لحظة قوية في تاريخ المغرب ومبعث اعتزاز وفخر
الرباط: لحظة قوية ووضاءة في تاريخ الأمة المغربية تلك التي جسدتها الأحد في الرباط القوات المسلحة الملكية في استعراض وطني كبير جاب أبرز شوارع العاصمة الرباط, ليظل راسخا في الذاكرة الجماعية لكافة المواطنين بما يحمله من معان ومغاز عميقة. لحظة ترأسها الملك المغربي محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، مرفوقا بالأمير مولاي رشيد. اتخذ هذا الاستعراض الكبير مسارا متميزا في أبرز محطاته ذات الرمزية التاريخية العالية عبرت عنها أسماء الشوارع، شوارع "محمد الخامس" و"ابن تومرت" و"مولاي الحسن"، التي جابتها الوحدات والفيالق المشاركة في الاستعراض. جاء هذا الاستعراض الكبير ليتوج مختلف التظاهرات والأنشطة الاحتفالية التي انطلقت منذ بداية السنة احتفاء بالذكرى الخمسينية لتأسيس القوات المسلحة الملكية والتي شملت تظاهرات من أبرزها إقامة أبواب مفتوحة في عدد من القواعد العسكرية على امتداد مجموعة من مدن المملكة وهي المبادرة التي أتاحت للمواطن المغربي من مختلف الشرائح الاجتماعية التعرف عن قرب إلى المؤسسة العسكرية من خلال مهامها وعتادها وأنشطة مختلف فيالقها ووحداتها
ولأن المرأة المغربية حاضرة في كل مناحي حياة المجتمع كان تواجدها في صفوف القوات المسحلة الملكية بمختلف تشكيلاتها. وكانت مشاركة المرأة المغربية خلال هذا الاستعراض فرصة أخرى لإبراز مساهمتها الفعالة في جميع مكونات القوات المسلحة الملكية والتأكيد على أن الدفاع عن حوزة الوطن وصيانة كرامته ليس حكرا على الرجل فقط, كما أبرز الاستعراض من جهة أخرى ثمرة تكوين العنصر البشري كخيار محوري اعتمده المغرب في مختلف القطاعات
و قد أعاد الاستعراض العسكري إلى أذهان المغاربة سواء منهم الذين هبوا لتتبع هذا الحدث عن قرب وحرصوا على عدم تفويت هذه اللحظة التاريخية بامتياز أو أولئك الذين شاهدوه مباشرة على شاشات التلفزة, لحظات مجيدة في المسيرة الحضارية للمغرب ومحطات أبانت فيها هذه القوات, وباستحقاق, عن شجاعة نادرة للذود عن حمى الوطن وثوابته
كما أتى هذا الاستعراض الكبير ليذكر بالتفاني المتفرد للقوات المسلحة الملكية بمختلف مكوناتها كلما استدعت الضرورة تدخلها سواء على الصعيد الوطني أو الدولي في مهام إنسانية نبيلة. إذ لا يخفى دور هذه القوات في المساهمة في الحفاظ على السلم بعدد من بؤر التوتر في العالم وتدخلها الإنساني في لحظات عصيبة مثل زلزالي أكادير والحسيمة
رسمت فيالق ووحدات القوات المسلحة الملكية وكذا الوحدات الأجنبية التي جاءت لتشارك هذه القوات عيدها اليوم في الرباط, لوحة بهية متناسقة رصعتها مكونات متميزة سواء على مستوى التنظيم أو انسجام الحركة أو الزي العسكري المميز أو نغمات الموسيقى التي عزفتها فرق عسكرية بفنية واحترافية عاليتين
عادت هذه المعزوفات بالمغاربة إلى ذكريات خالدة من تاريخهم حيث تم عزف مقطوعات تحيل إلى مرحلة الكفاح والاستقلال ثم مرحلة البناء والنماء وأخرى تحيل إلى ملحمة المسيرة الخضراء المظفرة
هذه المكونات الصوتية والمرئية والأجواء الاحتفالية نجحت في جعل المتتبعين والمشاهدين يشاطرون هذه القوات عيدها بمناسبة مرور نصف قرن على تأسيسها, نصف قرن من التضحيات والتفاني في نصرة القضايا العادلة والثوابت الخالدة للمملكة
كما أن هذا الاستعراض الذي احتضنته الرباط اليوم ليؤكد الدور المحوري الذي تقوم به القوات المسلحة الملكية في صون كرامة الوطن وعزته ونصرته وهي تواكب متطلبات العصر مع الحفاظ في الوقت نفسه على موروثها وتقاليدها التاريخية.
والأكيد أن الحضور المكثف والقوي للمواطنين, أطفالا وشيوخا ونساء وشبابا, الذين توافدوا منذ الساعات الأولى لنهار اليوم على امتداد مسار الاستعراض, لهو تعبير عن الامتنان والعرفان بالسجل الحافل للقوات المسلحة الملكية وشعور بالاعتزاز إزاء هذه القوات التي تبعث على الفخر في نفوس جميع المغاربة
القوات العسكرية: دفاع عن الوطن و انخراط في الحياة
منذ إنشائها حرصت القوات المسلحة الملكية على الجمع الدائم بين مهمتها الأساسية المتمثلة في حماية الوحدة الترابية وضمان الأمن والاستقرار والانخراط الفعلي في الحياة الاجتماعية والثقافية والتنمية المستديمة للبلاد
و شكل أفراد القوات المسلحة الملكية قيمة مضافة من خلال تقديم الخدمات الصحية والتدخلات التنموية وتنشيط الحياة الثقافية, والأنشطة الرياضية, تفعيلا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية
هكذا وفي إطار تخليد الذكرى الخمسينية لتأسيس القوات المسلحة الملكية, نظمت هذه الأخيرة حملات طبية لفائدة الساكنة على امتداد ربوع المملكة. وتقوم هذه المبادرات على تقديم فحوصات وخدمات طبية مجانية في تخصصات متعددة للسكان المدنيين, وأساسا في بعض الاختصاصات التي تعرف نقصا في بعض المناطق. ولقد عبأت القوات المسلحة إمكانيات هائلة لإنجاح الحملات الطبية, وذلك من خلال إقامة مستشفيات عسكرية متنقلة مجهزة بآليات الطب الإشعاعي والإنعاش وطب العيون وغرف للعمليات ومختبرات للتحليلات وعدد من القاعات للاستشفاء
كما تمت تعبئة سيارات الإسعاف والشاحنات الخاصة بطب الأسنان, بالإضافة إلى صيدلية لتوزيع الأدوية مجانا على الساكنة, وكذا الوسائل اللوجيستيكية الملائمة لطبيعة تلك الحملات
وقد سهر على حسن سير هذه التدخلات الصحية, طاقم متكامل من الأطر الطبية والأطباء الأخصائيين والأطر الطبية الموازية, فضلا عن مشاركة بعثات طبية من عدد من البلدان الشقيقة والصديقة. /يتبع/ تح/س ت/ /ش م/ * ومع141447 جمت ماي2006
أما تدخلات الفرق الطبية, فقد شملت مجموع ميادين الاستشفاء من قبيل طب العيون والطب الداخلي والأمراض الجلدية وأمراض النساء والولادة وأمراض المفاصل والروماتيزم وأمراض القلب وأمراض الأنف والحنجرة وطب الأطفال وجراحة الأسنان
وإلى جانب هذه الاستشارات, أجريت اختبارات تكميلية في البيولوجيا والفحص بالأشعة بالإضافة إلى إجراء عمليات جراحية لإزالة تكثف عدسة العين
وقد همت هذه الحملة التي تمثل ترجمة حقيقية على أرض الواقع للانخراط والتعبئة الدائمة للقوات المسلحة الملكية في المبادرة الوطنية للتنمية البشرية, العديد من جهات المملكة كالحسيمة وطانطان وأكادير والرشيدية ومراكش وورزازات وبولمان
ومن أجل ضمان نجاح هذه العمليات الانسانية وإقبال المواطنين على الاستفادة من خدماتها, فقد تم تنظيم العديد من حملات التوعية والتحسيس استهدفت ساكنة المناطق التي تستقبل الحملات العسكرية, وذلك بمبادرة من التمثيليات الصحية الجهوية والاقليمية والسلطات المحلية والمجتمع المدني
أما على مستوى الرياضي فتم تنظيم لقاءات وأيام رياضية بتنسيق مع الجهات المختصة تجمع المدني والعسكري في التحام دائم. واستمرارا لأعمالها من أجل وقاية الغابات من الحرائق وحفاظا على البيئة المغربية وحماية الموروث الطبيعي, تحرص القوات المسلحة الملكية على القيام بحملات واسعة للتشجير
وفي سياق الرعاية الاجتماعية والانسانية نظمت المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية بتعاون مع القوات الملكية الجوية والبحرية الملكية يومي13 و23 أبريل الجاري على التوالي بمكناس والدار البيضاء "يوما للطفل ذي الطاقة المحدودة", يهدف إلى إشراك هؤلاء الأطفال في تخليد هذه الذكرى الخمسينية
وبرمجت هذه المبادرة قيام الأطفال بالنسبة لمدينة مكناس في القاعدة الجوية الثانية للقوات المسلحة الملكية بجولة بطائرة مروحية فوق مدينة مكناس ونواحيها, أما بالنسبة لأطفال الدار البيضاء فقد خصص له البرنامج جولة في البحر بسفينة تابعة للبحرية الملكية
كما اشتمل البرنامج على أنشطة ترفيهية لفائدة مائة طفل من ذوي الطاقة المحدودة, وإعداد لباس رياضي لفائدتهم للمشاركة في العديد من المسابقات الرياضية ومنحهم جوائز في نهاية التظاهرة
وفي إطار انفتاح المؤسسة العسكرية على محيطها وتعريف المواطنين بمؤهلاتها وانجازاتها تم تنظيم معارض وملتقيات وأيام دراسية تهم موضوع الجيش والمجتمع, وتروم إبراز الجوانب الاجتماعية والثقافية والحضارية الكبرى للتاريخ العسكري بالمغرب, وتسليط الضوء على مهام ووظائف القوات المسلحة الملكية ودورها في خدمة الوطن