؤه وإنما حكاه الله -سبحانه وتعالى -في كتابه عن طائفتين من الناس من النساء (عاشقة يوسف)وعشاق الصبيان المردان(قوم لوط))وعشق الصور أنما تبتلى به القلوب الفارغة عن محبة الله -عزوجل-المعرضة عنه المتعوضة بغيره عنه وقد قال تعالى(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء)فدل على أن الإخلاص سبب لدفع العشق
قداستقرت حكمة المولى في خلقه وأمره على وقوع التناسب والتآلف بيين الأشباه وانجذاب الشيء إلىموافقه ومجانسه في الطبع وهروبه من مخالفه ونفرته عنه قال تعالى(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجهاليسكن إليها)فجعل سكون الرجل إلى زوجته لكونها من جنسه وجوهره فدل على أن العلة في الحب ليست بحسن الصورة ولا الموافقة في القصد والإرادة ولا في الخلق والهدي وإن كانت هذه أيضا من أسباب السكون والمحبة
وقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:الأرواح جنود مجندة،فماتعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)فإن كان مما للعاشق سبيل إلى وصل محبوبه (أي بالزواج)فهو علاجه كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-"لم نر للمتحابين مثل النكاح"و‘ن كان لا سبيل إليه قدرا (أي بالقدرة)أوشرعا فمن علاجه إشعار نفسه اليأس منه فإن النفس متى يئست من شيء استراحت منه فإن لم يزل مرض العشق باليأس فقد انحرف الطبع انحرافا شديدا فينتقل إلى علاج آخروهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع فيه هو نوع من الجنون وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس وروحه متعلقة للصعود إليهاو الدوران معها في فلكها
فإن لم تجبه نفسه إلى هذا العلاج فليتفكرفيما قد يخسره من لذة أبدية دائمة مقابل هذه اللذة العابرة التي قد تصحبها آلام وتبعاتها أشد من فوت المحبوب
فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء فلينظر ما تجلبه عليه الشهوة من مفاسد عاجلته وما تمنعه من مصالحه فإنها تسلبه رشده الذي هو ملاك أمره وقوام مصالحه
فإن لم تقبل نفسه هذا الدواء فليتذكر قبائح المحبوب فالمساوئ داعية البغض والنفرة وليجاوز بصره حسن الصورة إلى قبح الفعل فإن عجزت عنه هذه الأدويةلم يبق له إلا صدق اللجإ إلى من يجيب المضطر إذا دعاه وليطرح نفسه بين يديه على بابه مستغيثا به متضرعا متذللا فمتى وفق لذلك فقد قرع باب التوفيق فليعف وليكتم ولا يشبب بذكر المحبوب ولا يفضحه بين الناس فإنه يكون ظالما معتديا